يروي لي صديق، أنهُ ذات مرةٍ وهو في المعركة، إشتد القصف عليهم، وكان زميلهُ قد شرع بالصلاة، يقول صديقي: فزحفت حتى دخلت الخندق(الموضع) لأحتمي به، لكن زميلي إستمر في صلاتهِ، وكأنهُ لا يسمع شيئاً حوله، وأنا أنظر إليهِ بدهشة، حتى إذا فرغ من صلاتهِ، وقرأ السلام، بدأ بالتسبيح، فبادرتهُ ألا ترى القصف؟! تعال وأدخل معي، قال: من كان في ركب الحسين فلا يخاف الموت، بل الموت يخاف منهُ…
جنود الطف وسلالتهم بُعثوا اليوم من جديد، ليقاتلوا من تبقى من سلالات الوحوش القذرين، سلالات بنو أمية وبنو مروان، سلالات قتلة النبي يحيى… جنودٌ قَصَصَهم حيرت العقول، وأجفلت الأذهان، على أن تفسر ما يصنعون، وكيف يحاربون… إنها مدرسة الحسين، إنها مدرسة الإنسانية الحقة، إنها مدرسة الإسلام، إنها مدرسة الطف…
الويلُ كُلَّ الويل، لمن فارق ركب الحسين، “إنهُ لن يدرك الفتح”، كما عَبَّرَ صاحب الركب، لقد كان إختيار جنود الطف بعناية كبيرة، فلم يكونوا جنوداً عاديين البتة، وإنما ولدوا ليكونوا في ركب الحسين، ولدوا ليقهروا الموت، ولدوا ليقهروا الطغاة، جنودُ الطف ليسوا الذين أُستشهدوا فقط، وإنما الإستشهاد كان الخطوة الأولى، حيث تلتها مسيرة الأربعين، في خطوةٍ ثانية أزالت عرش يزيد…
حتى إذا ما تسارعت الخطوات، عَبر حُقب التاريخ المتلاحقة، أولدت جيش الطف المرتقب، الذي سيُزلزل الأرض تحت العروش والكروش، جيشٌ لا يعرف إلا الحسين، قائداً وشعاراً، يحمل في قلبهِ الطمأنينةَ والتسليم، يسير على الصراط المستقيم، سحق داعش وسيسحق الفاسدين، من النواصب والمارقين، والخوارج والناكثين، في يومٍ كان مقدارهُ أسوءُ مما يتوقعون…
في صورةٍ أذهلت الأصدقاء والأعداء، لرجلٍ شيبةٍ من المتطوعين، الذين لبوا نداء الوطن والدين، وهو يتوسد التراب، ليأخذ قسطاً من الراحة والنوم، بعد سحق عناصر داعش، في عمليات تحرير نينوى، في رسالة واضحة إلى قوى الأرهاب، أن يعلموا أيَّ أُناسٍ يحاربون…
بقي شئ…
مصر الحبيبة، بدأت تختطُ طريقها الصحيح، وتقتدي بالحسين، رمزاً وقائداً، كما كانت على مر العصور والدهور، لا يمنعها مانعٌ عن نصرة أهل البيت والحق، نتمنى أن تخطو خطوات مباركة في ذلك.