23 نوفمبر، 2024 1:04 ص
Search
Close this search box.

من أين تحصل داعش على الأسلحة والمواد المتفجرة؟!!

من أين تحصل داعش على الأسلحة والمواد المتفجرة؟!!

منذُ أن بدأت تتردد على مسامعنا أخبار التشكيلات الدينية المتطرفة بدءً بحركة طلبان والقاعدة في أفغانستان والعالم ومروراً بداعش (جاءت تسمية داعش كمختصر من جمع الحروف الأولى من “دولة الخلافة عراق ـ شام”) والنصرة وغيرها من التنظيمات، ودول المنطقة والعالم في قلقٍ دائمٍ على السلمِ العالمي وعلى أمن بلدانهم وسلامة مواطنيهم.
وقد أخذ أمر تلك التنظيمات مساراً آخراً وإهتماماً دولياً واسعاً بعد تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك وضرب البنتاغون مبنى قيادة وزارة الدفاع الأمريكية في الحادي عشر من أيلول سنة 2001م، والذي أصبح يوماً مشهوداً يتم إحياء ذكراه الآليمة كل سنة في الولايات المتحدة الأمريكية.  
كذلك بات أمر تلك التنظيمات أخطر وأشد بتبني “داعش” لسلسلة من التفجيرات الدموية في الكثير من العواصم الأوربية، وإحتلالها لأكثر من ثلث الأراضي العراقية وثلثي مساحة سوريا تقريباً بأيام قلائل، ودخولها الى الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد في التاسع من حزيران سنة 2014م، وتبنيها لطرق بربرية في القتل والتدمير لم يشاهدها أو يسمع بها العالم من قبل، وفرض الفتاوى الغريبة عن منطق العصر، وحيثُ أذهلت العالم ليس بقوة تنظيمها وتنامي قدراتها فحسب، وإنما بهشاشة القوات المدافعة عن الموصل وضعف إدارة قادتها الميدانيين، ومن ثمّ إعلان خليفة داعش “أبو بكر البغدادي” دولة الخلافة الإسلامية بعاصمتها الموصل!!!.لذا سأحاول في هذه المقالة طرح التساؤلات التي شغلت المختصين والعامة من الناس في العالم أجمع عن كيفية حصول تلك التنظيمات وأخص بالذكر منها “داعش” على أسلحتها ومعداتها الحربية؟، ومن هو ممولها؟، وغيرها من التساؤلات التي لم يجد المتتبع والقارئ العادي الأجوبة لها.
فمن ناحية التسليح فإن الجميع يعلم من أن الكثير من المعدات الحربية الثقيلة والمتوسطة والخفيفة قد حصلت عليها داعش من إحتلالها للموصل في العراق والرقة في سوريا والمناطق الأخرى في هذين البلدين، لكن السؤال الأهم يبقى من أين حصل هذا التنظيم على المواد شديدة الإنفجار مثل (TNT) و(C4) وغيرها من المواد المحظورة دولياً وبكمياتها الكبيرة، وحيثُ يخضع تداولها الى رقابة شديدة من قِبَل المخابرات العالمية الأشهر في العالم!!!، والتي لا تمتلكها دول مثل العراق وسوريا لعدم حاجة الجيوش النظامية لها، وإنما ينحصر إستخدامها بين المنظمات الإرهابية؟؟؟!!!.
ولو أفترضنا جدلاً من أنّ داعش وهي حديثة التكوين نسبياً قد إستطاعت فتح خطوط الإتصالات مع منظومة تجّار الأسلحة ومافياتها ومد جسور الثقة معهم لتزويدها بما تحتاجه من هذه المواد المحظورة، لكن من الصعوبة عليها وعلى من يزودها بإحتياجاتها هذه الإستمرار لأكثر من سنتين في ضخ مئات الأحزمة الناسفة وعشرات الأطنان من المواد شديدة الإنفجار والطائرات المسيرة بدون طيّار لإستخدامها كقنابل تُقذف من الجو دون أن تقع تحت رقابة أعين المخابرات العالمية والأجهزة الأمنية الأخرى!!!، خاصة وإن دولتها الإسلامية من المفترض إنها محاصرة من جهاتها الأربع بدول قسم منها خصومها مثل العراق وسوريا، والأخرى تدعي محاربتها لداعش مثل تركيا والإردن، إذن من أين تأتيها الأسلحة والمواد المتفجرة!!، هل تأتيها من السماء!!، خاصة وإن هذه المواد لها ضوابطها ومحاذيرها العالية الدقة في طريقة شحنها!!!.وجميعنا نتذكر أزمة الطائرتين التابعتين للتحالف الدولي والقادمتين إحداهما من قاعدة الكويت والأخرى من قاعدة أنجرليك التركية والتي عثرت في داخلها لجنة التفتيش في مطار بغداد الدولي على أسلحة كاتمة للصوت وأسلحة خفيفة ومتوسطة، واللتين كانتا متوجهتين الى إقليم كردستان، وحيثُ تمّ إيقافهما وأمرهما بالعودة من حيثُ أتت دون إتخاذ الإجراءات القانونية بإيقاف طاقم الطائرتين ومسائلتهم، وهذا ما صرّح به رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي للسومرية نيوز في يوم الأثنين الموافق 02 تشرين الثاني 2015م، وكما هو مبين على الرابط أدناه:
 http://www.alsumaria.tv/mobile/news/150627/iraq-newsوسؤالنا ماذا تفعل قوات التحالف الدولي باسلحة كاتمة للصوت؟؟!!، ولِمن أساساً كانت هذه الشحنة متجهة؟؟!!، ولماذا لم تتخذ السلطات العراقية الإجراءات القانونية بحقها كما هو متعارف عليه دولياً أو على الأقل مصادرتها؟؟؟!!!. كذلك السيارات ذات الدفع الرباعي الحديثة وباعدادها التي تصل الى الآلاف والتي تم شحنها من أشهر الشركات العالمية، وحيثُ حورتها داعش في غالبيتها الى عجلات مسلحة بمدافع الرشاشة، إضافة الى حصولها على سيارات أخرى عليها علاماتها وتخصصاتها كسيارات “الحسبة” وغيرها وبشكلها والوانها الموحدة!!!، والتي يبدو بإنها قد تمّ شحنها من منشأها جاهزة ومكملة، وإلا فإن داعش تحتاج الى جيش آخر من المتخصصين والفنيين والعمال المَهَرَة والى المعدات الفنية الحديثة والى جهدٍ كبيرٍ لتحديث وتحوير تلك العجلات الى ما هي عليها الآن وبزمن قياسي لإدخالها في الخدمة!!!، وهذه الجهود تحتاج الى دراسة لسنوات لتهيئة عوامل نجاحها وليس وليدة اللحظة التي خرج فيها أبو بكر البغدادي ليعلن تكوين دولته الإسلامية!!!.والرابط أدناه يبين بعض المصادر المشكوك بتسهيلها لحصول داعش على سياراته منها:
https://arabic.rt.com/news/796145-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%AA%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%AA%D8%A7-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82/ولو إفترضنا جدلاً أيضاً من أن لداعش بعض الخبراء الميدانيين والمتخصصين الذين التحقوا بها وساعدوها في بناء مصانعها المحلّية البدائية لصناعة الأحزمة الناسفة وتفخيخ العجلات وتحوير الأسلحة البسيطة الى أسلحة أكثر فاعلية، لكن السؤال الذي يبقى قائماً: من أين لهم القدرة على ديمومة الحصول على تلك المواد شديدة الإنفجار لإستمرار مصانعهم في إنتاج العبوات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة!!!، وحيثُ من المعروف عنهم إفراطهم في إستخدامها وبشكلٍ يكاد أن يكون يومياً، مع إفراطهم بإطلاق العيارات النارية من مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بمناسبة أو بدونها!!!، ودون الأخذ بنظر الإعتبار صعوبة حصولهم عليها!!!.  
وبحسابات بسيطة لمقدار المتفجرات التي أستخدمها الدواعش ضد المدن العراقية بالعجلات المفخخة والعبوات اللاصقة والأحزمة الناسفة مضافاً اليها المتفجرات والقذائف والأسلحة الأخرى التي أستخدموها في معاركهم ضد الجيش العراقي وجحافل الحشد الشعبي لعرقلة تقدمهم لتحرير الأراضي من سيطرتهم، مضافاً اليها نفس الكميات من الأسلحة التي أستخدموها في سورية وأماكن أخرى في العالم، ومضافاً اليها أكداس الأعتدة والمخازن التي دمرها طيران التحالف والطيران الوطني، وحيث لا يكاد يمر يوماً دون سماعنا لتدمير مخزن للعتاد والمتفجرات لداعش، لوجدنا بأن ما حصلوا عليه من سيطرتهم على المدن العراقية والسورية ومخازن الجيش فيها لا يكفيهم لأكثر من سنة على أبعد الإحتمالات؟!!، إذن من أين لهم الإستمرار بالحصول عليها، خاصة والجميع يعلم بأن هذه الأسلحة تحتاج الى الممول (السرّي) الذي لا يُسْتَبْعد من أنه يكون ضمن دائرة الشك وتحت  مجهر المخابرات الدولية!!.وهنالك أخبار غير مؤكدة تذهب الى حصول دول الإتحاد الأوربي على معلومات مؤكدة ستنشرها بداية السنة القادمة (2017م) عن تورط وزارة الدفاع لإحدى الدول المجاورة للعراق في عقود شراء الأسلحة التي تم تمريرها لعناصر داعش!!.
فتاجر السلاح (الغير شرعي) لا يعطي إطلاقة مسدس واحدة دون أخذ ثمنها أضعافاً مضاعفة عن سعرها الحقيقي للمنشأ، وهذا هو السبب الرئيسي للمغامرين والمقامرين من تجّار الأسلحة الغير شرعيين للإستمرار بتجارتهم المحظورة والخطرة، وحيثُ يكونوا في كل لحظة معرضين فيها للملاحقة والمطاردة والمسائلة القانونية الدولية ومعرضين كل ثروتهم التي جمعوها للمصادرة فيما بعد (الحقيقة جميع صفقات الأسلحة التي تتم خارج نطاق الأتفاق بين الدولة المصدرة والدولة المستوردة وعبر القنوات الرسمية تكون غير شرعية)، إذن من أين يموّل داعش بعشرات المليارات من الدولارات لتغطية نفقاته العسكرية المضاعفة الثمن عن سعرها الحقيقي!!، إضافة الى نفقاته الإقتصادية الأخرى وتجهيزاته العسكرية الغير حربية وتجهيزاته الخدمية والرواتب السخية لمنتسبيه وغيرها من المصاريف، فهي دولة قائمة بذاتها تحتاج الى ما تحتاجه الدول الأخرى من ميزانية وبأضعاف مضاعفة لحصولها على إحتياجاتها من السوق السوداء وكما أسلفنا!!.
ربما سيقول من يقول من أن داعش سيطرت على مناطق نفطية وأخرى غنية بالفوسفات وبقية المعادن الأخرى وإستطاعت أن تغطي تكاليفها من مردودات تلك الثروات، لكن السؤال الذي يبقى قائماً: هل أن تلك المردودات كانت كافية مع إنخفاض سعر النفط، وإنخفاض أكثر بكثير لسعر برميل النفط الخام القادم من داعش لترغيب المستهلك للمجازفة الغير قانونية لشرائه وصعوبة تسويقه ومشاركة المسوّق لداعش بأخذ حصته التي قد تصل الى 50% من المردودات (أثبتت صور الأقمار الصناعية تورط دولة إقليمية بتصريف نفط داعش)، وكمثال بسيط: فلو كان سعر برميل النفط الخام في السوق العالمية (50) دولار، فإن داعش لا تستطيع بيعه للمستهلك (السرّي) بأكثر من (25) دولار لترغيبه في شرائه، يستقطع نصفها كعمولة للتاجر أو الدولة المسوّقة فتحصل داعش على (12.5) دولار للبرميل الواحد أو ربما أقل.والرابط أدناه الذي عرضته فضائية (RT) الروسية يعطي بالدليل القاطع تورط دولة إقليمية بالمساعدة في تهريب النفط لصالح داعش وتسويقه:https://www.youtube.com/watch?v=LdCl-irIPQY
والرابط أدناه ينوه الى نجل رئيس تلك الدولة الأقليمية بإحتمال تورط شركته بموضوع تهريب النفط وبيعه لصالح داعش:https://www.youtube.com/watch?v=0Yos_SH1v4k
ولو قارنا قدرة دول المواجهة لداعش (أي العراق وسوريا) بقدرة داعش ودولتها الإسلامية (المحاصرة) من كل دول العالم (كما يدعون) على تأمين متطلباتها العسكرية والإقتصادية والخدمية بكافة أشكالها، وتأمين متطلبات المواطنين المحصورين تحت إدارتها في المناطق التي سيطرت عليها، لوجدنا قدرة داعش أسهل بكثير من قدرة تلك الدول بحكوماتها وميزانياتها وإمكانياتها المالية والإقتصادية الضخمة كالعراق مثلاً!!، وحتى سوريا (التي عليها عقوبات من بعض الدول الغربية) لكنها تعتمد بتعاملاتها على الشرعية الدولية ولها ضماناتها وتعاقداتها الرسمية للحصول على إحتياجاتها العسكرية والإنسانية، ولا يزال لديها مقعد في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
 إذن مَنْ هو (عرّاب) داعش الخارق الذي يسهّل لها كل هذه المتطلبات وخاصة العسكرية منها، مع وضع الخطط الإقتصادية والحياتية لها؟؟؟!!!.
فلم نسمع يوماً من أنّ داعش قد نفذت ذخيرتها أو قلّت إمداداتها بشكلٍ عملي في الميدان، فقط سمعناه من خلال الحرب الإعلامية لدول التحالف الدولي لإثبات فعاليتهم في ضرباتهم الجوية، ولو أحصينا أكداس العتاد ومخازن الأسلحة ومصانعها التي دمرتها طائرات التحالف والطائرات الحربية للقوة الجوية وطيران الجيش لكل من العراق وسوريا، لحصلنا على أرقام مخيفة من أطنان الأعتدة والمتفجرات التي كانت ولا تزال بحوزة داعش، فمن أين حصلت عليها؟؟؟!!!. وعلى العكس عند الطرف أو الأطراف الأخرى للدول التي تقف بوجه داعش (العراق وسوريا) نجدهما دائمة الطلب والحاجة للمساعدة المالية والعسكرية والإنسانية على الرغم مما ذكرناه من أن هاتين الدولتان تتمتعان بعلنية وشرعية بيع منتجاتها النفطية بأسعار السوق الرسمية وشراء الأسلحة وبضمانات مصرفية دولية ومساعدة الدول العظمى لها والتي تُعتبر في ميزان القوى الدولية من أعظمها وأكبرها مقدرة، لا بل هي مصدر كل التجهيزات والمعدات الحربية، إضافة على حصول دول المواجهة (العراق وسوريا) على الخبرة العسكرية لتدريب وتأهيل جيوشهم من خبراء الدول العظمى العسكريين بأعلى مستوياتهم لمواجهة (العدو) الذي من المفترض أن يكون بدائياً وغير مؤهلاً وبعناصر متشرذمة من هنا وهنالك من أصقاع العالم.  
وربما نستطيع إستيعاب مهارة عناصر داعش الفنية والهندسية في إستخدام وسائل الإتصالات الحديثة وقنوات التواصل الإجتماعي من خلال أجهزة الحاسوب وشبكات الإنترنيت لتجنيد الإرهابيين من مختلف دول العالم حتى الغربية منها وهذا ما حصل فعلاً، لكن الذي يجب التوقف عنده مقدرتهم (الخارقة) في تجنييد الآلاف من المتشددين والإرهابيين من دول متقدمة كبريطانيا وفرنسا المعروفتين بقدرتهما الرقابية وخاصة الأسكتلنديارد ذو الخبرة الدولية العالية في الرصد والمتابعة في حقل الجرائم والمجرمين!!، لكن عناصر داعش ببدائيتهم إستطاعوا التمويه والتخفي والهروب من ملاحقة أكبر أجهزة الرقابة الدولية ـ ـ أيعقل هذا الأمر؟!!!، وحيثُ إستخدم عناصر داعش وبحرية تامة شبكات التواصل الإجتماعي لتجنيد الإرهابيين مع إعطائهم علناً وعبر الأنترنيت الممرات (الآمنة) لكيفية الإلتحاق بهم من خلال دولة أو دول إقليمية!!!.
 ثمّ نتفاجئ بعد ما يزيد على السنتين بظهور الناطقين الرسميين على شاشات التلفاز وعبر الفضائيات بإطلاقهم للتصريحات في إنكلترا ودول أوربية أخرى ليزفوا لنا خبر تمكنهم ونجاحهم من غلق شبكات التواصل الألكترونية لداعش بعد ثلاثة أسابيع على معركة تحرير الموصل وبعد ان تأكد لهم قرب إنهيار داعش بمنظومتها العسكرية وحواضنها الجغرافية!!، أي بعد أكثر من سنتين على أفساح المجال وبحرية مطلقة لعناصر التنظيم لتجنيد المرتزقة من تلك الدول!!.
وعندما حاولت بعض الدول الغربية المؤثرة في المجتمع الدولي توجيه إصبع الإتهام الى حكومة الدولة الإقليمية المشكوك بأمرها في مساعدتها لداعش، عمدت الأجهزة الأمنية لتلك الدولة الإقليمية الى إعتقال بعض المهربين للعناصر الإرهابية عبر حدودها مع العراق وسوريا والمعروفين لديها من أصل عربي وهم يحملون جنسيات تلك الدول الغربية ويعملون في أجهزة مخابراتها كمخبرين (وكلاء) وفضحتهم عن طريق الإعلام، مما حدا بالدولة أو الدول الغربية المعنية بالأمر الى التنصل والإدعاء من أن هؤلاء المهربين وحيثُ تبين لديهم من أنهم عملاء مزدوجون دون علمها أو علمهم حتى تمّ القاء القبض عليهم من قِبل تلك الدولة الإقليمية!!!، فأسكتت الدولة الإقليمية بحركتها البوليسية هذه جميع الدول الغربية خوفاً من أن تذهب الى أبعد من ذلك وتكشف اللعبة وعلى قاعدة “عليّ وعلى أعدائي”.
وهذا الأمر يبين بشكل جلي تركيبة داعش النوعية والعددية، والتي تتمثل بتنوع الأجندات والمصالح لدعم وديمومة داعش، وحيثُ أن قسم منهم جاءوا أو التحقوا من خلال أجندة لدول إقليمية، وآخرين من خلال أجندة عربية خليجية، وثمّ من جاءوا بدفعٍ من الأفكار المتطرفة في دول شمال أفريقيا العربية، ومنهم من جندهم اللاجئين السلفيين المنتشرين في الدول الأوربية وشمال أمريكا والمكشوفين من قِبل مخابرات الدول المستضيفة لهم!!، والتي تغاضت عنهم لتنفيذ أجنداتها في المنطقة من خلالهم وربما بدون التورط المباشر بتوجيههم ودعمهم!!، ومنهم من التحق من آسيا الوسطى عن طريق مكاتب أعدّت لهذا الغرض، وجميع تلك الدول لها غاياتها المختلفة التي توحدت تحت مظلة هذه المنظمة الإرهابية الدولية. ومن المفارقات أن كل هذه الدول تدعي وتشارك (بشكلٍ فعالٍ) للقضاء على داعش!!!، وهذا الأمر يعطي مبرراً مشتركاً بالإضافة الى ما ذكرناه أعلاه، من أن أنظمة وحكومات تلك الدول ساعدت على ضخ مواطنيها المتشددين الى العراق وسوريا للإلتحاق بداعش للخلاص من شرّهم في مجتمعاتهم ومن ثمّ المساعدة في القضاء عليهم خارج دولهم، دون الأخذ بنظر الإعتبار الدمار الذي لحق بالعراق وسوريا!!، إضافة الى تنفيذ أجندات أخرى مختلفة.
إذن ما نوع أو أنواع الفوائد التي تجنيها تلك الدول بالإضافة الى ما أوردناه في عرضنا السابق في إستمرار بث الرعب والدمار لهذه المنظمة الإرهابية؟!!، وهل أنّ تلك الدول وخاصة الأوربية منها والولايات المتحدة الأمريكية وبمنظومتها السياسية وأحزابها الوطنية المتباينة في طريقة تنفيذ أهدافها الخارجية دخل فيما يجري؟!!، وحيثُ أن قسم من تلك الأحزاب وبعناصرها المؤثرة في الحكومة تدفع بإتجاه ديمومة داعش لتنفيذ مخططاتها الدولية، والقسم الآخر من تلك الأحزاب تحاول المساعدة في القضاء على داعش كنوع من الصراعات الحزبية بينهم في كيفية تنفيذ مخططاتهم الخارجية؟!!.  
والعالم برمته يسأل من هو الطرف أو الأطراف التي تعطي (الحصانة) لممولي داعش ومجهزيهم بكل إحتياجاتهم ومدهم بالعدّة والعدد بالآلاف من العناصر المتطرفة حول العالم وتوفير الممرات الآمنة لإلتحاقهم بالتنظيم وتحت (مجهر) الأقمار الصناعية المتطورة لمختلف الدول العظمى المالكة لها والتي تقوم بجرد أي بقعة في العالم خاصة في المناطق (الساخنة) بمعدل زمني لا يتجاوز الدقائق وبشكل يومي وعلى مدار الساعة؟!!!.
إضافة الى تنامي قدرات داعش العسكرية والتنظيمية والإدارية والفكرية ووسائل تواصلهم وإتصالاتهم وتجهيزاتهم ومصادر تمويلهم وحرية حركتهم وتنقلاتهم بعناصرهم الإرهابية من سوريا الى العراق أو الى ليبيا وكذلك الى الدول الأوربية بكامل أجهزتهم ومعداتهم التفجيرية، حتى وصلوا الى أكثر الدول تطوراً وحيثُ إخترقوا أجهزتها الأمنية والإستخباراتية بعملياتهم الإنتحارية، وحيثُ أثبتوا قدرتهم في الوصول الى أي نقطة يحددونها في العالم.   
وعلينا أن نسأل أيضاً مَنْ الذي زوّد داعش بإمكانياتها الإعلامية وبتقنيتها العالية من “دابق” ووكالة “اعماق” وغيرها من النشرات والمواقع؟!!.كذلك تستوقف المشاهد والمتابع الطريقة الهوليودية ذو التقنية الفنية العالية الجودة في تصوير الطرق البشعة في عمليات تنفيذ الإعدامات وبمختلف الوسائل الهمجية، ولو قدر لأي مختص سينمائي على تقييم تلك المشاهد لأعطاها درجة عالية من الحرفية في الأخراج والتصوير الفني، فمن أين لشراذم داعش العاملين في هذا المجال القدرة الفنية والإعلامية لولا تبنيهم من قِبَل مؤسسات إعلامية ضخمة ربما أشرفت على تدريبهم ولفترات طويلة قبل أن تعلن داعش عن نفسها.أما من الناحية الفنية/الهندسية في بناء الملاجئ والأبنية والخنادق والأنفاق بشكلٍ خاص ولمسافات طويلة بمئات الأمتار أو ربما تتجاوزها الى عدّة كيلومترات، فهي تحتاج الى معدات ضخمة وجهد هندسي كبير لحفرها تحت الأرض ودعمها بالمساند والدعامات المعدنية والكونكريتية للمحافظة عليها من الإنهيار، كما وتحتاج الى كادر متخصص ذو خبرة عالية في مجال حفر الأنفاق، خاصة وإنها تمر داخل تضاريس وتربة متباينة في محافظة نينوى ومحافظة الأنبار ما بين الصخرية في بعض المناطق والطينية الجافة وحتى الكلسية في مناطق أخرى والرملية في الصحراء!!، والتي تم تجهيزها بكافة الوسائل المساعدة من تهوية وقدرة كهربائية وبأحجام تسمح لهم بالتنقل داخلها بواسطة الدراجات البخارية. ومن المفروض من أنّ معظم تلك الأنفاق سهل إستهدافها من قبل طائرات التحالف في المناطق الصحراوية المفتوحة كونها تستخدم المولدات الكهربائية المتنوعة الأحجام لتجهيزها بالقدرة الكهربائية، وهذه المولدات تعطي مبدأ الفائدة لطيران التحالف لقدرتها على إستخدام الصواريخ الحرارية العالية الدقة لتدميرها وتدمير الأنفاق التي تجهزها بالقدرة الكهربائية، خاصة في الليل عندما تكون درجة حرارة الجو حول المولّدة أعلى بشكل واضح عن ما هو أبعد منها في المنطقة الصحراوية، فلماذا لم تدمرها طائرات التحالف!!، وقد شاهدنا عناصر داعش يقاتلون من داخلها عندما إقتحم الجيش مواقعهم!!، وحيثُ تفاجأ الجيش عند تقدمه بمنظومتها الواسعة والمتشعبة، إذ عرقلت في فترة من الفترات خططه مما حدا به الى تغيير البعض من تكتيكاته القتالية.  
فكيف إستطاعت داعش الحصول على معدات حفر الأنفاق الثقيلة التي بلغ وزن إحداها (12) طن!!، وحيثُ أنّ عملية شراء تلك المعدات المتخصصة تجلب الريبة لمحدودية إستخداماتها والجهة أو المنطقة المسوقة اليها، خاصة وإنّ العالم أجمع يعلم بحاجة “داعش” الى حفر الأنفاق التي إعتمدت عليها في إستراتيجيتها العسكرية!!.
 ومن جانب آخر كيف تم (تهريب) وأدخال هذه المعدات الضخمة عبر حدود الدول المحيطة بمنطقة داعش أو حدود دولتها الإسلامية؟؟!!، والتي من المؤكد تم شحنها بشاحنات عملاقة وعبر الطرق الدولية المعبّدة ومنافذها الحدودية الرسمية وربما بأوراق رسمية!!!، إذ من المستحيل شحنها على ظهور الحيوانات أو السيارات الصغيرة عبر الطرق الرملية الصحراوية البعيدة عن المراقبة الأرضية أو الطرق الميسمية بين التلول، والتي كانت أيضاً في ذات الوقت مراقبة على مدار الساعة جوياً بواسطة الأقمار الصناعية!!، فكيف وصلت تلك المعدات الى داعش؟؟!!.
وختاماً إنّ ما يلفت النظر ويستدعي التوقف عنده للحظات هو أنّ داعش سيطرت في وقتٍ ما ولمدة تجاوزت السنتين على كامل المنطقة الغربية للعراق، ووصلت القائم وعكاشات وإقتحمت عناصرها أقوى جيش ونظام في المنطقة وهو النظام السوري وإستطاعت أن تحتل ثلثي مساحة أرضه، لكنها (أي داعش) لم تحرك ساكناً تجاه بلد عربي آخر مجاور لسوريا والعراق!!!، صحيح أنه يوجد مبرر طائفي لسلوكها وهو إختلاف الحكومتين للعراق وسوريا بإنتمائهما الطائفي عنها وعن حكومة ذلك البلد وملكها، لكن هدفها المعلن هو مقاتلة إسرائيل وكل الدول الإسلامية التي لا تطبق القوانين السلفية الإسلامية كما تدعي، والذي يعطيها المبرر لشمول هذا البلد المعني مع جميع الدول الإسلامية بمختلف طوائفها دون تمييز وتكفيرهم لغرض نشر “دولة الخلافة الإسلامية” التي أسستها، والسؤال هنا: لماذا بقي هذا البلد غير مشمول بدولة داعش الإسلامية في الشام وخارج حساباتها العسكرية (يطلق مصطلح بلاد الشام على سوريا والأردن ولبنان وفلسطين)!!!، فهل أنّ جيشه أقوى من جيش بشار الأسد في سوريا فخشيت منه داعش؟؟؟!!!، وهل أن محاربة داعش لإسرائيل عبر إحتلالها لسوريا وعن طريق مرتفعات الجولان أسهل من محاربتها لها عبر إحتلالها لهذا البلد الذي له حدود مع إسرائيل أيضاً؟؟!!.
ولماذا كان هذا البلد مطمئن ولم يقرر إجتياز الحدود العراقية بحجة محاربة داعش بعملية إستباقية مثلما فعلتها تركيا وبررها لها مؤيدوها من العراقيين وللأسف الشديد (حكومة أردوغان تدعي قلقها على أمن تركيا لتبرير إحتلالها للأراضي العراقية) ؟؟!!، وحيثُ يبدو لي ولجميع المراقبين المحايدين من أنّ للبلد المعني مبرر أقوى وأشد من مبرر تركيا كونه في تماس مباشر مع المناطق الغربية المنبسطة العراقية التي إحتلتها داعش (المنافذ الحدودية العراقية الغربية التي إحتلتها داعش لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن المنافذ الحدودية له)، وعدم تمتعه بعمق جغرافي ومساحة كبيرة تساعده على الصمود وترتيب وضعه الدفاعي مقارنة بمساحة تركيا وعمقها، إضافة الى سهولة تضاريسه الجغرافية مقارنة بتضاريس تركيا فيما لو فكرت داعش بإقتحامه، وحيثُ يسهل على عناصر داعش الإنتشار والسيطرة في أرضه، خاصة وإنّ لحكومته ولملكها الأسباب السياسية والديموغرافية للتخوف وأخذ الحيطة والحذر، كون أن مجتمعه مخترق من قبل الأفكار المتشددة خاصة في بعض المدن ومخيمات اللاجئين فيه، وأن رجل القاعدة الأول الذي قُتِل في إحدى قرى محافظة ديالى في العراق بغارة أمريكية قد خرج من إحدى محافظاته، ومن هذا التحليل نستطيع الإستنتاج عن الكثير من الأجندات وخاصة زيف مبررات الحكومة التركية لإحتلالها للأراضي العراقية.         فمَنْ الذي يقف خلف داعش وحركات التطرف الديني السابقة واللاحقة؟!، وما هي الأهداف والغايات لإستمرارها عدا ما تم ذكره أعلاه؟؟؟!!!.وهل أنّ أحد الأهداف هو تحييد أو القضاء على الإسلام السياسي الأيديولوجي المتطرف، مثلما نجحت خطة الغرب بالقضاء على الإيديولوجية الشيوعية المتطرفة في نظرهم، وذلك من خلال تشجيعهم على زيادة تطرفهم وتشجيع إنعكاسه السلبي على مجتمعاتهم، مما حدا بمواطني الدول الشيوعية للثورة ضدها فأنهى بذلك الحلم الأممي لها خلال فترة قصيرة وسريعة لم تزيد على الشهر وعملاً بالقاعدة القائلة: “كل شيء يزيد عن حده ـ ـ ينقلب ضده”!!، وتأكيداً للتصريحات التي أطلقها بعض المتنفذين في أجهزة المخابرات الغربية حينها في غمرة نشوتهم بتفكيك الإتحاد السوفيتي السابق، معلنين: “من أنّ القضاء على الأيديولوجية الشيوعية لم يكن إلا إختباراً بسيطاً للقضاء على أيديولوجية أعقد منها هي الأيديولوجية الإسلامية السياسية المتطرفة”!!.
وحيثُ أنّ المعطيات على أرض الواقع تؤكد مرور التنظيمات الدينية المتطرفة بنفس مراحل مرور التنظيمات اليسارية المتطرفة في حقبة الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات من القرن المنصرم، كذلك فإن المعطيات تشير الى أن المستفيدين أو المخططين لتحقيق تلك الأهداف سيفاجئون العالم ربما بالعناصر المتعاونة معهم من داخل المنظومة الدينية والتي لديها الآن مراكز دينية أو سياسية مهمة، بالضبط مثلما تفاجئ العالم بتعاون ميخائيل غورباتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي منذ عام 1985م ورئيس الإتحاد السوفيتي منذ عام 1988م في تحقيق الحُلم الغربي في تحييد الأيديولوجية الشيوعية وتفكيك دولها!!.لذا فقد وجب على الجناح الديني المعتدل ومنظومته الروحانية العمل بفاعلية على بث روح الثقافة الدينية ومعتقداتها السمحاء خارج نطاق الفكر الديني المسيس المتطرف للحفاظ على جوهر الدين وقوته الروحية.      

أحدث المقالات

أحدث المقالات