18 نوفمبر، 2024 2:44 ص
Search
Close this search box.

أكثر الشعوب كرماَ

أكثر الشعوب كرماَ

رغم العنف الذي يعصف بالعراق؛ إلاّ أنه للمرة الثانية يتصدر دول العالم من حيث مساعدة الغرباء، وحلت ليبيا ثانياً،  وبينت ذلك دراسة عالمية، وظهر فيها الشعوب التي تعاني من كوارث وحروب هي الأكثر مساعدة للغرباء؛ إلاّ أن هذه الدراسة قد تكون لبحث هامشي عن واقع المساعدة التي يقدمها العراقيون، وطبيعة العمل الخدمي والتطوعي الذي لا مثيل له، وعند العراقيين مواسم ينفقون بها على ما يزيد عن إنفاق مئات الدول؛ بكرم لا مثيل له ومن الصعب تقدير وإحصاء من يعملون سراً لا يبتغون من عملهم سوى إدامة منهمج إنساني أخلاقي.
يتمع العراق بالمرونة والطبيعة الإجتماعية التي لا يشابهها شعب، وكأن الكرم موروث وحالة سباق، وكلما زادت محنهم ستجدهم أكثر إستجابة إجتماعية إنسانية.
عُدت ملحمة عاشوراء واقعة مفصلية في التاريخ الإنساني، وتجلت عن صراع أزلي بين الحق والباطل؛ من بداية الخليقة الى تاريخها الممتد الجذور أقصى اليمن والشمال، ومن تلك اللحظة هرول فريق  لنصرة الحق وآخر لممارسة الظلم بالإمكانيات المتاحة، ومن الطرفين مآثر وإثارات وتأثير وآثار، والكرم واحد من أهم مظاهر الشجاعة والإيثار؛ من تقديم الماء للعدو، والجود بالنفس لإصلاح المجتمع والدفاع عن الإنسانية؛ مقابل عدو قطع الماء عن النساء والأطفال، والقتال  بالمال لحب الذات والجاه والملذات.
الأربعينية واحدة من أهم الشعائر التي يقصدها الملايين من مختلف سكان المعمورة، ومن تاريخ ذكراها الى اليوم، فقد قدمت أمثلة حية لا شبيه لها في تاريخ الإنسانية، وبالحديث عن الحاضر ستجد سنويا يشارك فيها ما يُقارب 20 مليون زائر؛ تستغرق مسيرة بعضهم أسابيع؛ يجدون فيها من يقدم الطعام والمنام والخدمة بأفضلها، وفي كل أقل التقديرات أن كانت يوم واحد؛ فأنها تحتاج الى 60 مليون وجبة طعام، وأرقام كبيرة من وسائل الإستراحة والنقل والخدمة والعلاج وحمايات.
إن الرقم لا يتوقف بالرقم 20 مليون زائر وطرق خدمتهم وإكرامه؛ بل أن كل هؤولاء مستعدون للخدمة، والمؤكد أن بعضهم يخدم ثم يُخدم، ولا كبير بين القوم بالتسابق لهذه الخدمة، وإذا قلنا أن من شارك بالخدمة بهذا الرقم من شعب تعداده لا يتجاوز 35 مليون؛ رغم أن بعض المحافظات التي لا تستطيع الوصول؛ يقدر سكانها من 8-10 ملايين، وشيوخ وأطفال ومرضى لا يسعهم السير، والنتيجة نجد الغالبية الساحقة من الشعب العراقي شارك بطريقة وآخرى بالكرم والخدمة.الأربعينية عمل طوعي وكرم لا شبيه له بالكون؛ مقابل تجذر تاريخي  تأصل القيم والعزيمة والشجاعة، وإستنهض همم لولاها لكان الإرهاب هو الحكام في العالم.
  الأربعينة درس وملحمة وطنية؛ يُشارك فيها معظم الشعب العراقي، ومن شجاعة الكرم وعظيم التجربة والإمتداد لمدرسة العطاء، فقد خرجت هذه المدرسة ملايين من المتطوعين اللذين يحملون أسمى قيم الإنسانية والمرونة ولطف التعامل، وبالتالي  سترى عند حدوث كارثة إنسانية؛ إستجابة جماعية وتعاون لا محدود، ومن تحمل هذه المسؤولية التاريخية والتأسي بالثورة الحسينية؛ نجد اليوم أن الكرم العراقي بهذا الشكل لخدمة مليون زائر من دول مختلفة، والكرم الآخر؛هي تلك التضحية  والجود بالنفس لدفع الإرهاب عن الشعوب والإنسانية.

أحدث المقالات