مع إقتراب موعد الإنتخابات، تتعالى أصوات المرشحين الدائميين، في إنتقاد السياسات العامة في البلاد، والسياسات الإقتصادية خاصة، مع انها تدور في محورهم، ولاتخرج على مدارهم، والتي تتركز على ظاهرة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، فيما يشن أطراف العملية السياسية، حملة لتراشق التهم، عبر التلويح الى كشف ملفات العقود والصفقات المشبوهة، والمشاريع الوهمية، التي إستنزفت ميزانيات العراق الإنفجارية، وأخذ كل طرف ينبري لمهمة التصدي للفساد، ويطرح نفسه لقيادة مسيرة التغيير، ومواجهة المفسدين!!، مع ان شبهة الفساد، تلاحقه مثل غيره، وملفاته لاتقل فضائح عن أمثاله.
لكن، الفساد، ليس له عنوان شخصي، بعد أن توسع واستشرى، وأصبح عنواناً عاماً في البلاد، لذا من غير الممكن أن نحمل جهة، من دون أخرى، مسؤولية ضياع الأموال العراقية، وغياب الخطط المرحلية والستراتيجية، لبناء وطن أنهكته الحروب، وتبددت موارده النفطية الهائلة في مشاريع لم تر النور، في حين ظلت بناه التحتية مدمرة، وقطاعاته الإنتاجية معطلة، وأضحت مدنه الرئيسة الكبرى، خارج مقاييس المدنية.
ومن هنا لاتعدو عملية تبادل التهم، سوى محاولات للإسقاط السياسي، أحياناً، أو إلتفاف مقصود لمشاريع فساد مستقبلية، أو إبتزاز على مستوى تقاسم السلطة، عبر ممارسة دقيقة لتحقيق حالة التوازن من خلال إشعارات صوتية، توظف لها ماكنات الإعلام المأجورة، فيما أن قضية الفساد تجاوزت حد الإشارة الى شخوص معينين، مع إقرارنا بفسادهم، الى مستوى فساد دولة، ما يستدعي الى إعادة النظر بالتشخيص أولاً، قبل أية خطوة نقدم عليها لمحاربة إرهاب الفساد.
وعليه، لابد أن نقتنع بأن الفساد ليس حالة فردية، ولا ممارسة قطاعية، إذا ما أردنا أن نعيد حسابات وطن بات يتربع على المراتب المتقدمة في سلم الدول الأكثر فساداً في العالم، ولنتلوا معاً قوله تعالى : ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون”.