4 ديسمبر، 2024 10:00 م
Search
Close this search box.

ضحايا صراع العروش والكروش

ضحايا صراع العروش والكروش

حب التسلط، وإستعباد الناس فالتحكم بمصائرهم، هو مرض أغلب الحُكام، حتى باتوا يبذلون في سبيل الوصول إلى إسكاتِ آلامهِ، أرواحهم وأموالهم وأهلهم وذراريهم، ولكن هيهات أن تسكتَ تلك الآلام أو تهدأ، فهم كمدمن المخدرات، كلما إعتاد عليها، زاد شغفاً وطلباً لها…
فهمتْ الشعوب في جميع بقاع الأرض، مرض الحكام، فتركتْهم في سكرتهم يعمهون، وأهتم الشعب بحقوقهِ والمطالبةِ بها، وتمكنت كثير من الشعوب من نيل ما تريد(وخصوصا الغربية منها)، فغدا الحكام يقتل بعضهم بعضا، بالجهر تارة، وبالسر تارة أُخرى، ليس لشئٍ سوى لمتعة النصر الموهوم…
بقيت المصيبة لدينا نحن العرب، وفي العراق بصورة خاصة، فبعد أن إستطعنا إيجاد نهاية تقريباً لصراع العروش، ظهر لدينا صراع من نوع آخر، هو صراع الكروش، كروشٌ مفجوعةٌ لا تشبعُ ولا تقنع، حتى ضُربَ بها المثل بـ(قارون)، فلم تمتلئ من نهب أموال الشعب، تحت عنوانين متهرئة، ولم تجد تخفيفاً لآلامِ مرضها أبداً، وما عليك لتعرف المصاب منهم، سوى أن تسمع منه عبارة( أين حصتي؟!)
المسؤول عندنا، مهما أخذ من راتب ومخصصات منصب، لا يكتفي ولا تهدأ آلامهُ إلا بأخذ الرشوة، أو حسب تعبيرهم(الكومنشنات)، بل ويستلذُ بها…
يروي لي أبن عمي حكاية، يقول: كان لي شريك في تجارة، وكنا نربح منها كثير من الأموال، وكنتُ أبعثُ في يدهِ أحياناً، أموالاً للذين نتعامل معهم، وذات مرة إشتكاه لي أحد الزبائن، قائلاً: إن الأموال التي تبعثها مع شريكك، تأتي ناقصة بعض الأوراق من كُل رزمة… فأستغربتُ وأخبرتهُ بأني سأتابع الموضوع، فأخذت أموالاً وأعطيتها لشريكي، وقلت لهُ إبعثها إلى فلان، ثم قلتُ له: تعال معي ليوصلك السائق ما دام طريقنا واحد، ثم أذهب أنا، فجلستُ جنب السائق، وجلس شريكي في الخلف، وبدأت أُراقبهُ في المرآة، فرأيتهُ يسحب الأوراق من الرزم، فألتفتُ إليه، وسألتهُ: لماذا تفعل هذا؟! إننا نربح الكثير، فلماذا السرقة؟! فقال: يا صديقي لا أستلذُ أبداً بالأرباح، مهما كانت، ولكن أستلذ وأهدأ بهذه، فقلت له: إذن فهذا فراقُ بيني وبينك…
بقي شئ…
أصحاب الكروش معروفين للشعب، ويعرفهم المسؤول الشريف، فأما أن يقول لهم: هذا فراقُ بيني وبينكم، وإلا فهو واحدٌ منهم.
……………………………………………………………………………..

[email protected]

أحدث المقالات