(1)
يستحق الفيليون، نصبا تذكاريا؛ كون دمائهم لطخت الحياة السياسية العراقية، منذ تأسيس الدولة في 23 آب1921؛ فهم من اوائل المؤسسين للاحزاب الدينية واليسارية في العراق، قاوموا الحرس القومي في ٨ شباط ١٩٦٣، ضد الانقلابيين الذين أطاحوا بالزعيم عبد الكريم قاسم..
ذاذ الفيليون بأرواحهم عن دولة قاسم، وسفكت دماؤهم، قبل أن تصل أيدي الانقلابيين إليه؛ إخلاصا منهم لشخصه، وللنظام الجمهوري، الذي حرر الشعب من الملكية.
يعني ثمة وعي فيلي، بأن الثورة هي الأولى.. 14 تموز 1958، وما تلاها “صراع سلطة” للإستحواذ على الثروة والنفوذ، فقاتلوا في سبيل قاسم والجمهورية، حتى النفس الأخير؛ حين غلبت الكثرةُ الشجاعةَ.
(2)
يتمتع الفيليون بطيبة الجنوب، وكرم العراقيين، الزائد عن حده، مفرطا الى الـ… هبل مشرف، يغدق على ضيفه عطاءً يشبع الحاجة فائضا، ويقدم لمن يتنخاه ما يفوق النخوة، لكن… طبيعة الفيلي لايجامل على حساب الحق، وان تعرض للهلاك، ولعل صاحب المقال كان مثلا اعلى في ذلك.. لم نقل للخطأ صح، واقفين بوجه الباطل، يوم تهاوى الحق شهيدا بخناجر البعثية!
ومن ثمة، في المراحل اللاحقة.. بعد 2003، لأنني حرصت على أن أبقى عراقي أصيل، لم أداهن أو أماري او أتملق؛ فتعرضت للتهميش وقطع رزق عائلتي، وشنت أطراف متعددة، حربا غير مفهومة.
يحمل البعثيون والطائفيون ، حقدا سافرا عليّ؛ لأنني أعدمت الطاغية المقبور صدام حسين، لكن شركائي في الوطنية، يوقعون بي لماذا؟ لا شيء سوى كوني عراقي لا يجامل!
(3)
مشكلة الفيلي انه لايظهر نفسه بماليس فيه، فانٌ كان رجل دين، فيتفانى في الدين حد التماهي مع ملائكة السماء، وإن ألحد فلا يخفي شياطينه، يطلقها تتنطط في المؤتمرات صريحا.. لا يعبأ بعذل اللائمين.
عاقب صدام الكورد الفيليين بالقانون ١٦٦ الذي اسقط عنهم الجنسية العراقية، وكان العراق ضيعة لامه صبحة خير الله
اعتقل الشباب واعدم مابين ١٧-٢٢ الف، وهجر الاطفال والنساء والشيوخ، على طرق جبلية وعرة، ملغومة بالوحوش.. أسود وذئاب ودببة وخنازير، في المسافة بين العراق وايران، العام 1980، مات فيها المئات، بعد ان حجزهم لاشهر، في جملونات قارسة البرد شتاء.. حارة صيفا، فقضوا شهداء محتسبين الى الله.
(4)
أسستُ المحكمة الاتحادية الجنائية، التي قاضت الطاغية، وعند الاتفاق في الإجتماع لعدة قضاة عراقيين واجانب بحضور الاستاذ سالم الجلبي، اخترت اسم قضية المسفريين العراقيين – قضية تسفير وابادة الكورد الفيليين ؛ فإعترض الكثيرون على التسمية باعتبار ان في المسفرين عرب وفرس وغيرهم، الا اني رفضت وسرت بالامر الى آخره.
(5)
شجاعة الفيليين لامتناهية، وحبهم لآل البيت، مطلق باعتبارهم شيعة جعفرية إثني عشرية، قدموا قرابين من شهداء، على مذبح محراب أبي عبد الله الحسين.. عليه السلام
إلا أنهم لم ينظموا صفوفهم سياسيا، بحيث لم يصل لمجلس النواب العراقي منهم عضو، خلال الدورة الاخيرة، وأقعين ضحايا لمؤامرات من يصعدون بأصواتهم، ملوحين بمآسي الفيليين.. يتاجرون بها|، من دون أن يعملوا جديا على رفع الغبن عنهم.
الكرد الفيليون محاصرون بتآمر من لايريد الخير لهم، ولا يريدهم ان يجتمعوا موحدين كلمتهم، التي يتبلور منها تشكيل فئوي خاص بهم.. نيابيا ووزاريا.
(6)
انا من ابوين فيليين.. والدي من عشيرة شوهاني او شواني كمايسمونه في مناطق اخرى، ووالدتي ملكشاهية…
للفيلية فضل على العراقيين؛ باعتباري من اقدم على اعدام الطاغية صدام، متجشما عناء ظروف ملتبسة، كاد يفلت خلالها من الاعدام، يوم هرب الجميع، لندفع نحن الفيليًون ثمنا جديدا يضاف الى مواقفنا الشجاعة، بإعدام صدام.
(7)
عودا على بدء، أذكر بضرورة نصب تمثال او جدارية، عن “الانسان الفيلي.. شهيدا وضحية ومظلوما” في العهدين.. السابق واللاحق.. في زمن الديكتاتورية والديمقراطية.. قبل وبعد 2003، على حد سواء.
أتمنى نصبا يذكر العراقيين بمكون اصيل، قدم الشهداء والأدباء والساسة والمفكرين؛ كي لاننسى، وأنى لنا الذكرى؟