العنصرية والطائفية والقبلية والشعارات الدينية أدوت للجميع للفوز بالانتخابات , لا فرق بين عالم متحضر وعالم متهرأ , كلهم بدءوا يستخدموها ويجيرونها لصالح حملاتهم , عندما بدأت حملة ترامب في أيامها الأولى علق الكثير واستخفوا بترامب مذكرين إن اميركا امة متحضرة ولا يمكن لمثل هكذا شعارات ان تدغدغ عواطف ومشاعر الناخب الأمريكي .وأضافوا إننا ليس في الشرق الأوسط وافريقيا وبعض الدول المتخلفة التي تعتمد نتائج انتخاباتهم بصورة رئيسية على اصطفافاتهم الدينية و الطائفية والقبلية والعنصرية.
اليوم فاز ترامب وبانت حقيقة كذب وزيف رقيهم الفكري والأخلاقي الذي يتشدقون به ويمارسونه ضدنا كلما حانت الفرصة . فوز ترامب يعني إن نسبة كبيرة من الناخبين الامريكيين ناخبين عنصريين وان احتموا والتحفوا بانتخاب 44 رئيس امريكي بصورة ديمقراطية شفافة على مدى 240 عاماً . الناس هنا وهناك يحملون نفس الجينات التي تسيرهم ولا تخيرهم . هذه عاهة من أهم عاهات الديمقراطية. حاولت أمريكا الهروب من هزيمتها الأخلاقية عن طريق التمويه وخداع الناخبين والعالم اجمع من خلال تركيز إعلامها بأن اميركا سوف تنتخب هيلاري كلينتون بنسبة كبيرة وان استطلاعات الرأي التي غالباً ما تكون نتائجها قريبة جداً من الواقع تنبأت بفوز مريح لهيلاري كلينتون , بل إن إحدى الاستطلاعات تنبأت بأن نسبة فوز هيلاري تبلغ 90%. كل هذا كان ضمن حملة (احموا سمعة أمريكا) وليس حباً أو تأييدا لهيلاري كلينتون .
أكثر ما يغيض أمريكا إنها انكشفت وبان زيفها وأنها ستعمل كل ما بوسعها لسد الفجوة التي أظهرها فوز ترامب , المجتمع الأمريكي لا يتحمل ان يكون خطاب البيت الأبيض أكثر صراحة وكشف للعورات , وهذا ما يتوقع أن ينتج من فوز ترامب إن كان صادقاً أو قادراً على تنفيذ الوعود التي أطلقها بحملته الانتخابية المثيرة الجدل .
إن أكثر شيء جعل من أميركا قوية وعظمى هو انصهار شعوبها المختلفين على مدى مئات من السنين التي عاشوها في فترات الحرب والسلم والتطور والبناء والتحضر . هذا الانصهار مهدد بالتفتت والتشظي إذا ترك ترامب ينفذ وعوده الخطيرة والكثيرة التي أطلقها في حملته ومنها معاداة المسلمين وطردهم من أميركا .
حقيقتاً إننا في العراق والدول المتحاربة الأخرى ربما نرى بأم أعيننا , ان ترامب أسوأ رئيس لأميركا و سوف نترحم على بوش واوباما اللذان تسببا في حروبنا وتفتتنا ودمارنا . ماذا سيعمل هذا الطارئ لنا ؟ انه يتغنى بصدام حسين! شيء من الماضي لم يعد يعني أي شيء لنا . نفط العراق ! انه يلوح بالاستيلاء على النفط العراقي والخليجي.طموحات وأطماع لم يسبق لأي رئيس أمريكى أن أعلنها . داعش ترقص طرباً بعد أن وجدت ملاذاً جديداً بتهديدات ترامب , ربما سيكون ظهور أخر للإرهاب بسبب تهديداته العنصرية للإسلام والمسلمين, لكن ظهور الإرهاب هذه المرة سيكون بعيد عن دول المنشأ , أي ان الإرهاب سوف يكون أقوى واكبر في اوربا وامريكا .لنرى ماذا سينتج عن هذه الراديكالية السياسية الجديدة التي برزت بأقوى دولة في العالم .