18 ديسمبر، 2024 11:42 م

مسيرات زاحفة واعواد راجفة

مسيرات زاحفة واعواد راجفة

هبت نسائم عطرة بعبير المسك، تلوح في افق العراق، حاملةً معها بيارق النصر، تخفق فوق رؤوس الزاحفين نحو كربلاء المجد والخلود، مستلهمةً منها، دروس المثل والاخلاق، لتتغنى بأناشيد البطولة والوفاء، حباً بشهيد الطف الخالد الذي بذل الغالي والنفيس من اجل اعلاء كلمة الحق، والوقوف بوجه الدولة الاموية التي استباحت كل المحرمات، وانتهكت الاعراض بإسم الخلافة.
إن لصوت الحسين في كربلاء صدى، لازال يصدح في الآفاق فكان ولا زال مدوياً في الاذهان والاسماع، ليستلهم منها كل الثائرين, والمظلومين، قوتهم, وعزيمتهم، للوقوف بوجه الطغاة، فما إن سفك دمه الطاهر، على ارض كربلاء حتى ثار منها بركان الدم ليزلزل <<عروش الفاسدين>> وعلى مدى العصور، فعندما تذكر اسم الحسين في مجالس الظالمين تراهم يشتاطون غيضاً، فتخفق قلوبهم, وترتعد مفاصلهم, وكأن صاعقةً نزلت على رؤوسهم فتراهم يتوجسون خوفاً وذعراً، فتكمم افواههم فلا ينطقون وكأن الطير على رؤوسهم، فترتعد وترتجف مماليكهم من اسم ذلك الثائر.
فتلك المسيرات المليونية الزاحفة صوب كربلاء، ومن كل بلدان العالم، التي نقشت الشمس بشعاعها على جباهم اجمل ملامح السمرة، فما هي الا ثورة مستمرة، تحمل في طياتها عناوين الشجاعة, والاباء, والتضحية, من اجل إعلاء كلمة الله, وثبات الدين المحمدي الاصيل, الذي خط عنوانه الامام الحسين عليه السلام على جبين الزمان، ليرسم منه اجمل شعلة وهاجه، لتنير طريق الثوار، للخلاص من الظلم والطغيان، الذي نزل بهم من جراء سياسات السلطة التعسفية، بحق شعوبهم المظلومة.
لهذا السبب ترى كل الحكام الفاسدين يرتعبون من بكربلاء، ومن ثورة الامام الحسين، ومن شيعته، فينصبون لهم العداء، ضنهم يستطيعون القضاء عليهم، لكنهم واهمين، لأنهم بالقتل والصلب والسجن لا يزدادون الا ثبات وقوةً وعزيمةً لأنهم تخرجوا من مدرسة الشجاعة والإباء، لأن عنوانها النصر والثبات.كربلاء كانت ولا زالت مدرسة الاخلاق النبيلة والقيم الرفيعة ومصنع للأبطال والثائرين، لكل بلدان العالم.