نشر موقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الالكتروني بتاريخ 6 / 11 / 2016 خبرا مفاده :
قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اعتبار السنة الدراسية 2016/2015 سنة عدم رسوب بحق الطلبة المرقنة قيودهم بسبب الرسوب بمواد التحميل أو مواد السنة الدراسية ، وقال المتحدث الرسمي الدكتور حيدر العبودي إن وزارة التعليم العالي قررت اعتبار السنة الدراسية 2016/2015 سنة عدم رسوب بحق الطلبة الذين رقنت قيودهم بسبب الرسوب بمواد التحميل أو مواد السنة الدراسية على أن لا يترتب على ذلك نجاح الطالب وانتقاله إلى سنة دراسية أعلى بالتحميل ، وأضاف المتحدث الرسمي أن هذا القرار لا يشمل الطالب المرقن قيده بسبب الغش أو العقوبات الانضباطية .
وعند قراءة الخبر للوهلة الأولى يبدو وكأنه من مصلحة الطلبة كافة الذين تعرضوا للرسوب واستنفذوا المحاولات الامتحانية ، ولكن النظرة المتأنية للقرار تظهر الضرر الكبير الذي سيصيب الطلبة من تطبيقه سيما الطلبة الذين تعرضوا للرسوب خلال العام الدراسي 2014 / 2015 و العام الدراسي 2015 / 2016 حيث لم يتم احتساب أي منهما سنة عدم رسوب كما جرت العادة في الأعوام الدراسية السابقة رغم إن البلد قد مر خلال هاتين السنتين بأصعب الظروف ، نظرا للأحداث التي شهدتها بعض المحافظات بعد سيطرت التنظيمات الإرهابية على أجزاء مهمة منها وتعرض البلد لأسوا أزمة اقتصادية منذ 2003 بعد انخفاض أسعار النفط التي أوصلت إيرادات الموازنة الاتحادية إلى اقل من النصف والتي أدت إلى ارتفاع نسب العوز والفقر وانخفاض القدرات الشرائية للعديد من المواطنين ، ناهيك عن ظروف وتداعيات أخرى ومنها الهجرة إلى الخارج وإغواء الشباب على هجرة البلد والبحث عن ملاذات آمنة أو أماكن توفر فرص العمل في الخارج للأعداد الكبيرة من العاطلين ، ووجه الضرر الذي نتحدث عنه يصيب فئات الطلبة الأكثر تقدما في المستوى الدراسي ، وهم الذين استطاعوا اجتياز جميع المتطلبات الدراسية ولكنهم لم يستطيعوا النجاح بدرس أو درسين ، أي ممن يحق لهم التحميل بهذه الدروس والعبور للمرحلة اللاحقة ( حسب التعليمات النافذة حاليا وسابقا في جامعات العراق ) لغرض مواصلة التقدم الدراسي في الصفوف الأولى والثانية والتقدم للتخرج بالنسبة للصفوف قبل المنتهية اذ يفترض تحميلهم بدرس واحد مثلا للعبور إلى الصفوف المنتهية كأطباء ومهندسين وغيرهم ممن أنفقت عليهم الدولة وعوائلهم ملايين أو مليارات الدنانير لغرض التخرج وإفادة أنفسهم والمجتمع ، وهناك من يسال لماذا وضع قيد عدم جواز التحميل للمرحلة اللاحقة رغم إن ذلك :
. لا يتناسب مع مبدأ الرصانة العلمية لان بقاء الطالب سنة دراسية كاملة بدرس واحد ربما ينشا فجوة علمية بينه وبين المرحلة التالية ، ومن يعلم فقد تكون المادة التي رسب بها غير أساسية في اختصاص الطالب .
. إن ذلك يمثل هدرا في الوقت والإمكانيات فهل هي ضريبة لاستبدال ترقين القيد يدفعها الطالب بأن يبقى لسنة كاملة في مادة يمكن عبورها وهي ستبقى بذمته إذ لا يجوز تخرجه إطلاقا إلا بعد النجاح بكل الدروس .
ماذا سيفعل الطالب في الأوقات الأخرى داخل أو خارج الكلية / المعهد خارج الساعات المخصصة لهذا الدرس والتي قد تكون بواقع ساعتين خلال الأسبوع فهي أوقات فارغة قد تقوده للتخبط والضياع .
. ما هي الكلف التي ستتكبدها العائلة من خلال بقاء الطالب سنة دراسية بدرس واحد من أجور نقل ومصاريف وغيرها وأجور الدراسة لعام كامل بجميع المواد إذا كان الطالب في التعليم الموازي أو المسائي أو الأهلي والعائلة بالكاد تتدبر أمورها المعيشية وقد تكون تلك التكاليف السبب وراء الانسحاب من الدراسة بسبب عدم القدرة على تحمل الأعباء رغم ان الطالب في المراحل الثالثة أو الرابعة أو الخامسة .
. هل تم احتساب التوقعات بخصوص دافعية الطالب في الانجاز ومدى سلامة تفكيره وشعوره النفسي عندما يداوم بدرس أو درسين بسبب قرار وزاري يمنعه من العبور في حين إن اقرانه قد تم عبورهم وهم في المرحلة التالية .
. ما هو العائد المادي أو التربوي أو المعنوي من تطبيق هذا الأسلوب في حرمان الطالب من التحميل لصالح ( الكلية ، الجامعة ، الوزارة ، الدولة ) غير احتمالات الشعور بالإحباط والكراهية و الظلم وضعف الانتماء .
. لماذا تم إصدار هذا القرار بعد مرور أكثر من شهر على بداية العام الدراسي وهو يتداول في وسائل الإعلام ولا نتوقع وصوله إلا بعد مرور أيام عديدة ومتى ستصدر أوامر الإعادة إلى الدراسة .
ويحق للطلبة وعوائلهم أن يسالوا لماذا تم الفصل في موضوع احتساب 2015/ 2016 سنة عدم رسوب بحالتين وليس بحالة واحدة ، فقد سبق لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي / دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة / القبول المركزي وان أصدرت كتابها 4752 في 16 / 10 / 2016 المستند إلى موافقة معالي الوزير بتاريخ 11 / 10 / 2016 والذي يتضمن :
– السماح بأداء امتحان تكميلي لطلبة الدراسات الأولية الذين لم يؤدوا الامتحان في أي من الدورين أو كليهما بعذر للسنة الدراسية ٢٠١٦/٢٠١٥ .
– يتم احتساب سنة عدم رسوب للسنة الدراسية ٢٠١٦/٢٠١٥ للطلبة من (الحشد الشعبي , المهجرين , النازحين ، ضحايا الإرهاب ) بعد أن يقدم الطالب ما يؤيد ذلك حسب الضوابط وتخول مجالس الكليات النظر في الحالات القاهرة الأخرى .
– السماح بأداء الامتحان التكميلي لطلبة الصفوف المنتهية للسنة الدراسية ٢٠١٦/٢٠١٥ الراسبين بنصف المواد فما دون .
– لمجلس الجامعة النظر بحالة الطلبة المرقن قيدهم لأسباب إنسانية قاهرة منها على سبيل المثال حالات ذوي الشهداء والحشد الشعبي والنازحين معززة بسيرة دراسية حسنة اعتبارا من السنة الدراسية ٢٠١٤/٢٠١٣ .
– عدم شمول الطلبة الراسبين بالغش والعقوبات الانضباطية في كل ما ورد في أعلاه .
ويأمل الطلبة وعوائلهم أن تنظر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعين الرأفة والعطف الأبوي لأبنائها من الطلبة من خلال دمج الموضوعين بموضوع واحد عنوانه احتساب سنة عدم رسوب ، من دون حاجة لوضع الطلبة بتصنيفات بهدف إعطاء الفرصة للطلبة وعدم إضاعة أوقاتهم بالمراجعات ، وكل ما يحتاجون إليه هو رفع الشرط المتعلق بعدم العبور أو التحميل إلى المرحلة اللاحقة ممن رسب بدرس واحد أو درسين ، ففي ذلك إعطاء الأمل وتحفيز الطالب لمضاعفة جهوده لتجاوز الظروف التي مرت عليه ، ونعتقد إن ذلك سيزيل هموما وعقدا من الشباب لكي يمضوا إلى الأمام عندما يجدون وزارة التعليم تقف إلى جانبهم ولا تأخذ من حقوقهم عاما دراسيا عند عدم السماح لهم بالعبور ، آخذين بنظر الاعتبار إن معالي الوزير الأستاذ الدكتور عبد الرزاق العيسى هو من التكنوقراط وقد عرف عنه السعي لفعل الخير لفئات الشباب ورعايتهم واحتضان مواهبهم ومبادراتهم ليكونوا فاعلين في بناء بلدهم والدفاع عنه ، فخلال السنوات الماضية عرض أفكاره النيرة من خلال منشوراته التي احتلت مساحات في نفوسنا والمواقع المختلفة التي نشرت ونوقشت فيها ، ولا نعتقد إن السماح للطلبة بالانتقال إلى المرحلة التالية كمحملين سيضر بالرصانة العلمية أو يحدث خرقا في العملية التربوية والعلمية ولو كان الآمر كذلك لما طالبنا به بالأساس لأننا نتحدث عن تحميل معمول به من سنوات وليس زحفا أو منحا لمكرمات على حساب السياقات العلمية ، فعدم السماح بالتحميل من شانه إلحاق ضررا كما أسلفنا في أعلاه وقد لا يحقق ذلك أية منفعة سوى إشعار الطالب بمعاقبته حتى وان كانت تلك العقوبة مبطنة ، ونعتقد بان الصدر الرحب لوزارة التعليم العالي وكادرها المتقدم على قدر من السعة بإصدار كتاب لاحق باعتبار العام الدراسي السابق سنة عدم رسوب دون قيود وان يسمح بعبور من تنطبق عليهم شروط العبور وبذلك تنتصر الوزارة لنفسها قبل أن يتحقق نصرا للآخرين لأنها ستقلل عدد القاعدين بصفوفهم لسنوات وتقلل من الإنفاق الحكومي ، دون أن ننسى الظروف الصعبة التي مر ويمر بها بلدنا في المجالات كافة والتي تؤثر حتما على الطلبة لأنهم جزءا لا يتجزأ من البيئة المحلية التي تتطلب إبداء القدر اللازم من المرونة وإعطاء مزيدا من الفرص لتصحيح الأخطاء وزيادة إشعار الطلبة من الشباب بالانتماء والحب والتضحية التي تبدأ من الكلية والمعهد للتمسك بالمواطنة المنتجة ، ولعل بعض القرارات التي باتت تتخذها الوزارة وتشكيلاتها تفتح الدعوة لإلغاء نص المادة 38 من قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم 40 لسنة 1988 ( المعدل ) للحد من القرارات التي تضر بمصالح الطلاب .