19 ديسمبر، 2024 12:56 ص

أبناؤنا وسن المراهقة

أبناؤنا وسن المراهقة

هذا المقال إستجابة لطلب السيدة أم مرتضى حول كيفية التعامل مع اولادنا المراهقين
يعتبر سن المراهقة من أصعب واخطر المراحل التي يمر بها أبناؤنا لما تتخللها من تغيرات بايلوجية وفسيولوجية تطرأ على المراهقين خلال هذه الفترة، وهي بمثابة مفترق طريق يتحدد من خلالها شخصية أبنائنا وتوجهاتهم العامة . وتكمن خطورتها في طريقة اجتيازها، فهي أشبه بحبل يربط بين ضفتين أو مرتفعين وان حصل خطأ ما فأن السقوط سيكون ثمنه باهضا جدا، لذا يتوجب علينا أن نولي هذه الفترة من عمر أبنائنا جل اهتمامنا على أن يكون هذا الاهتمام بشكل علمي وليس عشوائي لأن الاهتمام غير المدروس من الممكن أن يفسره الابن على أنه تدخل في أموره الشخصية ومحاولة من الآباء لفرض سلطتهم عليه، وهذا مالا يتقبله في هذه المرحلة كونه يفضل الاستقلالية ويشعر بأنه قادر على إدارة أموره بنفسه دون تدخل الآخرين وفرض أرائهم عليه وخصوصا من هم في مرتبة أعلى منه مثل الأبوين والإخوة الكبار وحتى أساتذته في المدرسة . ويكون المراهق في هذه المرحلة منجذبا أكثر الأحيان إلى رفاقه في المنطقة أوالمدرسة أومكان عمله، وهذه الرفقة هي الخطر الحقيقي إن كانت غير مرغوب فيها (رفقة سوء) لأن المراهق في لحظة نفوره من البيت سيرتمي في أحضان هذه الجماعات والتي قد تكون تمر بنفس الظروف التي يمر بها هو. وبذلك تكون تجمعاتهم خطرة جدا لأنهم قد يذهبوا بأفكارهم إلى مناطق خطرة ومحظورة . وهذه الأفكار قد تبدأ بالإدمان على التدخين وتنتهي بارتكاب الجرائم والسجون. ودور الأحداث مليئة بهم وهي خير شاهد على كلامنا.
إن البيئة لها دور كبير في اجتياز هذه المرحلة، فالبيئة المحصنة مثل القرى والأرياف والتي تكون العلاقات الاجتماعية للناس فيها قوية ومتماسكة بسبب تمسكهم بقيم وتقاليد ثابتة وخاضعين لمجموعة من الضوابط التي تحكمهم، يكون اجتياز المراهق لهذه المرحلة أسهل لكونه يعيش في بيئة بسيطة من حيث التركيب وغير معقدة، ولها نظام تسير عليه ومن الصعوبة الخروج عن هذا النظام لأنه سيصبح الخارق للنظام شاذ في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد ثابتة وغير قابلة للنقاش او التغير . اما في المدينة فأن مرحلة المراهقة من أصعب واخطر المراحل التي يمر بها الأبناء واجتيازها بنجاح يتطلب جهدا استثنائيا بسبب توفر الكثير من الأمور التي من شأنها ان تكون عاملا مساعدا في ضياع المراهق، مثل أماكن التسلية والترفيه وكذلك وسائل الاتصال الحديثة مثل الموبايل والانترنيت وشبكة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ، وغيرها من الوسائل التي تسهل انحراف المراهق إن استعملها من جانب واحد لأنها سلاح ذو حدين وبحجم فوائدها فأنها تكون خطرة جدا .
وكذلك هناك فوارق واضحة في مرحلة المراهقة تبعا للمستوى الثقافي والمادي الذي يعيشه المراهق، حيث اجتياز مرحلة المراهقة يكون أسهل حين تكون أسرته مثقفة وذات مستوى اقتصادي جيد لأنه تسهل عملية تعاملهم وتفهمهم واحتوائهم لأبنائهم في هذه المرحلة ، وكذلك تتمكن من توفير احتياجاته، بعكس الأسر الضعيفة ماديا وثقافيا فأنها تعاني من عدم القدرة على التواصل مع أبنائهم في هذه المرحلة مما يؤدي الى نفور أبنائهم منهم وارتمائهم بأحضان الجماعات الأخرى والمتمثلة بأصدقاء المنطقة والعمل والمدرسة . كما إنها وبسبب سوء الحالة الاقتصادية تكون مقصرة دائما بحق أبنائها مما يجعلها تدفع بابنها المراهق للعمل في هذه الفترة الحرجة والتي تتطلب ان يكون الابن تحت أنظار الآباء لمعرفة مايدور في عقله وما ينوي عمله . وطبعا يتم معرفة ذلك من خلال تكوين علاقة متينة بين الأب والابن تكون مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام مما يسهل عملية البوح بالإسرار وكشف الخفايا وما يفكر به الابن المراهق.
إن من اهم الأمور التي يجب على الأب ان يفعلها هو الشرح للابن التغييرات التي ستطرأ عليه في هذه الفترة وما سيتبعها من انعكاسات وتبعات من شأنها ان يكون لها تأثيرا كبيرا على مسيرة حياته، على ان يكون ذلك بطريقة ودية، ويستحسن ان تكون غير مباشرة وليس دفعة واحدة بل يعطيها له على شكل جرعات، أي كلما حصل حادث ما او موقف معين من الممكن ان يشرح الأب للمراهق ويوضح له ما يتماشى مع الموقف وهكذا .
ويجب ان يعرف الجميع ان تقوية العلاقة بأبنائهم في هذه المرحلة من اهم الأمور التي يجب ان يؤكد عليها الأهالي لانها الجزء الأهم في عملية مساعدة أبنائهم على اجتياز هذه المرحلة.

باحث نفسي / مدير البيت العراقي الامن للايتام

تنويه : يشرّع المستشار النفسي هذا الباب على جميع المشاكل الأسرية التي تخص الطفل بمراحله العمرية والمرأة بكل مستوياته الثقافية والاجتماعية كي يساعد ولو قليلا في زيادة الوعي النفسي لمشاكلها الأسرية، وبذلك سيكون هذا الباب مفتوحا لاستقبال رسائلكم عبر نموذج الإرسال ” راسلنا ” الجهة المستقبلة ( سميراميس ) وسيتم نشر الرسائل ورد المستشار عليها مع محافظتنا التامة على سرية مرسليها .