إنّها ليست المرّة الأولى التي يرعى فيها رئيس حكومة إقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني , مؤتمرا أو اجتماعا يضم شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي , بل أنّ مسعود قد جعل من إقليم كردستان ملاذا آمنا للمطلوبين والهاربين من القضاء العراقي الاتحادي , وجعل من القضاء في كردستان يعمل بمعزل عن القضاء العراقي الاتحادي ولا يخضع لسلطته , مع العلم أنّ إقليم كردستان جزء لا يتجزأ من العراق , وما يقع على أي محافظة من محافظات العراق يقع على إقليم كردستان , بمعنى أنّ السلطة القضائية الاتحادية يفترض أن تبسط ولايتها على جميع انحاء العراق ومنها إقليم كردستان , وإذا كانت هنالك خصوصية للإقليم , فهذه الخصوصية لا تعني التجاوز على المنظومة القانونية في العراق , وأي أمر بالقبض صادر من المحاكم الاتحادية في العراق , ينبغي أن ينّفذ في جميع انحاء العراق بدون استثناء , وليس هنالك من حصانة لإقليم كردستان في تنفيذ أوامر القبض الصادرة من المحاكم الاتحادية , ومن واجب أي شرطي في محافظة أربيل اعتقال محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي الذي صدرت بحقه مذكرة بالقبض من محكمة التحقيق المركزية بتهمة التخابر مع دولة أجنبية .
أمّا أن يشارك أثيل النجيفي ورافع العيساوي في ملتقى سياسي برعاية مسعود وبحضور رئيس مجلس النوّاب سليم الجبوري ورئيس التحالف الوطني الشيعي عمار الحكيم , وهم مطلوبين للقضاء العراقي بتهم تتعلّق بالإرهاب والتخابر مع دولة أجنبية , فهذه هي الطامة الكبرى , فكيف لنا أن نطلب كسلطة اتحادية من رجل الأمن في الإقليم أن ينّفذ قرارات القضاء الاتحادي وأوامر القبض الصادرة بحق المطلوبين ؟ وكيف سمح رئيس مجلس النوّاب ورئيس التحالف الوطني لنفسيهما أن يحضرا مؤتمرا تتواجد وتشارك فيه شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي ؟ ولماذا يسمح أصلا لمثل هذه الشخصيات المطلوبة بالتواجد في كردستان ؟ أليست كردستان جزء من الدولة العراقية ؟ أم أنّها دولة مستقلّة وقرارات القضاء العراقي غير نافذة عليها ؟
والله لو كان لرئيس الوزراء العراقي ذرّة من الكرامة لسحب فورا لجنة الرواتب المكلّفة بالوقوف على رواتب الإقليم , فليس من المعقول أن تكون كردستان جزء من العراق حينما يتعلّق الأمر بسحب الأموال من خزينة الحكومة الاتحادية , ودولة مستقلّة حين يتعلّق الأمر باحترام قرارات القضاء العراقي وتنفيذها واحترام السياسات العامة للدولة العراقية وعدم عقد الصفقات التي تثلم سيادة البلد مع دول الجوار دون علم الحكومة الاتحادية , كما جرى في إدخال القوّات التركية الغازية إلى شمال العراق بالاتفاق مع حكومة الإقليم وأثيل النجيفي , ولو كان مسعود عراقيا حقا ويحترم القضاء العراقي والحكومة العراقية , لما أدار ظهره لقرارات هذا القضاء , واحترم ضيوفه سليم الجبوري وعمار الحكيم , ورفض مشاركة اثيل ورافع في أعمال هذا الملتقى المشبوه , ولطلب منهم مغادرة الإقليم فورا ولا نقول اعتقالهم , وإن كان الواجب الوطني اعتقالهم وتسلميهم للقضاء العراقي , فكيف لمسعود أن يحترمكم يا قادة العراق إذا كنتم أنتم لا تحترمون أنفسكم ؟ .