·السياستان الداخلية والخارجية ستصبان في الموصل بعد طرد “داعش” منها
يجب ان نتعامل مع تحرير الموصل، من مخالب تنظيم “داعش” الارهابي، على أنه حدث فاصل بين مرحلتين تاريخيتين، في صيرورة العراق؛ فهي في نظري وفي تقديرات المعنيين، إنتقالة لا تقل حدة عن تحول العراق من ديكتاتورية الطاغية المقبور صدام حسين، الى الديمقراطية، يوم 9 نيسان 2003، بغض النظر عن الفساد الذي أطاح بقيمة التحول!
فنهاية “داعش” في العراق، بهزيمته في الموصل، ليست حدثا إجرائيا عابرا، إنما موقف له تداعيات إشكالوية عميقة، من خلال السياستين الداخلية والخارجية، اللتين ستصبان في الموصل بعد طرد “داعش” منها.
إولاها الحق المكتسب من إسهام الاطراف الدولية والمحلية في التحرير.. التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والبيشمركة والحشد الشعبي والجيش الاتحادي والحشد الوطني بقيادة أثيل النجيفي ورعاية تركيا.
فهل ستدّول إدارة الموصل، تحت سلطة حكم مشترك.. أمريكي – عراقي – تركي؟ والثلث العراقي في الإدارة، سيتوزع بين الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان؟
سؤالان تترك الاجابة عليهما لما ستسفر عنه تطورات الموقف ميدانيا على أرض الواقع.. وغدا لناظره ليس بعيدا!
الفساد
الفساد الإداري والمالي، اللذان ما عادا سرا في العراق، إنما هما جزء حيوي يتفاعل مع مجريات العمل اليومي، في سياسة وإدارة الدولة العراقية، من أعلى الى أدنى مستوياتها، حالة سترحل، من عهد ما قبل تحرير الموصل، الى عهد ما بعد تحرير الموصل، مستحضرا معه جملة مستلزمات لديمومته.
فإذا شئنا الإفادة من التحول، في تجفيف منابع الفساد؛ لنبني عراقا متحضرا نزيها، تقوده المصلحة العامة، وليست المنافع الشخصية والفئوية للأحزاب والأفراد المتنفذين في الدولة، يجب إستحداث منظومة دستورية، يقودها بطل وطني، كما يسميه ميكافيللي: “مستبد عادل” وليكن إستبداد عدالته مؤقتا، ريثما يعيد تنظيم شؤون البلد، وينتشله من بحر الفساد الغارق فيه، ويصل به الى بر النزاهة الأمين، حينذاك نعود للتفكير بديمقراطية حقيقية، لن تشوهها المحاصصة، مستفيدين بذلك من تدعيم السلام المطلق، في عراق خارج من آتون لهيب الإرهاب، الى ربيع السلام.
نزاهة
كلما ظهر مسؤول تحدث عن النزاهة ملء فمه، بينما هو واحد من حماة المفسدين، كمعظم السياسيين العراقيين، ما يجعلنا بحاجة لإعادة كتابة دستور عراقي بحق، بعد إلغاء دستور 2005.
وللتوضيح أقول: أعاد السنة إرتكاب الخطأ الذي وقع فيه الشيعة، عندما قاطعوا دستور 1923؛ فسارت الدولة العراقية، 81 عاما، على سكة سنية سحقت الشيعة والكرد.
ما دامت التداعيات التالية على تحرير الموصل، منظورة ومتوقعة؛ إذن بالإمكان إتخاذ الإجراءات التي تعمق الحسن منها، وتقره وتعززه وتدعمه وتسهل تنفيذه، نظير وضع العلاج لما هو سيء والتمهيد للجوانب الإشكالوية، التي يمكننا التفاهم بشأنها، كأطراف أخذت حق التحكم بمستقبل العراق؛ لما بذلته من دم ومال، في سبيل تحرير الموصل، من “داعش”.