22 نوفمبر، 2024 11:27 م
Search
Close this search box.

العرق الزحلاوي … والتمويل الميليشياوي 

العرق الزحلاوي … والتمويل الميليشياوي 

لقد رصدت غالبية الاّراء التي كتبت عن إصدار البرلمان العراقي لقانون منع الخمور وجدت ان الطروحات لاتلامس كبد الحقيقة وحتى لا أسهب في الطرح سأوجز  الظاهرة.            ان الاعتراضات الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي جاءت صحوة متاخرة لقانون تحريم الخمور لان مجالس المحافظات منعت منعا باتا، فتح اي محل لبيع المشروبات الروحية بطريقة البيع المفرد او تعاطيه في جميع المحافظات ما بعد ٢٠٠٣ ، وان جميع سيطرات الشرطة والجيش تحتجز اي شخص بحوزته قنينة خمر واحدة وإحالته لقاضي التحقيق بعد توقيفه واهانته ، وبذلك فان قرار التجريم لبيع الخمور صادر من قبل احزاب السلطة بجميع أنحاء العراق ما عدى بغداد وإقليم كوردستان.       

  ولو اخذنا تجربة النهج الظلامي التي تروم تطبيقه احزاب السلطة بالتضييق على الحريات المدنية، تقتفي بأثره خطى المنظّرين الإسلامويين أينما حلو في قندهار او طهران او الرياض او الدولة الاسلامية الجديدة (داعش) نظرة مبتغاها الاطباق على الحريات العامة ومصادرتها.
         لكن ما حدث في العراق يوم امس امر له من الغرابة ما يثير التساؤل للاسباب التالية:اولا: التقاطع الدستوري وعدم وجود المسوغ القانوني لاصدار التشريع.
ثانيا: مباغتة مجلس النواب بطرح المشروع دون تهيئة الراي العام وبلا مقدمات.
ثالثا: التوقيت الزماني مع معركة التحرير من داعش لجر المجتمع المدني على صراع عنوانه تجريم الخمور، بغية التخفيف عن رصد إخفاقات السلطة والمطالبة بمحاسبة المتسببين عن ضياع مدن العراق وسرقات المال العام.           

تلك مقدمة ولندخل لما قصدنا اليه والنتائج التمويلية للأحزاب الحاكمة من خلال إدارة دفة العملية التسويقية وارتفاع الأسعار للمستهلك.
            تشير مجمل المعلومات ان تسويق المشروبات الروحية في العراق بعشرة اضعاف الاستهلاك لما قبل ٢٠٠٣ وربما اكثر ، ويمكن لإثبات المعلومة الاطلاع على سجلات الضريبة والجمارك وشهادات الاستيراد التي يتم بموجبها التحويل المالي من قبل البنك المركزي العراقي في سوق العملة.
         ويمكننا القول ان الاحزاب وميليشياتها أجادت اللعبة في المحافظات بشان العملية التسويقية للمشروبات الروحية بإصدار اوامرها الى اجهزة الشرطة في السيطرات لاحكام القبضة على اي مواطن يتجرا على جلب قنينة خمر من بغداد وإحالته الى المحاكم التي ما لبثت ان تكون اداة طيعة بيد سلطة الاحزاب بتوقيف الفرد الذي بصحبته قنينة الخمر وفق مادة قانونية ما انزل الله بها من سلطان ٢٤٠ من قانون العقوبات العراقي وهي تشير بمحتواها مخالفة التعليمات ، وحين مناقشة القاضي المختص ماهي التعليمات التي أصدرت بشان المشروبات الروحية وهي تباع في بغداد بشكلها العلني تحت حماية الميليشيات وتقاسم الأرباح، يكون الرد بلا لغة قانونية نريد ان نحمي المجتمع متناسي انه قاضي وقد يخالف القاعدة القانونية ” لا عقوبة بدون نص ” 
         ومن خلال تلك اللعبة يمكن الاطباق على حرية تنقل المشروبات الروحية من خلال الأفراد وحصرها كليا بموافقة الاحزاب الحاكمة لان مرورها عبر السيطرات وبكميات كبيرة يوميا بحاجة لرعاية يد طولى على تلك السيطرات.             

وبدخول السيارات المحملة للمحافظات بالمشروبات الروحية توزع من خلال وكلاء لبيعها بطريقة المفرد للتوصيل ،وباسعار قد تصل الى اضعافها بعشرات المرات من سعرها.                       

 وبذلك بدا الصراع بين تلك الاحزاب والميليشيات بشان تصريف البضاعة والهيمنة على الرقع الجغرافية للتوزيع وتلك تجارة لا يستهان بها بجني الأرباح بأرقام فلكية.

يتسائل القارئ لماذا صدر القرار البرلماني بمنعها اذا كانت الاحزاب تحقق مرادها الربحي والتمويلي .. تكون الإجابة انه طالما بغداد تباع فيها المشروبات الروحية هنالك تسريب للمحافظات بطريقة واُخرى دون سيطرة الاحزاب واذا منعت من دخولها العراق بشكل قانوني عام، ستقوم تلك الاحزاب بدخولها حصريا لتحقيق حالة تمويلية بالسيطرة على ذلك السوق من خلال فرض ارادتها بالدخول عن طريق الحدود المفتوحة للأحزاب وتحت حمايتها لتحقيق أوسع نشاط ربحي ومن دون الخضوع للضرائب.           

  ناهيك عن تفشي تجارة المخدرات والأقراص برعاية قوى متنفذة لحماية مسارات البيع والتهريب عبر الحدود والتغاضي حتى دخلت المدارس والجامعات وحلّ الخراب.
         لذا يمكننا القول انه بعد انخفاض أسعار النفط تكاد تكون الواردات النفطية غير قادرة على تسديد رواتب موظفي الدولة المترهلة ولا وجود لمشاريع كبيرة يمكن للأحزاب السيطرة عليها بغية تمويلها، فكان مبحث الاحزاب عن توسعة التمويل بالسيطرة على تجارة الخمور لان وجدت فيها موارد مالية جمة في المحافظات فأطلقت العنان على السيطرة الكلية على منافذها وسبل تسويقها والتضييق بغية ارتفاع اسعارها، ولم تكن الاحزاب بعيدة عن الأنشطة التجارية ففي أسواق اللحوم بالامس كانت تجربة الدجاج الفاسد تحت مسمى الكفيل ووجبات الأبقار المريضة كما فضحت باخرة العجول النافقة في ميناء ام قصر ويمكننا الإشارة لسيطرة الاحزاب على سوق الأدوية العراقية وارتفاع اسعارها اضافة الى دخول العلامات التجارية الرديئة.فهي منافذ تمويلية للأحزاب ولها كارتلات تسويقية وإدارية بغية تحقيق أقصى المنافع المادية والإثراء الخيالي على حساب المواطن.

[email protected] 

أحدث المقالات