18 ديسمبر، 2024 8:46 م

خيبتان للجلبي وعلاوي

خيبتان للجلبي وعلاوي

تتشتت الكتل، والأحزاب، والحركات، وتنشق منها وعنها : شخصيات، وفصائل، وفروع. ثم تتجمع ثانية في كتل (جديدة) لتدخل في الانتخابات – المحلية أو الوطنية – كي تنجح في جمع أكبر عدد ممكن من الأصوات، ثم ما تلبث أن تنشق هذه الكتل، حين تختلف على توزيع المناصب – وربما توزيعنا أيضا – فتتشكل أفرع جديدة، لأحزاب استهلكت لفرط ما تشضت. أو تؤسس أحزاب جديدة (بائسة)، لا تقدم جديدا، لا على مستوى طروحاتها السياسية، ولا على مستوى الوجوه.
قد لا أكون الوحيد الذي كان يحلم بأن الحراك السياسي في العراق (الجديد)، سيقتصر بالدرجة الأساس على: (حزب محافظين) – ينتهج سياسة تقليدية محافظة تعمل على تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتصفية القطاع العام – يقوده – مثلا- رجل اقتصاد بارع مثل السيد أحمد الجلبي (1944)، الذي يحمل خلفه تاريخا طويلا، من العمل السياسي (الواقعي) ضد الديكتاتورية، يضاف له إرث عائلي مهم، ومؤهلات علمية وأكاديمية رفيعة، وعلاقات محلية واسعة، وذكاء حاد.
و(حزب عمال) – يهتم مثلا بإعادة توزيع الثروة من خلال نظام متطور للضرائب المباشرة – يقوده رجل سياسة مثل السيد أياد علاوي (1945) الذي يجر خلفه هو الآخر، تاريخا من العمل السياسي القومي، سواء مع البعث أو ضده لاحقا. ومع ذات الإرث العائلي الذي يحمله السيد الجلبي، مضافا له : علاقات و( مقبولية) عربية لافتة. لكن هذا الحلم لم يذهب بي بعيدا، فقد خابت الآمال في عالم الرياضيات البارز، والأستاذ الجامعي في أرقى جامعات الشرق الأوسط على الإطلاق، والمصرفي المعروف والسياسي المحترف، حين قرر الاصطفاف طائفيا، مع شخصيات ( هزيلة) ساهم هو شخصيا، وبمساعدة واضحة من مراكز القوى الدينية، في تجميعها، ليقف – حسب اعترافه – أمام السيل الجارف الذي كان يمثله – وقتها – السيد علاوي ، الذي اكتسحت شعبيته العراق بأكمله. أما الطبيب (اللندني)، والمناضل القومي، وصديق بريطانيا والولايات المتحدة والسعودية، فقد خيب آمالي هو الآخر. فهو وبرغم اجتماع أكثرية الأصوات – وبالتالي المقاعد البرلمانية – لقائمته مثلا، إلا أنه عجز عن ( أدارة النجاح) واستثماره باتجاه الاستحواذ المستحق على منصب رئيس الوزراء، له، أو لمن يرغب به. وضاع كل شيء في اتفاقية أربيل، التي بدا فيها السيد علاوي، كرجل قليل الخبرة، حين تم إقناعه بالتوقيع على وثيقة ( الخداع ) تلك، والتي تحمل مخالفات دستورية، ما كان يفترض أن يوافق عليها. الرجلان: المحافظ والقومي، لم يقدما لناخبيهما أي خدمة تذكر في البرلمان، وهذه خيبة أمل أخرى. فلولا (تعاليهما) على مجلس النواب، لتحول ربما – وبقيادتهما – إلى الحاكم الفعلي للعراق، ولأمكنهما – مجتمعين أو مفترقين – إسقاط حكومة، وتعديل دستور، وتشريع قوانين مهمة.
خيبة الله عليكما.
في أمان الله.