لقد تعودنا على العجائب والغرائب .. وتعودنا لا بل نشأت شعوبنا ومجتمعاتنا على الكثير من الأخطاء ! قياسا ً بالأمم والشعوب المتحضرة التي عرفت الأخطاء وشخصتها لتتخلص منها في زمن قياسي وتسير في طريق الحضارة والتطور . ( الممنوع مرغوب ) هو من أكثر الأمثال الشعبية تطبيقا ً في مجتمعاتنا ، وحينما يصوت برلماننا العجيب أقصد ( العتيد ) .. على قرار حظر الخمور ويصدر قراره بمنع أستهلاكها وأستيرادها وقد يكون شمها أو لمسها أيضا ً !! فهو حقا ً حريص على صحة المواطنين وحريص على أن يكون الشعب صاحي أو بالأحرى ( مصحصح ) في زمن الغفلة الذي يعيشه البلد ، في زمن ليس في حساب الزمن ! في زمن العكس والمعكوس .. وبما أننا في هكذا زمن فلا عجب أن تكون القرارات عجيبة والمواقف غريبة بكل ما في الكلمة من معنى ، وحدث ولا حرج عن الفلاسفة والحكماء الجالسين تحت قبة البرلمان .. حيث تركوا كل شيء يخص الوطن والمواطن ليصدروا قرارا ً بحظر الخمور ، فيا لعظمة برلماننا ويا لذكاء أعضائه وإخلاصهم وتفانيهم في خدمة البلد والشعب . نعم .. فقد تم تطهير كافة المدن المغتصبة والمحافظات المنكوبة منذ عامين وأكثر من أيدي الظلاميين .. وتم تقديم كافة الفاسدين والمزورين والمحتالين الى العدالة .. وتمت محاسبة سراق المال العام .. وتم تنفيذ كافة المشاريع الخدمية ، وتم إعمار كافة البنى التحتية .. وتم القضاء على البطالة .. وتم تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتم القضاء على أزمة السكن .. وتمت حماية الحدود .. وتمت مناقشة كافة الخطط التنموية .. وتم وتم وتم .. كل شيء ليتبقى فقط حظر الخمور !! يا سادة .. هل نسيتم أن الممنوع مرغوب .. هل ناقشتم قراركم هذا من كل الجوانب ؟ هل ناقشتم النتائج المترتبة على ذلك ؟ هل تصورتم كيف ستكون العواقب ؟ أم أنه تصويت وإقرار فقط ! إنكم بهذا تفتحون الباب على مصراعيه للتهريب والمهربين .. وتفتحون الباب لمواد أخرى أشد فتكا ً وأسوأ ضررا ً من الخمور .. إنكم تشجعون السوق السوداء وتجارها وعملائها .. إذ ستقفز أسعار الخمور الى أضعاف مضاعفة وستكون العاقبة كارثة على الجميع .. ناهيك عن التبعات الأقتصادية من وراء التهريب والأتجار بالممنوع ، والكارثة الأخرى أنكم ستقضون على مصادر الرزق للكثير من المواطنين .. ولم كل ذلك ؟ لِم َ ؟ هناك الأهم والأهم ّ للمتابعة والحل وإصدار القرارات ! في الختام .. سأكون صريحا ً برأيي .. وأخاطبكم بكل بساطة ووضوح .. دعوا الخلق للخالق .. ودعوا كل يتولى أمر نفسه لانه أدرى بمصلحته ، ولنكون صريحين أكثر .. وكما قال أحدهم .. لقد فرقتنا المذاهب .. وفرقتنا الطوائف .. وفرقتنا الملل والأحزاب .. وأبعدتنا المصالح .. نعم نحن متفرقون عن بعضنا في كل شيء ! وبعيدون عن بعضنا في كل شيء .. إلا ّ في الحانات والبارات .. فجميعنا متقاربون ومتحابّون .. بل ومتحدون !! صدقت يا هذا .. صدقت وبالحقيقة الناصعة نطقت .