22 نوفمبر، 2024 11:43 م
Search
Close this search box.

ضربة معلم انت معلم 

ضربة معلم انت معلم 

موضوعة الخمر ومنعه ضربة معلم  في فن السياسة كما يقول اللسان المصري .
فبه تؤكد الطبقة السياسية ..ترسيخها لمبدا الدين كعقيدة سياسية ، وتؤكد ايضا بعد هذا الترسيخ ، استمرار مبدا التحاصص لعملية التواجد في السلطات التي تحكم وتدير الشان العام …
هذا القرار يستند على الدستور بشكل لا يقبل اللبس 
حيث يقول ان الاسلام دين الدولة الرسمي وهو ايضا مصدر اساسي لقوانينه وتشريعاته …ولا يمكن سن قانون يخالف ثوابته. اذن عملية تشريعه منطقية ومقبولة وشرعية ..لان الدستور اتفاق شعبي تم قبوله باقتراع عام ..بمجرد ما اعلن عن التصويت لهذا القرار ..امتلات صفحات التواصل الاجتماعي بصور قناني انواع الخمور والسخرية من القرار …ولكن من هم المعترضون؟
هنا تكمن ضربة المعلم ؟ 
سيعترض من يسمي نفسه مدنيا ، الغير ممثل اصلا كتكوين اجتماعي في البرلمان ..اي ليس له اي قوة سياسية تذكر …لا بل ان قوته في الشارع تلاشت هي الاخرى بعد الفشل المريع للاحتجاجات الشعبية الاخيرة ،وابتلاع القوة المتنفذة امكانية تاثيره الان وفي المستقبل ، ذلك لان هذا التشكيل الضعيف او ربما الميت سريريا يتوافر على ذهنيات بامكانها صناعة راي عام معارض لنمط  الثقافة المجتمعية السائدة،وحين تضرب القوة المتنفذة ضربتها لتشريع مثل هذا القانون فمن الطبيعي ان يتصدى هذا التيار له ، ويقع في الفخ الذي سيؤدي به حتما لخسارة  القاعدة الشعبية التي يتوقعها او يحلم بها في الشارع  لان الشارع مغلف بصبغة دينية طبعت المجتمع بتشكيلات انتمائية تضمن الحماية لاتباعها بما هو فوق القانون ، ليصبح هذا القرار ضمن الصفات الانتمائية المشكلة والمسيطر عليها باللاقانون لتنتج الشرعية المطلوبة لهرم السلطة وتشكيلاتها الساندة على الارض ..وهو يضيف قوة ساندة اخرى للاحزاب المتنفذة والتي تستمد شرعيتها من الثقافة الدينية لدى المواطن الذي سيصبح حتما بلا خيارات او ربما بخيار واحد حتى بالنسبة لمن يتوهم نفسه مدنيا . 
الامر الاخر الذي سوف تستفيد منه القوى المتنفذة من هذا القرار …هو استمرار وترسيخ وتوطيد اسس الفساد ونهب الثروة العامة واستثمارها في الترويج لتجارة او حتى لصناعة  المخدرات ليصبح العراق ولاول مرة في التاريخ سوقا مستهلكة او منتجة لهذه المادة ..في بلد يبحث المال الفاسد الكبير والمتضخم عن سوق قذر لتراكماته والبحث عن صور وطرائق لغسله وتهريبه كما هو الحال في بلدان الجوار والمنطقة  والسوق جاهزة ومتاحة ولها زبائنها ذلك لان الشباب لايمكنهم الاستغناء عما يمتص شحنات طاقاتهم واندفاعاتهم العاطفية والنفسية ،خصوصا مع هذا الكم الهائل من الكبت والتابووات والبطالة والجو العنيف الخانق ..وسيصبح الخمر مقتصرا على الطبقات الغنية بعد عان يصبح سعره كسعر الذهب في نشاطات التجارة الطفيلية والتهريب ..فلا مجال امامهم الا المخدرات والانحدار نحو السقوط الاجتماعي وانتشار امراضه …
لا بل امر هذا القرار يتعدى الى ابعد من ذلك ، اذ انه يديم تبعية المجتمع العراقي للتدخلات الاقليمية ذات الصبغة الطائفية …فالدولتان التي تحكمان بالعقيدة الاسلامية الصرفة يمنعان بموجب القانون ايضا تداول الخمر ..ما يعني ان النمط الثقافي للشباب هناك حتما سيؤثر هنا ويصبح التداخل اكثر تاثيرا سواء في ناحيته الفكرية او امراضه الاجتماعية .

أحدث المقالات