لا يمر اسبوع على بلادنا الا وكان هناك اعلان عن فساد في المنافذ الحدودية والموانئ يترواح بين الرشى والتهرب من دفع الكمارك وادخال بضائع فاسدة ومنتهية الصلاحية، بل ان الامر وصل الى شكوك في توريد بضائع تالفة لطمرها في اراض بلادنا، أي ان العراق اصبح مكباً ومكانا للطمر الذي يشكل خطراً على البشر والارض في آن واحد.
البلاد تخسر موارد كبيرة يمكن ان تمول الاقتصاد الوطني الذي يعاني من عجز اضطر الحكومة الى الاقتراض من الدول والمؤسسات المالية الاجنبية لسده، فيما هناك موارد تحت يدها يهدرها موظفون غير كفوئين وينهبها فاسدون في المنافذ الحدودية في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجهات الرقابية يقول النائب حاكم الزاملي الذي زار موانئ البصرة لمتابعة شحنة الرز التالف .
ان جباية الاموال من الموردين لصالح خزينة الدولة لا تشكل الا النزر القليل، والقائمون على هذه الجباية فاسدون وحددهم بالاسماء، برغم ان اللجنة الاخيرة جاءت بتعيني من رئاسة الوزراء.. وذلك لغياب الرقابة وان العاملين في هذه اللجان اصابهم ثراء سريع بائن للعيان. الواقع الشكوى مما يجري في المنافذ الحدودية اصبح امراً مستداماً وهو معروف لكل العراقيين من المنافذ او من هم بعيدون عنها، والاعلام في تحقيقاته كشف عما هو مستور او يحاول بعضهم تغطيته، وبين مبالغ ضخمة تفقدها خزينة الدولة يومياً جراء هذا الفساد، وتروى شهادات المتضررين من هذه المنافذ في البصرة وديالى وغيرهما لقد صارت تسعيرة لكل شاحنة وحسب نوعية البضاعة، والمورد يدفع مرتين للحكومة مبالغ بسيطة وللسيطرات اكبر منها، وهي الاساس الذي يسمح له على ضوئها بوصول بضاعته الى وجهتها للمخازن والاسواق ان هذه الاتاوتات باتت تشكل اقتصاداً موازياً، والاكثر خطورة فيه تمرير البضائع التالفة لتجد طريقها الى المستهلك لاحقاً ومثل هذه البضائع مهما دفع موردها لا تشكل له أية خسارة مادية، فهي تكاد ان تكون كلها ربحاً، فهو يشتريها بسعر التراب ان لم تكن مجاناً..وبالتالي المتضرر الوحيد في النهاية المستهلك والاقتصاد الوطني لتضاف صعوبات وعراقيل وخسائر لتعمق ازماته وكبح نموه وتطوره.
لابد من الاشارة ان الحكومة تعلم بما يجري في هذه المنافذ الحدودية، ولكن اجراءاتها ليست كافية وغير مانعة لمحاصرة الفساد والحد منه الى اقصى درجة ممكنة.
من هنا هي بحاجة الى اجراءات فعالة وشديدة والاستفادة من الخبرات في البلدان الاخرى، والاهم من ذلك انتقاء الموظفين على اساس الكفاءة والنزاهة والمقدرة على الاداء الجيد وليس على اساس المحاصصة والقرب من هذه الجهة او تلك المسؤولة عن المنفذ الحدودي.
ومن المهم ان تكون آليات الرقابة محكمة ولها سلطة علوية في قرارتها المهنية والقانونية واحالة الفاسدين الى القضاء العادل وتعريف الناس بما تحققه وما يناله المذنبون من جزاء.
مرة اخرى نقول ان بلداناً كثيرة تشكل الواردات الضريبة رافداً لتمويل موازنتها الى جانب انها تصحح الاختلالات الاجتماعية واعادة توزيع الثروة ومنع الاستغلال الذي تتعرض له غالبية مواطنيها