18 نوفمبر، 2024 1:45 ص
Search
Close this search box.

لمصلحة من يذبح المسيحيون والأيزديون  في (دهوك) ؟

لمصلحة من يذبح المسيحيون والأيزديون  في (دهوك) ؟

لانأتي بجديد حين نقول ,بخطأ أية تصرفات أو سياسات  تستهدف أخوتنا في الإنسانية والمواطنة ,وتوحيد الله ,من المسيحيين والأيزديين والصابئة والشبك , أبناء الله وخلقه ,لتعمير الأرض وقول كلمة الحق والعدل .
على امتداد تأريخ العراق السياسي الحديث, لم يعرف لهؤلاء المواطنين العراقيين, أذى واضحا أو منظما, يستهدف مواطنيهم باستثناء الحركة الآشورية التي ظهرت عام 1936عندما طالب ( مارشمعون) البطريك الثالث والعشرون للمشرق ب(السلطة الزمنية), إلى جانب السلطة الدينية ,مما تعارض مع (الدستور العراقي), وسياسة الحكومة ( من وجهة نظر الحكومة المركزية ), التي وجدت في تلك المطالبة ثلما لصلاحياتها المركزية في الإدارة المركزية للعراق , وكان أن جردت حملة عسكرية واسعة بقيادة الفريق بكر صدقي ( منفذ الانقلاب الشهير فيما بعد), لوأد هذه الحركة, حيث أستسلم كثير من أفرادها, وعبر الأكثر منهم إلى الجانب السوري, لتنشأ هناك جالية أشورية اتسعت وتمددت لحد الآن . وانتهت المشكلة عند هذا الحد, وعاش الأخوة الآشوريون الأمن وأدوا واجباتهم الوطنية ,في الانتظام بالجيش العراقي ,والمشاركة في كافة ملاحمه الجهادية منذ تشكيله , حيث كان بينهم الضباط والآمرين المبرزين .. ولانريد الخوض في تفاصيل الأدوار الايجابية, التي نهض بها رجالات الإدارة والقانون والأطباء والحرفيون المبدعون, في بناء المجتمع العراقي منذ عام 1921, ناهيك عن الحقيقة الغائبة عن البعض, والتي يحاول أصحاب النظرة الاقصائية من ( المتأسلمين) إنكارها, والمتمثلة بريادة الشعوب الآشورية والكلدانية, في حضارة العراق القديمة , والتي نستلهمها اليوم  إلى جانب تراثنا, بل وفي صميم مثابات هذا التراث, منارات للفكر والعلوم والثقافة الإنسانية !

وإذا نظرنا إلى تلك الهجمات البربرية,التي طالت العراقيين المسيحيين والأيزديين في ( دهوك), والمنفذة من قبل أعداء (وحدة العراق) , فهي ليست من مبادئ الإسلام والإنسانية بالتأكيد .فالإسلام الذي جاء به الرسول الأعظم محمد( صلعم) هو غير الإسلام الذي يدعي به المتشددون ,من شتى المذاهب , وهو التفسير الراديكالي للاسلام, الذي رحل زمنه في وجدانيات المسلمين المتنورين المؤمنين با(لوسطية), وعلى وجه الخصوص مبادئ قطبي الحركة الإسلامية وخليفا الإسلام علي بن أبي طالب (ع) وعمر بن الخطاب (رض), ومن ثم أولئك الرجال الأفذاذ, الذين تعلمنا منهم التسامح في الدين, ووسطية الرؤية والتحليل, كما قال فقيه الأمة علي, من أن ( الناس صنفان: أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق), فأين مايجر اليوم من قتل للأنفس وحرق وتدمير للممتلكات ,من مبادئ عظام الأمة, وبناة حركتها وتأريخها المجيد ,وقد احتضنوا المسيحيين, من كافة المذاهب وتوابع الكنائس, رغم تلك المحاولات التي حاولتها الكنيسة الرومانية, وذوي السلطة والحكم في( أوربا) , والمغالين اليهود, من محاولات أحداث ألقطيعه, وسيادة الضغائن بين المسلمين والمسيحيين, في الجزيرة العربية أبان صدر الرسالة الأسلامية, قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام!

أننا اليوم نعيش الألفية الثالثة بعد الميلاد , في عصر تلاقح الرسالات والأفكار والمبادئ, من أجل حياة إنسانية ترقى إلى مستوى بناء الإنسان, على مختلف أديانه ومذاهبه واجتهادات تعبداته , وممارسة دوره  في أعمار الأرض !

وإذا كانت مصادر للحركة الإسلامية في الإقليم الشمالي, قد أعلنت عن براءتها من القيام بتلك الأحداث المؤسفة, التي تعيد إلى الأذهان الأحداث الدامية ,التي جرت في الموصل وكركوك في عام 1959 , والتي ذهب ضحيتها العشرات من المسيحيين والأكراد وأبناء البيوت العربية الموصلية والكركوكلية الشريفة, فأن أحداث ( دهوك ),تمثل أشارة إنذار لجميع العراقيين, سواء كانوا في سدة السلطة في بغداد أو الإقليم, وبإمكانية تكرارها من أجل الحاق الأذى المتصاعد بوحدة العراقيين. ونظرا لتأريخ القوميون الشوفينيون الأكراد, في إلحاق الأذى والضرر بالأخوة المسيحيين والأيزديين والتركمان, منذ الاحتلال الأمريكي لحد الآن, والمتمثل في سياسات التهجير والتكريد على وجه الخصوص, في سهل (نينوى) و(كركوك) , فأننا لانغال حين نقول ( ابحثوا عن أصابع الشوفينيين الأكراد هنا أيضا)  ! وغير بعيدة عنّا تلك السياسات التي استهدفت تدمير القرى المسيحية في الشمال العراقي, خلال عقود سابقة على العقد الأخير !

على أية حال ..أيا كانت الجهات المخططة والمنفذه, لهذه الجرائم, التي تلتقي مع الأهداف الرئيسية لتمزيق العراق,حيث لايمكن موضوعيا وواقعيا تبرئة ( الموساد) الإسرائيلي, من وجود أصابع له, تدفع باتجاه أذكاء الفتنة ,بعد فشل الجهات الخارجية المعادية للعراق, في الوصول إلى أهدافها النهائية, لتمزيق وحدة العراق الاجتماعية المتداخلة ( ببلوغرافيّا) ,إذ أن شبكات الاستخبارات الخارجية الاسرائيلية و( كاساتها) , التي تسرح وتمرح في الشمال العراقي , تمثل إحدى أبرز الجهات الهادفة إلى تشظية العراق جغرافيا وبشريا وعقائديا , ومن يستهدف تمزيق وحدة الشعب العراقي ,عليه عدم نسيان أن العراق ,هو البلد المميز, لجهة أن تجمعاته السكانية, لاتضم فئات منعزلة , حيث نجد كافة الأعراق والأديان , تنساكن وتتعايش في بيوت ومحلات ومدن !

المسئولية في أحداث ( دهوك ), تقع بالتأكيد على عاتق سلطات (الإقليم ), من هنا فأن تحقيقا وطنيا نزيها, يتوجب أن تفرضه السلطة المركزية, وتسحب إليه سلطات الإقليم برغبتها أو من دونها, من أجل كشف الجهات ومتداخلات تنفيذ هذه الجرائم, وإدانة المجرمين المنفذين ..فليس من المعقول, أن تكون لشعبنا في كل يوم مأساة , تحت شتى الذرائع والحجج, ونحن نتفرج على هذه المآسي, التي يذهب ضحيتها الشباب والنساء والشيوخ والأطفال !

كل هذه الجرائم لاتفتّ في عضد أبناء شعبنا المسيحيين والأيزديين, شركاء بناة العراق, ومجددوا ثوابته الوطنية المتسامية فوق جميع النزعات الشوفينيّة والدينية والمذهبية .

فهل نجد من يقول لنا , من هم المجرمون في ( دهوك ) ؟ أم أننا سنرى من ( يلفلف) هذه الارتكابات الخطيرة ويقيّدها ضد مجهول ؟

أحدث المقالات