يقال والعهدة دائما على القائل، بأن السيد المالكي لم يكن يعلم بسقوط الموصل، لأنه كان يعتمد على تقارير مضللة من القيادات في تلك المناطق، بالإضافة لوجود إحتقان طائفي تسببت به تصرفات بعض القطعات مع الأهالي.
لكن مع هذا وذاك ما كان للمدينة أن تسقط لولا وجود حواضن، ساهمت بإيواء مجاميع هذا التنظيم الإرهابي، وإيصال المعلومات بنوعية وعدد القطعات الموجودة هناك، ومع أننا هنا لا نريد أن ننكئ الجروح، فإننا في ذات الوقت نحتاج لمعرفة من هو المتسبب في سقوط المدينة الحدباء، ولماذا حصل الذي حصل؟ لكي نغادر هذه المحطة السوداء في تاريخ العراق مرة والى الأبد.
اجتمعت أسباب كثيرة أدت لحصول ما حصل في الموصل، كان من أهم الأسباب هو تغافل القيادات التنفيذية في الدولة العراقية، لطبيعة تعامل القوات الأمنية (الجيش تحديدا) مع الأهالي، ذلك لأن التدريب العسكري يختلف عن التدريب لعناصر الشرطة، فهم (الجيش) يعدون كل شخص أمامهم هو العدو؛ لأن مكانهم الأساس هو الحدود لحمايتها من الأعداء الخارجيين، أما عناصر الأمن الداخلي (الشرطة) فهم يتعاملون مع أبناء البلد؛ لذلك تجد تعاملهم يختلف عن الأول.
الذي حصل وجود تماس بين الجيش والمواطن، بدون أن يتم تثقيف هؤلاء بضرورة ضبط النفس، تجاه تصرفات بعض المواطنين الذين يتذمرون من الحكومة، والتي قد تكون في بعضها موجهة لغرض إسقاط حكومة المركز، الأمر الذي يعتبره عناصر الجيش بأنه تهديد أمني كبير، في المقابل فإن الحكومة تجاهلت المشاكل الأمنية والإقتصادية في الموصل، بملاحظة أن الغالبية العظمى من أبناء المحافظة هم من المنضوين الى الجيش السابق، والذين رفضت الحكومة عودة أغلبهم الى الجيش الحالي، الأمر الذي إستغله بعض الذين يحاولون دق أسفين بين مكونات الشعب العراقي، ونجحوا فيه الى حد كبير.
الطامة الكبرى كانت إعتماد السيد رئيس الوزراء السابق، على مجموعة من القيادات العسكرية، التي أثبتت فشلها في القضاء على المجاميع الإرهابية في مناطق صغيرة، فكيف بمنطقة بحجم الموصل! بالإضافة لعدم قيامه بزيارة الموصل طيلة مدة إستيزاره، وهو الأمر الذي ولد شعورا بالإحباط لدى الأهالي؛ بعدم جدية الحكومة بمعالجة الأوضاع الاقتصادية، وهو الأمر الذي جعلهم بعضهم يفضل التعامل مع تنظيم داعش، على البقاء تحت رحمة الحكومة!
لكن هذا لم يكن عذرا مقبولا بالتأكيد.
اليوم ونحن على أعتاب تحرير الموصل من رجس الإرهاب، ما هو المطلوب من الحكومة وأبناء المحافظة، لكي لا تعود المشاكل السابقة الى الواجهة مرة أخرى؟ سؤال يجب الوقوف عنده كثيرا من قبل الخيرين من أبناء البلد، بعيدا عن التخندق والطائفية، والتفكير بمستقبل البلد وكيف أن السنتين الماضيتين كانتا من السنوات المظلمة في تاريخ المحافظة، خسرت فيها خيرة شبابها، بالإضافة الى خسارة سنوات من الإعمار والتقدم، ناهيك عما خلفته الحرب من دمار في البنى التحتية وتهجير عشرات الألاف من الأهالي بعيدا عن ديارهم.