بعد الحروب والنزاعات الداخلية التي تعرض لها العراق، ونتيجة لطبيعة البيئة العراقية المتشبعة بالاختلاف الفكري والثقافي فضلا عن الاختلافات العرقية والدينية، أصبح الجو العام مهيئا لاستقبال الكلام غير المسؤول بعيدا عن القيود الاخلاقية الملزمة للجميع، وأصبح مجتمعنا يتلقف الاشاعات ممن هب ودب ويروج لها متى ما سنحت له الفرصة، حتى أصبحت (اﻹشاعات) مرضا خبيثا نتجت عنه أعراض شوهت البنية الثقافية للمجتمع العراقي وولدت اليأس واﻷحباط!
من أهم وسائل ترويج الاشاعة في مجتمعنا اليوم هي مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع ال (فيس بوك) الذي يتعايش معه تفكير الكثيرين حتى أصبح اﻷنيس المقرب والناصح الراشد ويتعاملون معه كقرآن منزه عن المعلومة الكاذبة!
فلان سرق خزينة الدولة، وفلان يملك المليارات ويغتصب القصور الفاخرة من الدولة، وفلان عميل لدول أجنبية، وفلان هرب أموال العراق الى دولة أخرى، وفلان يدفع اﻷموال للجماهير لكي تحضر مهرجاناته، وفلان يوظف وزاراته لحزبه فقط ويحرم الباقين منها.. هذه هي أهم الاتهامات التي نشاهدها يوميا تطال عشرات السياسيين في العراق، وفي الحقيقة أن كثيرا من تلك الاتهامات قد ارتكبها المعنيون، ولكن هل دققنا في كل كلمة قلناها أو نشرناها؟ هل أخذنا المعلومة من مصدرها الحقيقي؟ هل تعاملنا مع هذه المعلومة تعاملا مسؤولا همه تصحيح المسار لا تصفية الحسابات الشخصية، والمخاطب هنا هما المواطن والمسؤول على حد سواء.لقد جربنا هذا المنهج لمدة 13 سنة ولم نعرف لحد الان من هو الفاسد ومن هو النزيه، الجميع يتهم الجميع، وهذا يشير بشكل خطير الى أزمة ثقة حقيقية يعيشها مجتمعنا، واليوم ونحن على أبواب نهاية اﻹرهاب في بلدنا، وبعد بوادر الوحدة الحقيقية التي لاحت في أفقنا وتجسدت في أرضنا، كم أن جو العراق مهيئا لزرع الثقة وطي صفحة الماضي، ونتعامل مع الاتهامات بطريقة متسلسة؛ ابتداءا من التأكد من صحة المعلومة وانتهاء باتخاذ الاجراء القضائي المناسب بعيدا عن الاستهدافات الشخصية التي زادت من فجوة الخلافات فيما بيننا.. فلنخيط جرح العراق بوحدتنا ولنرسم المصداقية فوق الواح الحقيقة.