23 نوفمبر، 2024 6:41 ص
Search
Close this search box.

دير بالك علينه !

دير بالك علينه !

في لفتة انسانية ، قررت محطة سكك حديد في اليابان تشغيل احد محطات القطار من اجل فتاة واحدة فقط ، ، فبعد ان قررت هيئة السكك الحديد انتهاء تشغيل المحطة واغلاقها نهائيا بسبب ندرة السكان ، اكتشفت ان هناك طالبة واحدة تدرس بالثانوية العامة وتسافر يوميا الى مدرستها عبر هذه المحطة ، وهنا قررت الحكومة اليابانية اعادة تشغيل المحطة من أجل هذه الفتاة على ان يتم اغلاقها فور انتهاء دراستها ووفق خطاب يصل منها يؤكد بانها لاتريد ان تستقل القطار !!
يحدث هذا في اليابان ، اما مايحدث في العراق فقد دلت احصائيات على ان عدد المدارس الطينية فيه يربو على 1000 مدرسة وان الاف الطلبة مازالوا يدرسون في ظروف صعبة خلال موسم الحر والبرد ، اما حين يهطل المطر فالدراسة تصبح مستحيلة في مدارسهم الآيلة الى السقوط ….
أحد الاكاديميين العراقيين من الذين يقطنون في الخارج وهو رئيس منظمة انسانية ايضا حاول ان يمد يد المساعدة الى ابناء وطنه من خلال تاهيل المدارس الطينية ، وهكذا شحذ الهمم للحصول على المساعدات المالية الكافية عبر استجدائها –حسب تعبيره – من مؤسسات انسانية ومن مستشار الاتحاد الاوروبي ومنظمة الطفولة العالمية لدعم الطلبة المتضررين من الحروب ، وتمكن من الحصول على تمويل لمشروعه او حلمه يكفي لتمويل عشر مدارس طينية بكلفة 8مليون و500 الف دولار أي ان كلفة المدرسة الواحدة تبلغ 850 الف دولاريتم تقديمها مجانا اذ يتم شراء المدارس ونقلها ونصبها دون ان تدفع الحكومة فلسا واحدا ..لذا عاد الى العراق فرحا ليتصل بالمسؤولين لتسهيل مهمته ، وهنا كانت بداية النهاية لمشروعه الانساني ، فبعد اكثر من شهر قضاه في محاولة الاتصال بمكتب رئيس الوزراء طالبا المساعدة لتوزيع مهام العمل ودون ان يكلف الحكومة أية مساعدة مادية ،لم ينل أي تجاوب ولم يقابل رئيس الوزراء او أي أحد من طرفه ..
ويقول الاكاديمي انه طرق ابواب محافظي بعض المحافظات عسى ان يصل الى مطلبه بمساعدتهم ، لكنه فوجيء بسماع عبارة واحدة “دير بالك
علينه ” من افواه بعضهم مباشرة ومن لم يجرؤ منهم على قولها فقد ارسل مدير مكتبه ليقولها بالنيابة عنه !!
وهكذا ، شعر الاكاديمي بالحيرة بين أن يترك التمويل او يضعه بين ايدي من ينظر الى المال قبل مصلحة الأطفال ..لذا غادر العراق عائدا الى اوروبا وهو يتساءل بمرارة عن كيفية اقناع الفاسدين في الحكومة بأن المشروع يمثل خدمة للطفل العراقي ..
ذات يوم ، قال الشاعر محمود درويش : ” بالأمس كنا نفتقد الحرية ، واليوم نفتقد المحبة ..انا خائف من الغد لأننا سنفتقد الانسانية “..هل حل هذا الغد اذن ؟..لابد اننا نعيشه حاليا بعد ان اكتشفنا اننا لم ننل الحرية ومازلنا اسرى تخلفنا ، وافتقدنا المحبة منذ ان استسهل بعضنا بيع ذمته وقتل الآخر بدم بارد ، لم يبق اذن الا الانسانية وهانحن نفقدها ببساطة حين نحرم طفلا عراقيا من الحصول على اماكن صالحة للدراسة ..
اعتقد انني ظلمت اليابانيين هنا حين قارنت بين حكومتهم التي تخصص محطة قطار لتكمل فتاة واحدة دراستها وبين حكومتنا التي تدير ظهرها لمن يقدم مشروعا يخدم الطالب العراقي او يمد له المسؤولون يدهم مقابل ان (يدير باله عليهم ) ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات