وقف الزمن في لحظة فارقة بين رحيل وعودة، الرحيل تمثل بأفول نجم من نجوم الفن العراقي، اذ بعد مسيرة طويلة حافلة بالعمل والمعاناة والعطاء، غيب الموت يوم الاثنين 10/10/2016 في العاصمة الاردنية عمان، الفنان الكبير فنان الشعب يوسف العاني عن عمر ناهز التاسعة والثمانون، وبهذا الرحيل خسرت الساحة الفنية احد اعمدتها، التي قدمت الكثير من الفن الملتزم عبر المسرح والتلفزيون والسينما، ذلك الفن الذي لامس حياة المواطنين وعاش معاناتهم.
احبه الصغير قبل الكبير عشقه الكادحون من العمال والفلاحين، انحنت له المرأة لدفاعه عنها والمطالبة بحقوقها ومساواتها بالرجل، وقف ضد الانظمة المستبدة وعراها من خلال الرمزية الفنية على المسرح، ونذكر منها في احدى مسرحياته في السبعينيات كان يؤدي دوره وهو يحاول اشعال سيكارته مخاطبا الجمهور (خلي نشوف شخاط هلوكت يشتعل) وعندما اشتعل العود صاح وهو متوجه الى الجمهور (اي شتعل) في اشارة منه الى ان الشعب واعي ويرفض نظام البعث ومؤمن بثورته ضد هذا النظام والدكتاتورية.وبهذا فقد رحل عنا من يروج لثقافة الحب والانسانية والطامح بدولة مدنية وعدالة اجتماعية.
والمفارقة ان نفس هذا التأريخ يوم الاثنين 10/10/2016 هو قرار عودة فرسان الطائفية والفساد، بقرار المحكمة الاتحادية برئاسة مدحت المحمود بعدم دستورية الغاء مناصب نواب الرئاسات، رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، واعادت لهم رواتبهم ومخصصاتهم بأثر رجعي.
وبهذه العودة ينهار الامل الكاذب لعملية الاصلاح التي اطلقها العبادي نتيجة الضغط الجماهيري، وتمكين ثقافة المحاصصة والفساد والقبح، ويرحل عنا من يروج لثقافة الحب والانسانية والجمال والطامح بدولة مدنية وعدالة اجتماعية.