لم يبق عراقي لم يسمع بقانون مكافحة الارهاب الذي اصدره البرلمان.
ولم يبق عراقي لم تطرق سمعه مرات ومرات المادة 4 ارهاب وهي اهم مادة في ذلك القانون.
المادة 4 ارهاب تعتبر ارهابياً كلَّ من خطط لعملية ارهابية، او ساعد على تخطيطها، وكل من نفذ، اوساعد على التنفيذ، وكل من تستر، أو ساعد على التستر، وكل من نقل المواد او ساعد على نقلها، وكل من خزن المواد او ساعد على خزنها، وكل من آوى الارهابيين اوساعد على ايوائهم….وهكذا تستقصي المادة 4 ارهاب كل الفئات التي قتلت العراقيين وشايعت وبايعت وتابعت على قتلهم وتلعنهم جميعا.
بيان السيستاني لمكافحة الارهاب ياتي بعد حرب السيستاني على الارهاب بالجيش الشعبي. يمتاز بيان السيستاني هذا عن قانون البرلمان بأنه يبدأ بمكافحة البنى التحتية للارهاب والكامنة في الفكر المنحرف عن الرسالة الاسلامية القائمة على العقل والتفكير المسؤول، لا على الخيالات والاحلام وقصص العجائز وشعوذات السحرة.
السيستاني يدين كل مصدر للمعلومات الدينية والممارسات الدينية والترويج للدين خارج المنظومة العلمية القائمة على القران والسنة
النبوية وامتدادها الشرعي في مدرسة اهل البيت. وبالقضاء على منابع الجهل ومصادر تخدير العوام وتضليلهم بالقصص الطوبائية ينقل المواطن العراقي من عالم الفنطازيا الى عالم العلم ومن دنيا الخدر الى ميدان العمل، ومن جلد الذات الى جلد العدو.
بالقضاء على الجهل يقضي بيان السيستاني على البنية التحتية للارهاب في عقول الضحايا الذي يصلحون للاستغلال من قبل محرّفي الكلم عن مواضعه ولو ادّعوا محبة اهل البيت.
عندما يعيد السيستاني ثورة الحسين الى واقعها الديني من خلال النصوص الثابتة عن اهل البيت فانه يحيي سنة الحسين الذي لم يخنع للظلم ، ولم يخرج اشرا ولا بطرا ..وانما خرج لطلب الاصلاح في أمة جده، وخرج بنفسه (ولم يرسل غيره)، ويضحي بنفسه واهل بيته من اجل تصحصح الانحراف في ميدان المعركة.
عندما يدعو السيستاني الى الرجوع الى المصادر الصحيحة حول ثورة الحسين والكف عن الاسلوب الخيالي فانه يستند الى علم وعمل …علم بمصادر الاسلام الصحيحة: القران والنبي واهل بيته، وعمل بالفتوى في وجوب الحرب على يزيد العصر وجيشه الذي احتل الرمادي والموصل.
لم يواجه السيستاني تنظيم داعش على طريقة الحالمين او ناسجي القصص الغيبية، بل واجهه بالجيش الشعبي على طريقة الحسين بقتال ميداني كانت نصوص القرن والسنة النبوية الصحيحة تسبق وترافق وتلحق كل حركة في الميدان وخارج الميدان لتعطي للاجيال
درسا في الاستناد الى نصوص الدين الصحيحة في الكفاح ضد الظلم وضد الفساد، وفي تبليغ الدين، وفي المحافظة على الصلاة حتى في ساحة القتال خلافاً للنهج التحريفي الذي يرى المشي الى كربلاء اهم من الصلاة، او يعتبر حب الحسين نافعاً لتارك الصلاة.
***
وكما فعلت المادة 4 ارهاب التي استقصت وادانت كل اشكال المساعدة على تنفيذ العمل الارهابي، فقد تناولت المادة 4 من بيان السيستاني كل اشكال تخريب العقل الشيعي التي تخرجه من الخدمة في ميدان الحياة وتوهمه باللجوء الى الخوارق والعجائب، فتجعله عقلاً غير صالح للاستخدام البشري…ادوات تعطيل العقل مدانةٌ في ضوء بيان السيستاني سواء كانت احلام خطباء، او ادعاءات (علماء!)، او خوارق سفهاء، او احاديث نساء….فكل أخذٍ لأي قضية دينية من خارج المصادر الشرعية هو انحراف عن الدين يؤسس لتعطيل وظيفة الدين في مكافحة الارهاب في الفكر والسياسة والعمل والرزق وطلب العلم وكل نواحي الحياة التي جعلها الله قائمة على السنن الطبيعية، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
***
ان السيستاني في الوقت الذي يؤكد على استمداد حقائق الدين من العلماء فانه يريد تثبت حقيقة خطيرة يتحاشى بعض الخطباء اشهارها وهي: ان كل الخوارق التي لم يرد فيها نص شرعي من قران او سنة لاقيمة لها على الاطلاق. وبهذا يكون كل كلام عن
الخوارق المعاصرة نوعاً من التضليل وحرف البوصلة بعيداً عن عن منهج النبي واهل بيته .
***
في بيان السيستاني عمق لا يفهمه العوام ولا يكشفه المعتاشون على الجهل. فحين يؤكد سماحته على الرجوع الى اهل البيت والاقتداء بهم فانه يشير – بحكمته المعروفة وبدون ضوضاء- الى التأسي بهم عليهم السلام في كيفية احياء ذكرى عاشوراء. وهنا يضع المراسم الفعلية لاحياء الشعائر موضع التساؤل امام العقل الشيعي الذي يكتشف بسهولة – من خلال سيرة اهل البيت – الفرق بين طريقة اهل البيت في احياء عاشوراء والطرق المعاصرة.
هل كان اهل البيت يحيون عاشوراء بهذه المراسم التي نشاهدها اليوم؟
ام دعوا شيعتهم الى احيائها بما يحييها الشيعة اليوم؟
ام مارس اصحابهم احياء الشعائر كما نمارسها اليوم؟
ان الذي يشوهون اليوم صورة التشيع بالممارسات الوحشية بحجة حب الحسين سيبدون – في ضوء بيان السيستاني- أشدَّ حباً للحسين من الامام الصادق والباقر والسجاد وباقي الائمة الطاهرين!
****
بيان السيستاني وضع الذين يشوهون صورة الحسين اليوم بممارساتهم الشاذة في حيرة من امرهم…انهم يحيون مراسم عاشوراء بطريقة مختلفة عن طريقة اهل البيت!!
كيف يستقيم هذا مع ادعائهم التمسك بأهل البيت؟
اين ارسطو وسقراط وافلاطون عنهم ليحل لهم هذا التناقض؟
سوف يحارون في تبرير ” شعائرهم”…وسوف لن يجدوا الا تبريرا واحدا يرددونه وكأنه اية قرانية او حديث شريف، سيقولون:
* حب الحسين أجنني
لهؤلاء نقول: بيان السيستاني للعقلاء فقط