بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) ال عمران المقدمة
كلمتان تثيران الاشمئزاز في النفوس , هما كلمة العبد وكلمة الخادم , فالأولى لو وجهتها إلى أي إنسان يعتد بنفسه , يعتبرها نوعا من الاهانة , لان العبد يعني من يكون أنسانا بلا إرادة ولا قرار , ناصيته بيد من يستعبده , ثم ان العبد يقبل بكل ما يقدمه مولاه من طعام ولباس ومأوى , يكون عادة اقل شانا من الأحرار , بل حتى الأحكام الشرعية تفرق بين العبد والحر .. غير ان هذه الكلمة بوجهها الآخر لها صفة عظيمة وشرف ليس فوقه شرف , وهو إذا كان الإنسان متوجها بكل كيانه , ويشعر انه عبدا لله فقط دون الشهوات , فالعبودية لله تعني قمة التحرر من جميع المغريات , وهي تمثل قمة الإنسانية والشرف والكمال ,والخلوص التام بدون مراعاة أي توسلات بالمغريات الدنيوية , ونحن نطلق الكلمة على رسول الله {ص} حين نتشهد, نقول :” اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , واشهد أن محمدا عبده ورسوله ” فقدمنا العبودية على الرسالة , وهذه تزكية كبيرة وتنزيه للنبي {ص} وهو قوله تعالى :” ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].ان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ” وبذلك تكون كلمة { العبد} فيها جانب سلبي , وبالمقابل جانب ايجابي لا يضاهيه أي تعبير ومصطلح .. وذكر الله تعالى عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام بمصطلح العبد , فقال تعالى :” إن الأبرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا , عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ” ( الإنسان 6) ,
أما كلمة خادم او خادمة فأنها تعني { من يقوم على خدمة غيره ذكرًا كان أو أنثى ، وقد يطلق على الأنثى خادمة ، [معجم المعاني الجامعّ ]، أما كلمة حشم .. حَشَم الرجلِ : خاصَّته الذين يغضبون لغضبه حين يصيبه مكروه , يبذلون كل شيْ من اجله المال والدماء والموقف الثابت … وكل إنسان كثير الخدم والحَشَم , يعتبر من ذوي الثَّراء والمكانة : [معجم المعاني الجامعّ ]رغم ذلك فان كلمة الخدم والحشم , لها وضع عرفي يوجهه الناس إلى من يبذل جهده إلى جهة سواء مؤسساتية أو تجارية أو شخصية , تعني إن تلك الجهة تستخدم من يكون خادما للاستفادة من خدماته ,وتجني مغانم كثيرة من جراء تلك الخدمة ..وعادة ما يكون الخادم محتقرا من الناحية العرفية , لان الخادم يختلف عن العامل الذي يقدم خدمة , رغم إنهما يقومان بنفس المهمة تقريبا { فالعامل مَن يَعمَل في مِهنة أَو صنعة, الْعَامِلُ فِي النَّحْوِ : مَا يَقْتَضِي أَثَراً إِعْرَابِيّاً فِي الْكَلاَمِ. ومن هُوَ عُضْوٌ عَامِلٌ فِي الْجَمْعِيَّةِ : لَهُ اشْتِرَاكٌ فِعْلِيٌّ وَمُسَاهَمَةٌ عَمَلِيَّةٌ فِيهَا.ولو قلنا جَيْشٌ عَامِلٌ , فهو الْجَيْشُ الَّذِي يَشْتَغِلُ فِي وَقْتِ السِّلْمِ.
عَامِلُ الإِنْتَاجِ : العُنْصُرُ الَّذِي يُسْهِمُ في النشاط الإنتاجي ..فالعامل يختلف عن الخادم , والنظرة شاسعة بين الطرفين , ومهما بررنا وقربنا أهمية الخدمة للذهن البشري , فان الخادم يبقى إنسانا من الدرجة الثانية , ولا تسود شخصيته في المجتمع بأي حال من الأحوال .. أما الوجه الآخر للخدمة , وتحديدا حين تكون خادما للحسين بن علي , ولآل البيت عليهم السلام , أو خادما للدين الإسلامي , فان الخادم تتبدل صفته التشريفية ويرتقي مراتب لا يمكن لأي شريحة أن ترتقيها ,مجرد أن يكون خادما للحسين {ع} , فان الأمر يخرج من نطاق العقلية المعرفية , وينحو نحو الشرف الرفيع والمنزلة العالية ,فيتربع اسم الخادم موقعا تنسحب عليه قدسية غير طبيعية , ليست قدسية دينية ولا اجتماعية , ولا تقدير بحكم الوظيفة الحكومية , إنها شكل فريد لا يشعر بحلاوته إلا الخدام الحسينيون , وقد ردد شاعرهم عما في نفوس خدام الحسين عليه السلام فقال :.كل الخدم تنهان شفناها بالعين … بس بكرامة تعيش خدام الحسين -فعلا كرامة ولذة لا يستشعرها إلا خدام الحسين الذين تركوا مصالحهم وبيوتهم وأبناءهم , ليعيشوا لذة ما بعدها لذة , ويبنون شرفا ما فوقه شرف .. لأنه يعمل بمنصب خادم الحسين {ع} .تبقى حلاوتها ولذتها دهورا عديدة .. انه السر في شرف خدمة الحسين الثائر عليه السلام … الشيخ عبد الحافظ البغدادي البصرة 5-12-2015 صور من الخدمة يحلو للبعض أن يصف نفسه “خادما” للحسين (ع) من خلال عمل يبذله في الخدمة الحسينية ,ويذيِّل اسمه بهذا اللقب الشريف للإيحاء والإشارة بالتواضع التام والتذلل لهذا المنصب ..الحقيقة إن خدمة الحسين (ع) بصورتها الواقعية هي الشرف الأعظم وان كانت بأشكالها المتعددة , لذلك ترفع كثير من الهيئات والمواكب الحسينية شعار (خدمة الحسين شرف لنا) فتكون خدمة الحسين (ع) فعلا شرفهم لان الحسين (ع) هو شرف لكل مؤمن ومسلم ومسلمة إذا عرف الحسين(ع) بحقه وحقيقته , وهذه تنعكس على زواره , فمن زاره على هذه العقيدة له الدرجات الرفيعة عند الله ورسوله والمؤمنين لان من زار الإمام عارفاً بحقه كتب الله له الجنة .عن الإمام الباقر (ع): قال لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين (ع) من فضل لماتوا شوقاَ وتقطعت أنفسهم عليه حسرات. وعن الصادق(ع)قال : زوروا الإمام الحسين (ع) ولو كان كل سنة فان كل من أتاه عارفا بحقه غير جاحد لم يكن له عوض غير الجنة.ولنا أسوة حسنة بخدَمة الحسين(ع) الحقيقيين من بني هاشم العلويين والمخلصين يضاف إليهم الذين تشرفوا بالشهادة بين يديه (ع) يوم عاشوراء وضحوا بأعز ما لديهم من دماء وولد ومال ومتاع وتعرض عيالهم ونسائهم للمحنة والسبي تأسيا بعيال الحسين(ع) خاصة ,والهاشميين وآل أبي طالب (رض) الذين ضربوا الأمثلة في التضحية والفداء عامة .. ومعهم الأصحاب والأنصار الذين فداهم الإمام الصادق (ع) بأمه وأبيه في زيارته إياهم رضي الله عنهن أجمعين وأرضاهم ووصفهم بأنصار الله ورسوله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وتمنى ان يكون معهم (فيا ليتني كنت معكم فأفوز معكم…..
يقف على رأس خدام الحسين في حياته , أخوه أبو الفضل العباس {ع} حيث كان خادما مطيعا بكل كيانه لأخيه , تكفل بتنفيذ الواجب , وقام به بكل تفاني وصدق , ومن الخدام المشهورين للحسين {ع} حبيب بن مظاهر الاسدي, فانه خادما متواضعا من خلال القول والموقف , وتشرف بهذه الخدمة زهير بن القين وبرير بن خضير ومسلم بن عوسجة وجون وواضح التركي وبنو عقيل وبنو جعفر الطيار .. وغيرهم ممن وفقهم الله للخدمة ومنَّ عليهم بالشهادة وأكرمهم بها مع إمام معصوم منصور من آل محمد (صلى الله عليه وآله).
من هذا يشعر خدام زماننا ممن يستذوق طعم الخدمة الحسينية , انه امتداد لأولئك الأفذاذ ,واختلفت الأساليب , فلان كان له اثر بخدمته في نصرة الحسين يوم عاشوراء , واليوم يقدم الخادم اعز ما يملك لمولاه الحسين{ع}وهو يشعر انه مقصر , ولا اعتقد إن هناك خادمُ في نفسه شعرة من التباهي على الحسين {ع} باعتباره قدم الخدمة الكذائية , اجزم بهم جميعا يشعرون أنهم مقصرون مهما بلغ العطاء , ومهما كلفت الأشياء ..
وقد حاولت أن أجد لكتابي هذا سرا اكشفه للناس عن الحب الحسيني , ولعله الجنون بحب الحسين {ع}, شرقت وغربت , فرأيت انه يجري مجرى الدم , أو انه رزق الهي يقذفه في قلوب المحبين , أو ينتقل ألينا من خلال اللبن الزاكي للأمهات الطيبات فيفطمن أبنائهن وبناتهن بحبه فوجدت قصيدة لشاعر لم يكتب اسمه , وهي اقرب للواقع { واقع العشق والجنون الحسيني }.
يا حسيـــــــــــــــــن يا حسين يا حسين يا حبيبي يا حسين :.. لقد تبعثرت كلماتي عندما أردت أن انسج منها عبارات …بحقك وعادت بين يدي تتوسل أن أعفيها من هذه المهمة , وهي قائلة كيف لي ان أصفه وبأي شيء أشبهه, وهل يوجد شيء في الوجود يشبههوتعالى صراخها يا حسين
هل أشبهك بالشمس وأنت من الشمس أسمى
هل أشبهك بالنجوم وهي من منزلتك أدنى
هل أشبهك بالبحر وأنت من البحر أصفى
هل أشبهك بالحياة وأنت من الحياة أغــلى
هل أشبهك بالورود وأنت من العطر أزكـى
فبماذا أشبهك إذنعُذْراً.. إِذَا انْقَطَعَ الكَلامْ.. فَالرُّوح يَقْتُلَها الحَنِينْ..وَأَنَا المُكَبَلُ بِالهَوى .. والحُبُّ قَيْدٌ لا يَلِينْ ..هَيْهَاتَ أَنْسَى كَرْبَلاءْ ..وَأَنَا بِذِكْرَاها سَجِينْ ..سَأَظَلُ أَذْكُرُ كَرْبَلاء.. وَأَظَلُ أَهْتِفُ يَا حُسَينْفكل قــــــــــلب هتف أجنني حــب الحسين ….يرى المحبون مسؤولية كبيرة في وظيفتهم الخدمية , إضافة إلى شرفها ورفعتها وكرامتها والمستوى الرفيع الذي يكون عليه خادم الحسين الحقيقي (بمواصفات حسينية خاصة) متوسما بأخلاق المعصومين وسيرتهم (عليهم السلام). من هنا نلمس لمس اليد تبدل أخلاق جميع الخدام نحو الكمال والتعالي بشكل غير مألوف , خاصة في أيام محرم وصفر من كل عام .. لا يوجد إنسان يقدم خدمة لزوار الحسين {ع} وعنده طمع بمن يقدم له خدمة , ولكنه يقوم بتقبيل قدمه ويضعها على رأسه , , ويقوم بغسل أقدامه وجميع ملابسه .. ويتوسل بالزائر أن ينزل عنده ضيفا في بيته أو مضيفه وموكبه , يقدم الخدام للزوار أغلى وأحسن ما يملك ..احد الأخوة هو نموذج من خدام الحسين {ع} ممن لم تسمح له دائرته في إحدى السنوات أن تمنحه إجازة ليشترك فيها مع موكبه الذي يقدم خدمات كثيرة للزوار , سألته كيف عشت أيام الخدمة وأنت تشاهد الخدمات والمواكب والمشاية وأنت في بيتك ..؟ قال : والله كلما نظرت إلى البث المباشر حين تبث القنوات صورا للشارع الذي يسلكه المشاية , إلا وانفجرت دموعي وأجهشت بالبكاء والندم يعتصر قلبي لعدم مشاركتي بالخدمة .. هذه الحالة ليست خاصة بهذا الخادم , بل هي تعتري جميع الخدام الحسينيين , ثم نزول الدموع والبكاء,حالة عامة للخدام اعتقد هي حالة لا يمكن التمثيل بهما , إلا إذا اعتمر قلب الخادم بحب الحسين {ع}والتفاني والذوبان بحبه والتشرف بخدمته .. عن الإمام الصادق{ع} : من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين (ع) ماشيا, كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة..ومن زار الحسين (ع) أو جهز غيره يعطيه بكل درهم أنفقه مثل أحد من الحسنات ويخلف عليه أضعاف ما أنفقه، هذه ظاهرة ملموسة في الإنفاق الحسيني , ولا نريد أن ندلل على صحتها .. فجميع خدام الحسين {ع} ابتدئوا بخدمة بسيطة , وتطورت بفعل البركات الحسينية , وجميع الخدام يعرفون ذلك .. وقول الإمام {ع} ” أو جهز غيره ” أي من قدم أي خدمة للزائر .. أما موضوع الإنفاق , فاني اتركه لأصحاب المواكب , والذين يقدمون الطعام والخدمات في المناسبات , وكيف يرى رزقا يزداد عليه , وهذا لا يحتاج إلى دليل. الخدام والقران الكريم القران الكريم يشير إلى موضوع الخدمة للمعابد والمساجد , وكيف ينذر الإنسان لله تعالى أن يكون احد أبناءه خادما لبيت الله تعالى , أو مكان عبادة , أو خادما للحسين {ع}..في القران الكريم قصة لأختين كريمتين هما { حنة وأشياع } تّزوجت الأولى عمران {ع} أحد زعماء بني إسرائيل٬ والأخرى تزوجت النبي زكريا {ع} .. مضت سنوات على زواج (حنة) لم ترزق مولوًدا. وفي أحد الأيام كانت جالسة تحت شجرة٬ رأت طائًرا يطعم فراخه. فأشعل المشهد نار الأمومة في قلبها٬وتلهفت ان يكون عندها طفل تقوم بإطعامه , فتوجهت إلى الله بمجامع قلبها طالبًة منه أن يرزقها مولوًدا٬ فاستجاب الله دعاءها الخالص٬ ولم تمض مدة طويلة حتى حملت…. حيث أوحى الله تعالى إلى (عمران) أنه سيهبه ولًدا مبارًكا , يشفي المرضى الميؤوس من شفائهم٬ ويحي الموتى بإذن الله٬ سوف يرسله نبّياً إلى بني إسرائيل. فأخبر عمران زوجته (حنة) بذلك. لذلك عندما حملت ظّنت أّن ما في بطنها ” للخدمة في بيت الله ” (بيت المقدس ويسّمى محرًرا). (المحرر) من التحرير٬ وكانت تطلق في ذلك الزمان على الأبناء المعّينين للخدمة في المعبد ليتوّلوا تنظيفه وخدماته٬ ويؤّدوا عباداتهم فيه وقت فراغهم. ولذلك سّمي الواحد منهم (المحرر) إذ هو محرر من خدمة الأبوين٬ وكان ذلك مدعاة لافتخارهم.فكان المحررون يتفاخرون إنهم موقوفون للخدمة في بيت الله . وهذا شرف يتقربون به إلى الله تعالى , ( خدمة بيت الله – يؤدي إلى رضا الله , لان بيت الله يحتاج إلى خدام ) ..قيل إّن الصبيان القادرين على هذه الخدمة كانوا يقومون بها بإشراف الأبوين في البداية , يستمرون بها لغاية سّن البلوغ٬وحين يبلغ المحرر ” الخادم” سن الرشد كان الأمر يوكل إليهم٬ إن شاؤوا بقوا٬ وإن شاؤوا تركوا الخدمة حسب رغبتهم وحبهم للخدمة ..كانت المولودة هي مريم العذراء (ع) , يقول عنها القران : رب إني وضعتها أنثى: القرآن الكريم يشرح حال أم مريم بعد ولادتها٬ فقد أزعجها أن تلد أنثى٬ وراحت تخاطب الله قائلة: إّنها أنثى٬ وأنت تعلم أّن الذكر ليس كالأنثى في تحقيق النذر٬ فالأنثى لا تستطيع أن تؤدي واجبها في الخدمة كما يفعل الذكر , والبنت بعد البلوغ لها عادة شهرية ولا يمكنها دخول المسجد حسب القضايا الشرعية في عدم إدخال النجاسة في المساجد ..٬ مضاًفا إلى أن قواها البدنية ضعيفة٬وكذلك المسائل المربوطة بالحجاب والحمل وغير ذلك. ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾.إّن مريم لم تكن تصدق إمكان قبول الأنثى خادمة في بيت الله٬ لذلك كانت تتمّنى أن تلد ذكًرا٬ إذ لم يسبق أن اختيرت أنثى لهذا العمل في بيت الله …من خلال هذه القصة القرآنية المباركة يتبين إن المحرر الذي يكون خادما لله من خلال خدمته في بيت الله ذو منزلة مباركة , وكيف إن الله تعالى اختار هذه السيدة العذراء لتكون وعاءَ لنبي يبعثه الله تعالى وهو من أولي العزم , وتكون ولادته آية للناس حيث ولد بدون أب , كما يفصل القران الكريم قصة ولادته , فتكون المحررة الخادمة , إضافة لعلو المنزلة والشرف الرفيع بالخدمة , فان الله تعالى اختارها أما لنبيه عيسى {ع) وبمعجزة لا يأتي شبيها لها ..ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ظروف وظيفة الخدمة :… من المؤكد إن الزيارات المليونية , خاصة زيارة الأربعين ,ترافقها خدمة للزوار في كل النواحي التي يحتاجها الإنسان في بيته ومدينته , هنا يتنافس الخدام في تقديم ما يحب ويشتهي زائر الحسين{ع} , خدمة وكرامة واحتراماَ قل نظيره في عالم الكرم , وهو ما يشاهده العالم جليا في الزيارات المليونية المتكررة ,حيث تقام سرادق الخدمات المقدمة للزوار من مأكل ومشرب ومبيت , وغير ذلك الكثير مما يقدم من أصول التعازي والمواساة للنبي{ص} وآله.خدمة الحسين {ع} لها مواصفات خاصة , فخادم الحسين له مواصفات خاصة به حتى يصدق عليه القول بان هذا خادم الحسين{ع} , ولا يكفي التظاهر بحب الحسين{ع} والتشرف بحمل لقب الخدمة دون موقف يسر الحسين {ع} واهم صفة لا بد أن يتحلى الخادم بها , هي أن يكون عارفا بحق مولاه , سائرا على نهجه وأخلاقه وسيرته العطرة , متسلحا بالمواقف البطولية والإنسانية لتحرير الناس وتحرير نفسه من الظلم , ليكون مؤهلا ان يحمل صفة خادم حقيقي لخدمة يتشرف بها الملائكة المقربون.. ولنا في جون مولى أبي ذر الغفاري (رض) أسوة حين وقع على قدمي الإمام يقبلهما حين أذن له الإمام{ع} بالانصراف في اشد ساعات الحرب ضراوة ,مع قلة الناصر وكثرة العدو, إلا أن جون التمس الفوز بالشهادة بان يمُنَّ عليه الإمام {ع} بها, رافضا أن يكون في الرخاء يلحس القصاع وفي الشدة يخذل ولي الله تعالى …! فكم من خادم للحسين{ع} بهذا المستوى الرفيع ؟. كم خادم قدم حياته في سبيل أحياء شعائر أبي عبد الله الحسين {ع} , في أيام الهجمة الطائفية التي قادها أعداء أهل البيت {ع} في زمن الطاغية وزبانيته الذين تفننوا بكل خبائث أهل الأرض والشياطين المردة أن يطمسوا ذكر الحسين {ع} , وان لا يرى أحداً شعيرة تقام في عاشوراء , هذه لم تكن وليدة تلك الحقبة السوداء , بل هناك عهود مرت على خدام الحسين {ع} في العصر الحديث , ومن كان قبلهم من الطغاة , في تلك المواجهة الكبرى, صمد الحسينيون الخدام الحقيقيون , صمودا قل نضيره في عالم العقيدة .. هدمت بيوت وانتهكت عوائل بإعدام أبناءها , وهجر كثير من الرجال والنساء بلدانهم .. كانت قيادة حزب البعث , وأعداء الحسين {ع} يعقدون الاجتماعات قبل موسم الشعائر الحسينية في أيام محرم كل عام , ويفرضون شروطا على خدام الحسين {ع} يريدون أن يزحزحوهم عن عقيدتهم بالحسين وبالشعائر والخدمة الحسينية .. ولا أغالي أن اكتب للتاريخ وللأجيال إن بعض ممن يخدمون الآن في بعض المواكب , كانوا هم من يقومون بمنع الشباب من الوصول إلى الحسينيات والمساجد , سواء للصلاة أو للحضور في المجلس الحسيني , وقد عشت تفاصيل تلك الفترة في محافظة البصرة التي صمدت مع بعض المناطق في جنوب العراق أمام هجمة البعث ضد أهل البيت {ع}.. صور من تاريخ ودور البعثيين ضد الحسين {ع} .. اكتب نقطة من بحر الظلم الذي عايشناه مع أزلام البعث. أنا . وعاش به غيري من الخدام الحسينيين , ليس هو غرضي إلا للتوثيق التاريخي أولا , ولابناءنا الذين يخدمون الآن في المواكب والحسينيات لتكون عندهم الصورة واضحة … كان البعثيون يقومون بالأعمال التالية ..1- يصدر كتاب من قيادة سر العراق لحزب العفالقة من بغداد يتم تعميمه على المحافظات والاقضية والنواحي مضمونه التضييق على منح إجازات للقراءة .. لان المجلس لا يمكن أن يتم دون موافقة الحزب والأمن , وهذه تستوجب دفع رشاوى, وتوسل بهم والتوسط عند بعضهم , وغالبا ما تحصل الإجازة بعد ثلاثة أو أربعة أيام , فتكون العشرة الأولى 6 ستة أيام فقط , ولا توجد عشرة ثانية وثالثة في جميع أنحاء العراق ..2- هناك شروط تعسفية يستوجب ان يوقع عليها بالموافقة صاحب المجلس الحسيني رغما عليه ومن تلك الشروط * عدم التعرض للحكومة وشخص الرئيس صدام * عدم مس القيادة والحزب في أي مظهر سياسي* عدم ذكر أسماء جميع الشخصيات التي للحكومة منها موقف .. كأسماء المراجع المعدومين أو نقل آراءهم على المنبر …
3- يتعهد صاحب المجلس الحسيني بعدم دخول الشباب إلى المجلس الحسيني وعدم اصطحاب الأطفال .
4- منع مجالس النساء بنسبة 99% في كافة أنحاء العراق وفي بعض المحافظات 100%
5- يمنع منعا باتا وضع القدور في الشارع عند الطبخ ,ومنع توزيع الطعام بشكل علني ..
6- أن يكون الخطيب من أهل المحافظة { أي يمنع أن يأتي خطيب من النجف وكربلاء } ..
7- يمنع رفع الرايات الحسينية في الشوارع وعلى الحسينيات من الخارج منعا باتا ..8- ممنوع رفع السواد في أي مكان قرب الحسينية أو المسجد أو البيوت .. ومن يرفع علما حسينيا أو أي ما يدل على الحزن والمصيبة على الحسين {ع} يتعرض للاعتقال ..9- يتعهد صاحب المجلس ان الخطيب الحسيني يدعو للرئيس المقبور صدام حسين .10- يمنع وضع سماعات { مكبرات صوت } خارج الحسينية التي تحصل على إجازة للقراءة بتاتا, بعد فترة منعت مكبرات الصوت داخل الحسينيات كي لا يسمع الحاضرون صوت الخطيب , هذه صورة من صور الاضطهاد الذي مارسته السلطة البعثية ..هناك ممارسات لا يسعنا ان نحيط بها تماما , منها ان كل مجلس يخصص له من قبل المنظمة الحزبية عدد من الرفاق بقيادة مسئول حزبي بدرجة متقدمة , مهمتهم يكتبون كل شاردة وواردة عما يحدث في المجلس الحسيني , وعندهم صلاحيات واسعة وواجبات كثيرة منها جرد أسماء جميع الحاضرين وحسب أعمارهم , ليسهل اعتقالهم في أي وقت .. وللتاريخ أقول ان اغلب مدن ومحافظات العراق { اغلبها } منعت تماما من إحياء شعائر الحسين , وقد اخبرني احد طلبة العلوم الدينية من أهالي بغداد , ان المجالس منعت في العاصمة بغداد بنسبة 100% , فاستغل الناس الفواتح يعبرون عن حزنهم لميتهم , يمكنهم من خلالها عقد مجلس حسيني ليوم واحد فقط.. قصص وحوادث لا يمكن أن تنسى :… الرفيق شتم الحسين {ع}.. هذه القصة لا يمكن أن أنساها : في عام 1979 قبل الحرب العراقية الإيرانية , حصلنا على إجازة قراءة يوم الثالث من محرم , كنت في الفاو وأنا متولي الحسينية بعد وفاة والدي رحمه الله , صادف يوم العاشر مطرا غزيرا من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الثالثة عصرا , قرأت المقتل, وتم توزيع الطعام , عدت للبيت استحمت وصليت , طرق الباب , جاء الرفيق المسؤول علي حسينيتنا , سألني هل انتهى المقتل ..؟ قلت نعم .. قال : لماذا لم تنزل العلم من فوق الحسينية ..؟ قلت انه بعيد عن الشارع والآن سطح الحسينية تحول إلى طين بسبب المطر , أخاف أن يتأثر سطح الحسينية بالمشي عليه الآن .. أمهلني إلى غد .. اقسم بالله شتمني وشتم الحسين {ع} فصعدت سطح الحسينية بعصبية وفوران وتوجهت إلى كربلاء .. قلت سيدي أنا مهضوم بسبب الشتيمة عليك وليس شتمي .. اللهم انتقم منه .. ولما حدثت الحرب ما مرت سنة إلا وقتل بقذيفة مزقته شر ممزق وهو سكران خارج من باب احد دور المنكر بالبصرة …*** من الحوادث التي لا زالت في ذاكرتي .. حين تشرفت بالدراسة في النجف الاشرف عام 1996 وما بعدها , التحقت للحوزة العلمية لدراسة اللغة العربية وبعض مقدمات الفقه والمنطق لأهميتها للخطيب الحسيني .. كانت المدارس الدينية يمنع فيها دخول أي زائر وأي طالب من مدرسة دينية أخرى , كنا نتوجس من بعضنا ولا نثق ببعضنا أبداَ . بعد فترة من الزمن تعرفنا وزرعت بيننا ثقة وحب واحترام , فاقترحوا أن افتح درس للخطابة الحسينية في المدرسة المهدية , لأنه لا يوجد درس خطابة حسينية في النجف الاشرف وحوزتها مطلقا تلك الفترة ..اخبرنا متولي المدرسة المذكورة , وافق أن يكون الدرس ليلا وفي سرداب المدرسة , مع مراعاة عدم رفع الصوت خوفا من رجال الأمن , المتواجدين قرب الحرم العلوي الشريف .. لاحظت إن الطلاب عندهم رغبة قوية في تعلم أسلوب الخطابة , وأتذكر في يوم من الأيام تندر احدهم قائلا : ما فائدة هذه الدروس التي نأخذها الآن , ونحن لا يحق لنا عقد مأتم على الحسين {ع} فقلت له : تعلم.. لوقت ربما يأتي يوم تكون فيه خطيبا للمنبر أو خطيب جمعة .. ضحك الجميع وقالوا : هذه ربما بعد أجيال عديدة .. ولكن جاء دورهم بعد اقل من عقد من الزمن … تسربت أخبار عن الدورة الخطابية خارج المدرسة المهدية , في يوم من الأيام , استوقفني احد الطلاب من أهالي الناصرية , طلب أن افتح لهم درسا للخطابة في جامع كاشف الغطاء .ابتدأت الدورة بطالبين فقط , بعد أسبوع وصل عدد الطلاب خمسة وأربعون طالبا , كنت أتوقع أن يزداد العدد خلال شهر إلى ضعفين ..الدرس يعقد فجرا بعد صلاة الصبح بربع ساعة , وينتهي قبل شروق الشمس بربع ساعة , في يوم من الأيام أثناء عودتي للمدرسة سمعت رجلا اعرفه يبيع الترب والمسابح في نهاية شارع الطوسي , من أهل البصرة يحدثني وأنا امشي أمامه .. يقول لا تلتفت : اهرب اليوم لأهلك لأنه سيتم اعتقالك بعد ساعة , التفت له بخوف , وما السبب ..؟ قال لأنك تعطي درس خطابة حسينية. !!********************************************** نشأت المجالس الحسينية وأين بدأت ..؟ يذكر التاريخ أن أول مأتم أقيم في كربلاء يوم واقعة الطف مباشرةً , بعد شهادة الإمام {ع} وحز رأسه المقدس , قاموا بحرق الخيام ,فهاجت النساء وتوجهن نحو جسد المولى وبقية الشهداء .. فكان المجلس عبارة عن نحيب وبكاء وواعية لا مثيل لها , تحولت كربلاء إلى صورة مصبوغة بالدم والبكاء والدموع , ولا زالت إلى يومنا هذا..عقد المجلس من السيدات العلويات وهن زوجات وأخوات وبنات الإمام الحسين (ع) والهاشميين الذين استشهدوا معه.وبعض نساء الأنصار ممن شارك أزواجهن في المعركة , وقد عقد ذلك المأتم في العراء بساحة المعركة وهو أطول مجلس حسيني في التاريخ , حيث امتد من عصر يوم العاشر إلى صباح يوم الحادي عشر , {واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي- محمد مهدي شمس الدين }.كما أقيمت مآتم أخرى في الطريق عندما سيقت النساء أسارى إلى الشام، فعلى طول الطريق كن النساء يندبن قتلاهن وينشرن مظلومية أهل البيت (ع) , وانتقلت المآتم الحسينية إلى المدينة المنورة (وكانت أول صارخة فيها على الحسين (ع) عندما قتل بكربلاء أم سلمه زوج النبي (ص) روي أنه قيل للإمام الصادق ( ع) : سيدي جعلت فداك ، إن الميت يجلسون له بالنياحة بعد موته أو قتله ، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين ( ع ) فقال ( ع ) : يا هذا إذا هل هلال محرم نشرت الملائكة ثوب الحسين ( ع ) وهو مخرق من ضرب السيوف ، وملطخ بالدماء فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر ، فتنفجر دموعنا ..وروي في الأمالي للصدوق : عن ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن إبراهيم بن أبي محمود عن الأمام الرضا {ع} أنه قال (( إنّ المُحَرَّمَ شهرٌ كان أهلُ الجاهلية يُحرَّمونَ فيه القتال فإستُحِلَت فيه دمائنا وهُتِكَت فيه حرمتنا وسُبيَت فيه ذرارينا ونسائنا ولم ترع لرسول ألله (ص) حرمة في أمرنا ” إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون” فإنّ البكاء عليه يحطُ الذنوب العظام ) . لذلك يعتقد المحبون الموالون لأبناء فاطمة {ع} إن تلك أيام تجارة مع الحسين (ع)التي لا يحُصى ربحها قد حلت في شهر محرم , فيخاطب كل منا نفسه هل حقآ سأتفاعل مع أيامها كما ينبغي؟! هل سيوفقني الله أن أسجل اسمي خادما عند فاطمة الزهراء{ع} .. وهل تقبل أم الحسن روحي فداها خدمتي ؟ .. خدمة الحسين اختيار وقضية :..قرأت رواية عن شخص اسمه { ياليل} كان رجلا فقيرا يحرص على الصلاة مع علي بن أبي طالب {ع} في جامع الكوفة , مرض فترة من الزمن انقطع عن الصلاة في المسجد , وبعد تماثله للشفاء قال لزوجته , اسكبي لي غسلا , أريد أن اذهب للصلاة خلف أمير المؤمنين {ع} فعاتبته زوجته إن الإمام لم يزره طيلة مرضه , رغم إن الإمام لا يعير أهمية للغني لغناه ولكن أنت فقير ومن أحباب الإمام .. المهم ذهب للمسجد وسلم على الإمام قبل الصلاة , فقال له الإمام {ع} يا ليل لي معك حاجة … فبقي بعد إتمام الصلاة , سأله الإمام{ع} عن حاله وصحته , واخبره إن الأمور العسكرية هي التي شغلته عنه , ثم سأله : ماذا قالت لك زوجتك ..؟ فاخبره بتفاصيل الكلام بينهما , فقال الإمام : إذن لماذا جئت لتصلي معي ..؟ فقال : حبك يا أبا الحسن , حبك يسري في دمي , فقال الإمام{ع} : لا ليس هذا صحيح – نحن نرمي حبنا في قلب من نحب فندعوه فيأتينا – وأنت نحبك يا ليل ..هذه القصة اعكسها على كل خادم للحسين {ع} فمشروع الشعائر الحسينية كبير لا يمكن الإحاطة به , مشروع يمتد على كل الأرض والقارات , يحتاج إلى كوادر خطابية وشعراء وجمهور يحضرون المجالس , ومتبرعين بالمال وعمال خدمة ومنظفين ومستقبلين وكتاب قصة ومقالات وعشرات الصنوف الخدمية , نجارون وطباخون وقصابون , وسواق سيارات وكهربائيون وممن يعمل في الصحة وغيرهم بالعشرات من المهن , ولا ننسى النساء أخواتنا الخادمات ممن يبذلن جهدا يعتبرن أنفسهن خادمات وداعمات للعقيلة زينب {ع} فيتنافسن في الخدمة الحسينية .. هؤلاء كلهم رجالا ونساء يدعونهم أهل البيت {ع}عن طريق الحب , فيرمون حبهم في قلوبهم , يتركون أعمالهم وبيوتهم وعوائلهم ومصالحهم, ويتلذذون كالمجانين في خدمة سيد الشهداء , وكلهم أمل بقبول تلك الخدمة .. ألف تهنئة لكم بالاختيار .. الروايات الأدلة الشرعية على صحة اختيار الخدمة وثوابها :… كل الأعمال والخدمة للشعائر تحتاج إلى دليل شرعي يؤيد صحة ما يقوم به خدام الحسين {ع} سأقوم أولا بنقل روايات تبين اهتمام الرسول الكريم {ص} بشريحة المحبين وخدام أهل بيته عليهم السلام , واهتمامه بهذه الشريحة المنتقاة من قبل الله تعالى ومنصبهم الرفيع أن يكونوا خدام لآهل البيت {ع} …ـ روى العلامة السيد إبراهيم الحسيني المدني السمهودي قال: عن بلال بن حمام رضي الله عنه قال : طلع علينا رسول الله (ص) ذات يوم متبسماً ضاحكاً وجهه كدائرة القمر ، فقام أليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ما هذا النور ؟ قال : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي, بان الله تعالى زوّج عليّاً بفاطمة وأمر رضوان خازن الجنان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقاً ـيعني صكوكاًـ بعدد محبي أهل البيت ،{ اكرر محبي أهل البيت } وأنشأ تحتها ملائكة من نور ودفع إلى كل ملك صكاً فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلايق فلا يبقى محب لنا إلا دُفعَ أليه صكاً فيه فكاكاً له من النار ، فصار أخي ابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء أمتي من النار «حديث سنان بن شفعلة الأوسي»ـ روى الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي . قال : روى أبو موسى من طريق ابن مردويه بإسناده إلى عبّاد بن راشد اليماني قال : حدثني سنان بن شفعلة الأوسي قال : قال رسول الله (ص) :«حدثني جبرائيل إنّ الله تعالى لما زوّج فاطمة عليّاً أمر رضوان فأمر شجرة طوبى فحملت رقاقاً بعدد محبّي آل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)».. «حديث أبن عبّاس» روى الشيخ سليمان القندوزي قال : في المناقب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ص) : يا علي أنت صاحب حوضي ، وصاحب لوائي ، وحبيب قلبي ، ووصيي ووارث علمي ، وأنت مستودع مواريث الأنبياء من قبلي ، وأنت أمين الله على أرضه وحُجة الله على بريّته ، وأنت ركن الإيمان وعمود الإسلام ، وأنت مصباح الدجى ومنار الهدى ، والعلم المرفوع لأهل الدنيا ،” يا علي من اتّبعك نجا ومن تَخلّفَ عنك هلَكَ ، وأنت الطريق الواضح والصراط المستقيم ، وأنت قائد الغرّ المحجلين ويعسوب المؤمنين ، وأنت مولى من أنا مولاه ، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة ، لا يحبك إلا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث الولادة ، وما عرجني ربّي عَزّوجَلّ إلى السماء وكلّمني ربي الا قال : يا محمد أقرأ عليّاً مني السلام ، وعرّفه أنه إمام أوليائي ونور أهل طاعتي” ، وهنيئاً لك هذه الكرامة.انتهى.هل يبقى دليل أقوى من هذا الحديث …؟ وهو مروي عن طريق إخواننا السنة ومن الشيخ سليمان القندوزي .«حديث الإمام جعفر الصادق(ع)»: روى العلامة القندوزي في «ينابيع المودة»عن الإمام جعفر الصادق ، عن آبائه (ع) ، عن رسول الله(ص) قال: من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أولى النعم ، قيل : وما أولى النعم ؟ قال : طيب الولادة ، لا يُحبّنا إلا من طابت ولادته.ـ وروى الفتال النيسابوري مرسلا قال : وقال رسول الله (ص) :«من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أوّل النعم ، قيل : وما أوّل النعم ؟ قال : طيب الولادة ولا يحبّنا إلا من طابت ولادته» .وروى العلامة ابن الأثير الجزري في «النهاية» قال : في حديث جعفر الصادق (ع) : لا يحبنا أهل البيت المذعذع قالوا : وما المذعذع ؟ قال : ولد الزنا. وروى العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في «النهاية»:قال: في حديث الصادق(ع): لا يحبّنا أهل البيت الخيعامة، قيل: هذا المأبون. وأخيرا عن الباقر {ع} قال : «من أصبح يجدُ بَردَ حُبّنا على قلبه فليحمد الله على بادئ النعم ، قيل : وما بادئ النعم ؟ فقال : طيب الولادة».
عن حفص بن البخترى عن أبى عبد الله عليه السلام في قول الله (أنى نذرت لك ما في بطني محررا) المحرر يكون في الكنيسة لا يخرج منها، فلما وضعتها أنثى (قالت رب أنى وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى) إن الأنثى تحيض فتخرج من المسجد، والمحرر لا يخرج من المسجد.
وفى رواية حريز عن أحدهما عليهما السلام نذرت ما فى بطنها للكنيسة أن يخدم العباد، وليس الذكر كالأنثى في الخدمة قال فثبت وكانت تخدمهم، فتناولهم حتى بلغت فأمر زكريا أن تتخذ لها حجابا دون العباد وكان يدخل عليها فيرى عندها ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء فهنا لك دعا وسأل ربه أن يهب له ذكرا فوهب له يحيى.
عن سعد الاسكافي عن أبى جعفر عليه السلام قال: لقى إبليس عيسى بن مريم فقال: هل نالني من حبائلك شئ؟ قال: قال: حدثتك التي (قالت رب أنى وضعتها أنثى) إلى (الشيطان الرجيم) قوله تعالى: إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، النذر إيجاب الإنسان على نفسه ما ليس بواجب سابق ..و التحرير هو الإطلاق عن وثاق، و منه تحرير العبد عن الرقية، و تحرير الكتاب كأنه إطلاق للمعاني عن محفظة الذهن و الفكر.و التقبل هو القبول عن رغبة و رضا كتقبل الهدية و تقبل الدعاء و نحو ذلك.
و في قوله: قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني، دلالة على أنها إنما قالت هذا القول حينما كانت حاملا، و أن حملها كان من عمران، و لا يخلو الكلام من إشعار بأن زوجها عمران لم يكن حيا عندئذ و إلا لم يكن لها أن تستقل بتحرير ما في بطنها هذا الاستقلال كما يدل عليه أيضا ما سيأتي من قوله تعالى: و ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم» الآية: آل عمران – 44، والمكفولة حتما ليس لها اب يولي اهتماماتها ؟؟
{ زبدة في مفهوم الآية } ….من المعلوم أن تحرير الأب أو الأم للولد ليس تحريرا عن الرقبة باعتبار انه مملوكا وتم تحريره , فهو بالأساس حر .. وإنما هو تحرير من الولاية الشرعية التي للوالدين على الولد من حيث تربيته و استعماله في مقاصدهما و افتراض طاعتهما فبالتحرير أثناء لفظه وهبته للخدمة .. يخرج من تسلط أبويه عليه في استخدامه، و إذا كان التحرير منذورا لله سبحانه يدخل في ولاية الله يعبده و يخدمه، أي يخدم في البيع و الكنائس و الأماكن المختصة بعبادته تعالى في زمان كان فيه تحت ولاية الأبوين لو لا التحرير، و قد قيل: إنهم كانوا يحررون الولد لله فكان الأبوان لا يستعملانه في منافعهما: و لا يصرفانه في حوائجهما بل كان يجعل في الكنيسة يكنسها و يخدمها لا يبرح حتى يبلغ الحلم ثم يخير بين الإقامة و الرواح فإن أحب أن يقيم أقام، و إن أحب الرواح ذهب لشأنه.و في الكلام دلالة على أنها كانت تعتقد أن ما في بطنها ذكر لا إناث حيث إنها تناجي ربها عن جزم و قطع من غير اشتراط و تعليق حيث تقول: نذرت لك ما في بطني محررا من غير أن تقول مثلا إن كان ذكرا و نحو ذلك, يتبين إن الأنثى أرادها الله كما الذكر في هذه الخدمة …
الخدمة والحب والعبودية في مدرسة عاشوراء 0
العقلاء الذين يبحثون عن الكمال , ويدور في ذهنهم سؤال ، وجوابه يحدّد مسيرتهم في الحياة، لان في نفوسهم غريزة متشبعة بالعشق والسعي نحو السعادة. .. وقد أتى هذا المفهوم في كلام الله تعالى ليحدِّد معنى الشرف , ويبن الدرجة الرفيعة التي يريدها للإنسان الذي يبحث عن الكمال , وهو سر سعادته ومكمن السعادة الإنسانيّة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.ففي عبادة الله كمال الإنسان وسعادته، لكنّها ليست العبادة التي تقتصر على مراسم طقوسيّة يكرِّرها الإنسان في حياته، بل هي العبادة التي تشمل كلّ شؤون الحياة الإنسانيّة، والتي من خلالها يكون الإنسان خليفة الله على الأرض. من هنا كانت “العبوديّة” أشرف مرتبة وأرقى وسام للإنسان لأنّها تعني كماله، وهذا ما يُفهمنا سرَّ شهادتنا لمحمّد {ص} بالعبوديّة قبل أن نشهد له بالرسالة، في قولنا ونحن نصلّي “أشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله” فمحمّد{ص} لو لم يكن عبداً لله لما كان رسولاً له. وكلمة العبد تقزز النفس كما ذكرنا في المقدمة إلا إنها هي الشرف كله ..العبوديّة تساوي الحرية :…… العبوديّة تعني التحرُّر من أغلال الشيطان وحبائل النفس والهوى، العبودية ان تكون في درجة تقارب منزلة الملائكة , العبودية هي الفرصة المواتية ان نكون في اعلى قمة بالانسانية حين تذوب كل الرغبات والشهوات في نفوسنا ,فما أبلغ قولَ الله تعالى، وهو يحدثنا عن قصّة امرأة عمران التي نذرت أن يكون ما في بطنها عبداً لله، خادماً في بيت المقدس، فقال تعالى يحكي نَذْر هذه المرأة المؤمنة ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرً﴾، كانت هذه المرأة العظيمة تفهم معنى العبوديّة لله، فوصفت مولودها في عبوديته لربِّه وخدمته بيت الله أنّه محرَّر، إنّها الحريّة الحقيقيّة التي ترقى بالإنسان إلى قاب قوسين أو أدنى. فما بالك بمن يعتبر نفسه خادما عند هذه القامات الانسانية العالية , واي شرف يحضى به المرء ليكون خادما عند شخص يحبه الله ورسوله , ويحب الله ورسوله , لذلك تترشح من هذه الخدمة درجات يتشرف بها الخادم عند الحسين {ع} وهي الدرجة الرفيعة لبني البشر ان يقبل الحسين {ع} منصبهم ودرجتهم أن يكونوا خداما عنده , لأنه حبيب الخادم الكبير محمد بن عبد الله {ص} وخادم وخادمة للإمام علي بن أبي طالب{ع} ولفاطمة الزهراء {ع} والحسن والحسين وأبناءهم الطاهرين المعصومين عليهم السلام ,, هذا التشرف والتقرب هو من يعطي شرفا وكرامة لخدمة الحسين {ع} لان خدمة الحسين {ع} هي سلسلة متصلة بابيه وجده ولله تعالى .. يقول تعالى في سورة الإنسان { عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا }.
صورة مقربة من رواية للإمام الكاظم {ع}.. بشر الحافي وارتقاءه لدرجة العبودية ..
كانت جارية تشتغل خادمة لأحد الفاسقين المشتغلين بالملاهي ويدعى “بِشْر”، فقد ورد أنّ الإمام موسى الكاظم{ع} مرَّ أمام دار بِشْر فسمع منها الغناء واللّهو، ورأى على باب الدار جارية، فقال لها : – أيّتها الجارية، مولاك حرٌّ أم عبد؟ فقالت: حرّ. فقال {ع}: صدقتِ، لو كان مولاك عبداً لعمل بمقتضى العبوديّة، وخاف الله تعالى. فذهبت الجارية إلى داخل الدار، وأخبرت بِشْراً بذلك، فأثّر فيه هذا الكلام وخرج حافياً إلى خارج الدار، وجعل يركض خلف الإمام حتى وصل إليه، فوقع على قدميه، وتاب على يده وأناب وبقي حافياً طول عمره. من هذه الرواية نفهم إن العبودية لله أحيانا تكون غير دقيقة , ممكن أن يكون ممن يمارس العبادة , وفي نفس الوقت يمارس المنكرات والدليل إن هذا بشر يعرف الله , ويحب الله ولكن لا يعرف السبيل أليه رغم معرفته به , وحين صعق بكلمة الإمام موسى بن جعفر {ع } فتحت أمامه فجوة كبيرة يصل من خلالها إلى مرضاة الله , فعرف إن أهل بيت رسول الله{ص} هم الوسيلة الأسرع إلى الله , وقد عبر عن ندمه بان أصبح تائبا , لما فرط في جنب الله ..{ وابتغوا أليه الوسيلة} المائدة 35 وحقيقة الوسيلة الواردة في الآية هي مراعاة سبيله بالعلم أولا ومكارم الأخلاق والتقرب باي طريقة تبين انك من العاملين المخلصين في سبيل يوصلك إلى مرضاة الله .
حب الحسين هل هو حب لله تعالى ..؟
عبوديّة الإنسان لله لا تقتصر وتنحصر بعمل الجسد، مثل الصلاة والصوم وبعض العبادات , فكثير من المجرمين الذين يقتلون الناس يصلون ويصومون , ولكن هناك شيْ اهم من العبادات بل هي تشذبها وتنقيها وتجعلها مقبولة .. تلك هي تعلّق القلب وعاطفة الإنسان، فحتّى يكون الإنسان عبداً لله يجب عليه أن يُخضِعَ عاطفته لله، فلا يُحبُّ إلاَّ من يرضى الله بحبّه، ولا يُبغض إلاَّ من يرضى الله ببغضه. فما قيمة صلاة المنافقين وأصحاب الفتنة ومنصات العار . ممن صعد على منصات الفتنة في المنطقة الغربية , كانوا يصلون ويجلسون في الشمس , ولكن صلاتهم أصبحت سببا في تهجير أهلهم وقتلوا , ثم سفكوا الدماء وتعدوا حدود الله تعالى واحرقوا الحرث والنسل , وأصبحت ديارهم بوار .. قال تعالى :{ سأريكم دار الفاسقين } الأعراف 145..
هذه نتيجة القلوب الخاوية من حب الله وسبيل الله ، ففي الحديث الشريف عن النبيّ {ص} : “يا علي، لو أنّ رجلاً أحبَّ في الله حجراً لحشره الله معه”. وقد حدَّد نبيُّ الإسلام ميزان الحبّ والبغض حينما قال – ما ورد عنه: “أَوثَقُ عُرى الإيمان أن تُحبّ في الله وتُبغض في الله”. وقد اختلف الناس في الجهة التي يجب ان نحبها , وما يجب على المؤمن أن يتوجّه بعاطفته نحوهم لان هذا شيء مهم , ولا يحق لنا ان نختار من نعتبرهم سبيلا لله تعالى من غير علم ..فالأحبّاء أوّلهم رسول الله محمّد {ص}فقد ورد عنه : “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”. وتحدَّث القرآن الكريم عن حبٍّ ال بيت النبي {ص} وهم عدل الكتاب , وذلك في قوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. وقد أجمع الشيعة ووافقهم ثُلَّة من علماء أهل السُنَّة أنّ المراد من القربى هنا هم أهل بيته الأطهار، ففي الرواية عن ابن عباس: “لمّا نزلت هذه الآية ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودّتهم؟ قال {ص} : علي وفاطمة وولداها”.وتكاثرت الأحاديث عن النبيّ {ص} في حبّ أهل بيته الطيّبين، وذلك لتعريف وتوجيه المسلمين أن يرتبطوا بهم بقلوبهم ليكون ذلك مدخلاً لطاعتهم في ولايتهم الإلهيّة.ومن تلك الأحاديث الواردة في حبّ آل محمّد {ص} واليك باقة من الأحاديث في حب الحسين {ع} .. ****************الحسين في التشريع الإسلامي :…..عن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب {ع} قال : دخلت على رسول الله{ص} وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله : مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرضين . قال له أبي : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرضين أحد غيرك ؟ قال: يا أبي: والذي بعثني بالحق نبيا , ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض , وانه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل : مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر وان الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق الا حشره الله عز وجل معه وكان شفيعه في آخرته وفرج الله كربه وقضى بها دينه ويسر أمره وأوضح سبيله وقواه على عدوه ولم يهتك ستره . فقال أبي بن كعب : وما هذه الدعوات يا رسول الله ؟.
قال: تقول اذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد : اللهم اني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك , وسكان سمواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي , فقد رهقني من أمري عسرا , فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد , وأن تجعل لي من أمري يسرا . فان الله عز وجل يسهل أمرك ويشرح صدرك ويلقنك شهادة أن لا اله الا الله عند خروج نفسك . قال له أبي : يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين ؟ قال : مثلُ هذه النطفة كمثل القمر , وهي نطفة تبيين وبيان , يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه هويا ..كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2/62
وعن ابن عباس قال:لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال:علي وفاطمة وابناهما{ع} .نور الأبصار ص123 ـ 124 ـ المعجم الكبير ج3 ح2641 ص47 ـ ينابيع المودة ج2 ص453 ـ 454 ـ فرائد السمطين ج2 ص13 ـ مجمع الزوائد ج9 ـ إحياء الميت بفضائل أهل البيت (ع) الحديث الثاني ص25 ـ 26 ـ الاتحاف بحبّ الأشراف ص43 ـ الصواعق المحرقة الباب11 ص170ـ مطالب السؤول ص52 ـ كفاية الطالب الباب11 ص91..وعن يعلى بن مرة قال: كنا مع رسول الله{ص} فدعينا إلى طعام فإذا الحسين{ع} يلعب في الطريق فأسرع النبي{ص} أمام القوم، ثم بسط يديه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه، فقبله، ثم قال:حسين مني وأنا منه أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط …..المعجم الكبير ج3 ح2586 ص32 ـ البداية والنهاية ج8 ص207 ـ مجمع الزوائد ج9 ص181 ـ أسد الغابة ج2 ص19 ـ فرائد السمطين ج2 ص29 الباب 29 ـ ذخائر العقبى ص133 ـ وقريب من لفظه في سنن ابن ماجة ج1 ص51 ـ تاريخ ابن عساكر ج14 ص149 ـ ص150 ـ كنز العمال ج3 ح590 ص105ـ مطالب السؤول ص250 ـ كفاية الطالب الباب 97 ص351.
وعلّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً أنه صحيح مستدرك الصحيحين ج3 ص195 ـ شرح مسند أحمد بن حنبل ج3 ح17491 ص416. ووافقه الذهبي في التلخيص وأخرجه الترمذي مختصراً وقال عنه: حديث حسن سنن الترمذي ج5 ص609. عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول الله {ص} يقول نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي .كنز العمال ج13 ح469 ص83 ـ فرائد السمطين ج2 ص32 ـ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص95 ـ الصواعق المحرقة خاتمة الباب الحادي عشر ص160 ـ 187 ـ ينابيع المودة ج2 ص451 ـ مناقب الإمام علي من الرياض النضرة ح268 ص202…. روى الطبري عن حذيفة بن اليمان أن النبي قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كاسمي(يعني المهدي المنتظر) فقال سلمان: من أيّ ولدك يا رسول الله؟ قال: من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين …ذخائر العقبى ص136 ـ 137 ـ فرائد السمطين ج2 ص326 ـ عقد الدرر في أخبار المنتظر ص24ـ البيان في أخبار صاحب الزمان ص503 ..
عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي{ص} وإذا الحسين {ع}على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: إنك سيد ابن سيد أخو سيد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام، أخو إمام أبو أئمة، إنك حجة ابن حجة، أخو حجة أبو حجج تسع من صلبك، تاسعهم قائمهم .. مقتل الحسين للخوارزمي ص146 ـ ينابيع المودة ج2 ص44 ..
عن سلمان قال: قال رسول الله للحسن والحسين: من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليها أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم وله عذاب مقيم … تاريخ ابن عساكر ج14 ص156 ـ المعجم الكبير ج3 ح2655 ص50 ـ مجمع الزوائد ج9 ص181 وقريب منه في مستدرك الصحيحين ج3 كتاب معرفة الصحابة ص181ـ كفاية الطالب ص422- 423 عن حذيفة قال: رأينا في وجه رسول الله {ص} السرور يوماً من الأيام فقلنا: يا رسول الله لقد رأينا في وجهك السرور قال:وكيف لا أسر وقد أتاني جبريل فبشرني أن حسناً وحسيناً سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما..تاريخ ابن عساكر ج2ص209 ـ ذخائر العقبى ص129..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قصة عجيبة إلى خدام الحسين {ع}نقل عن السيد البروجردي أنه جاء يوما ً إلى مجلس درسه ليعطي درسا ً في البحث الخارج كالعادة ، ولكن في ذلك اليوم أعطى درسا ً حسينيا منبريا بقي في نفوس الطلاب .. بدأ بسرد أبيات من الشعر عن أبي عبد الله الحسين {ع} وبشكل تعزية ، واستمر على القراءة الحسينية مدة من الزمن .. فأصبح الطلاب في حرج لان السيد تغير في طرح الدروس ..! فلا الطلاب تعلق على فعل السيد ولا السيد يتكلم بغير ذكر الحسين {ع} ..فقال لطلابه : تتساءلون عن سبب فعلي هذا ؟ قالوا: بالطبع أنت تعلم أننا نحب الإمام الحسين{ع} إلا أننا جئنا لسماع الدرس وإذا ما أردنا سماع تعزية عن روح أبي عبد الله{ع} لذهبنا لأحد الأخوة الرُزخانية فإن صوتهم أحن ولهم في التعزية باع واسع وهذه شغلتهم . قال السيد : في الحقيقة , قبل أيام كنت نائما ً ورأيت رؤيا هي التي غيرت مجرى حياتي ، حيث ما سمعتموه اليوم ستسمعونه كل يوم قبل الدرس . رأيت نفسي قد توفيت والقيامة قامت وجاء الحساب إلا أن الحساب كان فيه الأئمة على أبواب الجنة يُدخلون من كانت أوصافه مطابقة للإمام . بدأت أفتش عن باب أدخل من خلاله ،فهذا باب الإمام علي{ع} وهذا باب الإمام{ع} الحسن وهذا باب الإمام الحسين {ع} ووالخ .
إلا أن الذي لفت انتباهي ان أبا عبد الله{ع} يدخل عددا كبيرا من الناس بلا أي قيود أو حدود فإن الناس عند باب الإمام تركض جامحة ووجدت فجأة صف من الناس طويل له أول ولا آخر له تعجبت وسألت صف لمن هذا الإمام ؟ قالوا : أنه للإمام الصادق{ع} فقيه أهل البيت . تقدمت لأرى لما التأخير في الحساب . اندهشت عندما شاهدت الإمام الصادق يسأل الشيخ المفيد .ويقول :أفتيت في اليوم الفلاني فتوى ، ما دليلك عليها ؟ فيجيب ، فيشكل عليه ، يرد عليك كذا ومردود بكذا والرواية ضعيفة ومسندها ضعيف ووالخ..فقلت في نفسي : المسألة عند الإمام الصادق{ع} عويصة والدخول إلى الجنة إن لم يكن مستحيل فهو طويل ولن ينتهي . الحل هو الدخول إلى الجنة من باب الإمام الحسين {ع} فعندما وصلت إلى باب الإمام قال الإمام الحسين{ع} : سيدنا أنتم العلماء تدخلون من باب الامام الصادق فهو يحاسب العلماء قلت : سيدي باب الصادق صعب الدخول منه وأنا أريد أن أدخل كما تدخل الناس من بابك قال : من يدخل من بابي خدامي في المجالس السقائين للماء في مجالس التعزية قرائين العزاء واللطمية الذين يقيمون مجالسا ً للعزاء والمحيين لشعائري ، ثم استيقظت ، وأنا أقول لكم : لا أريد الدخول من باب الإمام الصادق ولا أريد أن يحاسبني ، بل أريد أن أدخل الجنة بعنوان خادم الحسين{ع} قارئ عزاء وليس عالم …
الحشد الشعبي والحسين”ع” .
مقولة نسمعها وفي كل عام ,يرددها خطباء المنبر الحسيني “يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما” وكنا نتساءل هل فعلا لو كنا ذلك الوقت سنكون في جيش الإمام الحسين {ع} أم سنكون في جيش يزيد الذي يعرض المغريات والحياة المرفهة في الوقت الوقوف مع الحسين{ع} يعني الموت ولا إغراء دنيوي فيه ..
النظام في كل جيوش العالم لا بد أن تجتمع خصلتان .. كل جندي أو مقاتل لا بد أن يكون فيه عنصرين هما تامين راتب ورزق له ,يعيش من خلاله مع عائلته , والثانية حب المهنة الحاصلة من قناعته انه يقاتل بعقيدة وحب الوطن والتراب , لأنه سيحمي بهذا الحب والدفاع عن وطنه وأرضه يحمي الذمار والعرض والدماء . إلا إن القاعدة الفكرية العامة في تأسيس الجيوش , هنا في الحشد الشعبي اختلفت بالعراق , البداية المعروف عنها إن الحشد الشعبي أسسته المرجعية الدينية المتمثلة بسماحة السيد آية الله العظمى علي الحسيني السيستاني دام ظله , في فتوى الجهاد الكفائي .عام 2014.جميع عناصر الحشد يوم تأسيسه بعد الفتوى المباركة .أقولها للتاريخ وللإنسانية إنهم لم يكونوا من السياسيين , بل كانوا حصرا من خدام الحسين {ع}, جميعهم تخرجوا فكريا من الحسينيات والجوامع , واعني من تحت المنبر الحسيني , وهذا يعني إن المنبر { يعطي فكرا مزدوجا } ويعطي عقيدة مزدوجة أقوى من القاعدة الفكرية في تأسيس الجيوش , يوم هب الخدام الحسينيون للدفاع عن العراق ضد داعش الذي اسقط ثلث العراق خلال ثلاثة أيام , لم يتم تجهيز المتطوعين في الحشد الشعبي سلاح من قبل الدولة , ولم يفكر أي منهم براتب ليعيش عائلته , حتى الملابس العسكرية كانت من جيبهم الخاص, واستخدموا أسلحتهم الخاصة ..
وسأذكر نقطة مهمة لا أريد أن أوجه إساءة من خلالها إلى القوات الأمنية ….. نعرف قصصا عايشناها إن عددا من القطعات المسلحة تترك مواقعها وتهرب تاركة أسلحتها طعمه سائغة للعدو الداعشي وقت الاشتباك , او حتى بدون اشتباك كما حدث في الموصل وتكريت والانبار .. , غير إن الحشد من خلال تركيبة عقليته الأيدلوجية لم نسمع عنه أن ترك موقعا رغم قلة التجهيز في بداية تنظيمه , ولم تترك أي وحدة عسكرية للحشد أرضها للعدو , ولعل السر العظيم في هذا الجانب إن تربية ومنهجية عقلية الحشد الشعبي تربية حسينية بامتياز . وجميع أفراده خدام حسينيون مارسوا الخدمة وحصلوا على منهجية تربوية ترشحت عليهم من موقف سيدهم أبي عبد الله {ع} حين قال :” لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل ” من المؤكد انه هو السر في الصمود..
في كل موسم محرّم، موسم الحزن الثائر، نجد الدنيا تقوم ولا تقعد فالشوارع تتجلّل بالسواد، والناس يفرضون على أنفسهم لباس الحزن، والإذاعات ومحطات التلفاز تبث برامج خاصة بهذه المناسبة. فهذا الموسم هو نسمة جديدة تهب على قلوب العالمين ليس في المناطق التي يسكنها أتباع أهل البيت عليهم السلام فحسب وإنما في سائر مناطق العالم. فلماذا أعطى الله سبحانه هذه الكرامة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام؟ ويعتبر الحشد الشعبي ثمرة من ثمرات حب الحسين والتمرس في خدمته حتى وصلت الحالة إلى التفاني والموت من اجله …
****ــــ الظاهرة الغريبة في ممارسة خدام الحسين {ع} ان هذه الظاهرة تستوفي عقلية الخادم وتمتلك ماله وجسده ووسائل رائحته , فكل من ينتمي الى جهة معينة يتمنى ان يحصل الى هدف مادي ووارد يحصل من خلاله يضمن حياته ومستقبله , إلا عند خدام الحسين{ع} وهي ان الخادم هو الذي يمول جميع المصروفات , ويتبرع بالمال وهو يتمنى ان يتقبل أمامه الحسين{ع} ذلك العطاء , يتمنى ان يكون عمله مقبولا … يتمنى ان يكتبه الحسين {ع} من خدامه , هذه ظاهرة فريدة في عالم الانتماء والخدمة لا تجدها الا في عقلية خدام الحسين {ع}..
** هل نعرف السر في حب الحسين وخدمته ..؟.
البعض من الناس عندما يقفون إزاء عظمة عاشوراء، وملحمة كربلاء، فأنهم يعبّرون عن إعجابهم بالحسين عليه السلام وبتلك الثورة الناهضة التي ما تزال حيّة في أفئدة الجماهير. فهم يقدّرونه لأنه كان حراً لم تستعبده السلطة، ولأنه دافع عن الحرية ودعا الناس الى التحرر. كل ذلك صحيح ولكنه ليس كل القضية بل هو جزء بسيط منها. فالأحرار كثيرون، وكثير من الناس عاشوا وماتوا أحراراَ، في حين إننا لا نقدّسهم ولا نقدّرهم ولا نعتبر أنفسنا خدامهم .. كما نقدّس ونفتخر بخدمة أبي عبد الله الحسين عليه السلام.والبعض الآخر يرى انه عليه السلام ناضل وجاهد من اجل إقامة حكم الله في الأرض، وثار من اجل إقامة العدل، وإحياء الدين ، وبث روح القيم القرآنية في الأمة. وهذا صحيح أيضاً، ولكنه -هو الآخر- لا يمثل كل القضية، فكثيرون هم أولئك الذين ثاروا من اجل إقامة حكم الله تعالى، وقتلوا في هذا الطريق، والبعض منهم استطاع ان يحقق هدفه فأقام حكم الله في قطعة معينة من الأرض.والبعض الآخر يرى إن سرّ بقاء ملحمة كربلاء في إنها كانت ملحمة مأساوية لم ولن تقع في التاريخ ملحمة أشد فظاعة وإيلاماً وحزناً منها، حتى مضى هذا المثل في التاريخ: “لا يوم كيومك يا أبا عبد الله” . فيوم الحسين عليه السلام أعظم من كل يوم، فقد أقرح الجفون، وأسبل الدموع، ولكن ليس هذا هو سرّ عظمة أبي عبد الله عليه السلام، فالمآسي في التاريخ كثيرة، والذين قتلوا، ودمّروا، وقتلت عوائلهم كثيرون من مثل الحسين شهيد فخ، وزيد بن علي الذين تعرّضوا للإبادة هم وعوائلهم بشكل فظيع، ومع ذلك فأننا لا نجد كل الناس يهتمون بهذه الأحداث بل لعل أكثرهم لا يعرفون عنها شيئاً. وبناءً على ذلك فان عظمة الحسين {ع} لا تكمن فقط في ان شخصيتهُ كانت شخصيّةً ثائرة حرّة، أو لأنها تعرضت للإبادة بشكل فظيع. إذن؛ فما هو سرّ هذه العظمة؟
للإجابة على هذا السؤال نقول: لابد ان نعلم بأن الله سبحانه هـو خالق الكون ومليك السماوات والأرض، وبيده الأمر، وانه يرفع من يشاء ويضع من يشاء، وان من تمسك بحبله رفعه، ومن ترك حبله وضعه. ومن المعلوم إن الحسين {ع} تمسك بحبل الله فرفعه، واخلص العمل له فأخلص الله له ودّ المؤمنين، وجعل له في قلب كل مسلم حرارة. وقديماً عندما خلق الله تقدّست أسماؤه آدم واسكنه الجنة، رأى آدم ما رأى حول العرش من الأنوار، ثم علّمه جبرائيل تلك الأسماء والكلمات، ونطق بها، واقسم على الله عز وجل بتلك الكلمات والأنوار الخمسة، … “فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: يا أخي جبرائيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرائيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يُقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصرٌ ولا معين… فبكى آدم وجبرائيل بكاء الثكلى” .وهكذا فانّ قيمة الإمام عليه السلام تكمن في انه كان مخلصاً صفياً ، فهولو كان يمتلك ألف ابن مثل عليّ الأكبر وكان عليه أن يضحّي بهم في لحظة واحدة لما تردّد في فعل ذلك لأنه جرّد نفسه عن أهوائه، رغم انه كان يحب عليّ الأكبر حباً لا حدّ له، حباً لا يمكن أن يضمره أي أبِ لابنه، لأن علياً كان أشبه الناس برسول الله{ص} خَلقاً وخُلقاً، ومع ذلك فان حب الحسين {ع} لله تعالى كان اشدّ كما يقول سبحانه: (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لِلَّهِ) (البقرة/165).
هذه الصفة الحسينية ترشحت منها نسمات على خدامه , على المتمسكين بنهجه , فرخصت عندهم النفوس والأرواح والدماء والأموال , ونحن إذا رأينا اليوم إن الناس يقدّرون أبا عبد الله{ع} من خلال مواقفهم وتصرفاتهم .. وإذا رأيناهم يحملون إلينا في كل شهر محرم موسماً جديداً وميموناً من ذكراه الطيب , لأن ثورته كانت ثورة ربانية، ولأنه كان أباً للأحرار، وثائراً من أجل الدين، وكان يريد إقامة حكم الله في الأرض، ومع كل ذلك فان هذه المزايا تعّد أموراً ثانوية. فالإمام الحسين {ع} عندما وقف في عرفة وقرأ ذلك الدعاء الخالد الذي هو بحق كنز من كنوز الرحمة، وموسوعة توحيدية كبرى، فانه قد جسّد فقرات هذا الدعاء في كربلاء. فهو عندما قال وهو متوجّه إلى الله جل جلاله: “إلهي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك”؟ فانه كان يرى إن كل شيء في الوجود، وكل القيم متمثلة في حب الله ومعرفته، وقد جسّد {ع} كل ذلك في كربلاء كلما كان يفقد عزيزاً، أو ابناً ، أو أخاَ من أعزّ الأخوان عليه.
فعلى سبيل المثال فان أبناء وأخوان وأصحاب الإمام الحسين{ع} الذين ضرّجوا بدمائهم في كربلاء كان كل واحد منهم يمثل نجماً في أفق التوحيد، فقد كان بعض أصحاب الإمام الحسين{ع} أصحاباً للنبي{ص}مثل حبيب بن مظاهر الذي أوتي علم المنايا والبلايا، ومسلم بن عوسجة الذي كان فقيهاً وعالماً من العلماء العظام، ولقد قتل هؤلاء الواحد تلو الآخر ومع ذلك فان وجه أبي عبد الله {ع} كان يزداد إشراقاَ رغم انّ قلبه كان يتفطّر ألماً عليهم.
وبعد أن أكمل مهمته قبض قبضة من تراب كربلاء، ووضع جبهته الشريفة عليه وقال: “صبراً على قضائك يا رب لا إله سواك يا غياث المستغيثين مالي رب سواك ولا معبود غيرك..” .. الهي وفيت بعهدي أوف بعهدك , ارحم امة جدي , شيعة أبي , اعتقهم من النار …في الحقيقة فان ما نعطيه ويعطيه الخدام العاملون لتجديد ذكرى أبي عبد الله{ع} لو وضع في كفة، ووضعت كلمة الحسين هذه في تلك اللحظة، في ذلك الموقف في كفة أخرى لرجحت كلمة الحسين على أعمالنا جميعاً. فلقد أعطى كل ما يملك في سبيل الله حتى الطفل الرضيع، وعائلته التي وضعها في بحر من الأعداء الشرسين المتوحشين، ومع كل ذلك فقد قال: “صبراً على قضائك يا رب لا إله سواك يا غياث المستغيثين مالي رب سواك ولا معبود غيرك..”.
وهكذا فان الذي جعل ذكرى الحسين عليه السلام خالدة، هو أن ما كان لله يبقى، والإمام الحسين{ع} عمل مخلصاً لوجه الله. ونحن إذا أردنا أن نرضي الخالق تبارك وتعالى، والحسين، وجدّه وأمه وأباه وأخاه، والأئمة من ولده فلابد أن نخلص أعمالنا لوجه الله، وان نفعل كل ما يمكننا من اجل أن نخلّد ونجدّد ذكرى الثورة الحسينية حتى من خلال التظاهر والخدمة بكل أنواعها بالعزاء، والبكاء عليه بصوت عال بحيث يسمعنا الآخرون.
مأساة تستدر الدموع :…
وفي هذا المجال روى لي احد الخطباء قصة طريفة يقول فيها: كنا نقيم مجالس العزاء على الحسين عليه السلام في بلد أجنبي في صالة نستأجرها كلّ عام، فسألني احد الأشخاص المسيحيين قائلاً: إنكم تأتون إلى هذه الصالة، وتستأجرونها سنوياً لتبكوا، في حين إن الآخرين يستأجرونها لإقامة مجالس الأعراس والأفراح، فلماذا تفعلون ذلك؟. فقلت له: لأننا في عزاء، فقال: عزاء من؟ فقلت: عزاء سيّدنا وإمامنا وقائدنا. فقال لي: متى أصيب وكيف؟ فقلت: قبل ألف وأربعمائة عام. فتعجّب من ذلك، وأصابته الدهشة لأننا مازلنا نبكي على رجل مات قبل مئات السنين. فقلت له: إنّ مقتله لم يكن عادياً، فلقد قتل مظلوماً وبشكل مأساوي بعد أن دعاه الناس، ووعدوه بالنصرة، فإذا بهم يخذلونه، ويسلمونه للأعداء، ويحيطون به في صحراء قاحلة حيث لا ماء ولا طعام، وحتى طفله الرضيع لم يسقوه شربة من الماء بل رموه بدلاً من ذلك بسهم قاتل!
يقول الخطيب: وبعد ان شرحت للرجل المسيحي سبب بكائنا على الإمام الحسين {ع} إذا به يجهش بالبكاء، وتتقاطر دموعه، ويظهر تعاطفه معنا، ثم طلب منا ان نسمح له بأن يشاركنا في العزاء على أبي عبد الله عليه السلام.
وهكذا فانّ سر خلود الثورة الحسينية يكمن في إنها كانت ثورة ربانية خالصة لوجه الله الكريم، .. (وإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا اُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) بل لان الثورة مدرسة علمت الناس التضحية , كيف يكون الانسان حرا ولا يعبد الا الله , بعيدا عن الهيمنة والخوف لاي جهة كانت , ينصر الحق ويقف معه , فمن تعلم من هذه المدرسة فانه خريج المدرسة الحسينية , حتى لو لم يكن مسلما …
هل كانت فاجعة الطف الأليمة نهاية أم بداية؟:…
كثير من الناس يزعمون أن هذه الفاجعة كانت نهاية، لأن أهل البيت وفي طليعتهم حجة الله الإمام الحسين بن علي سبط رسول الله {ص} ، قد قتلوا بتلك الطريقة المأساوية الأليمة، التي لم ولن يأتي الزمان بمثلها، ولذلك يبنون كل حياتهم على هذا الأساس. فلأن الإمام الحسين{ع} قد قُتل واستشهد وسُبيت عياله وحريمه، اذن لا يمكن لأحد أن يقوم بالسيف ويطالب بالحق لأن الإمام الحسين سلام الله عليه لم يستطع أن يقيم دولة الإسلام، فلن تقوم للإسلام دولة أبد الدهر.
فالإمام لحسين قُتل ونحن نبكي عليه ونلطم، ونقيم الشعائر المختلفة من أجل إحياء ذكراه وحسب وكفى الله المؤمنين القتال!! ولكن الحقيقة هي على العكس من ذلك، ففاجعة الطف كانت البداية، فمنذ القطرة الأخيرة التي أريقت من نحر أبي عبد الله الحسين {ع} بدأت شجرة الإسلام بالحياة من جديد، وكان ذلك اليوم بداية الربيع الإسلامي ، حيث إن عشرات الملايين من البشر اهتدوا بأبي عبد الله الحسين{ع} . وبدأت مسيرة التاريخ تتكامل وتتكامل، وتتحقق كلمة الرسول الأعظم، حيث قال{ص}” حسين مني وأنا من حسين”.وبداية الخدمة الحسينية بعد المعركة .. البداية كانت في اللحظة التي وقفت فيها الصديقة الصغرى زينب الكبرى {ع} يوم الحادي عشر من شهر محرم سنة إحدى وستين للهجرة، على مصرع أخيها الحسين {ع} وألقت خطاباً أكّدت فيه على أن هذا المصرع سيكون عَلَماً وبدايةً للتاريخ، وسيجتمع المسلمون حول هذا المكان ليتخذوا منه منطلقاً للبعثة الإسلامية ,وتحولت كربلاء مصدرا جديدا من مصادر الإسلام الحقيقي ..ليس إسلام قريش الطلقاء , فأصبحت منطلقا جديداً للإسلام. كانت سلام الله عليها صادقة، لأنها كانت تتحدث عن أبيها، عن جدها رسول الله، {ص} عن جبرائيل، عن الله سبحانه وتعالى، حديثاً ذا سلسلة ذهبية تتصل برب العزة.فبداية التحول أو التحول نفسه شمل قتلة الإمام الحسين عليه السلام، فهذا سنان، وهو أحد القتلة، يأتي برأس الحسين عليه السلام الى عمر بن سعد وهو يقول:
أوقر ركابي فضـة أو ذهبـا إنـي قتلت السيـد المحجبـا
قتلت خير الناس أمـاً وأبـا وخيرهم إذ ينسبون النسبا
مما لا شك فيه إن هذا الرجل مصيره النار، وقد بدأ يعترف بجرائمه بحق خير الناس وهكذا تبدأ الاعترافات الواحدة تلو الأخرى، كلٌّ يقول ماذا فعل. ولذلك وبعد حوالي أقل من خمس سنوات من مقتله{ع} قام الصحابي الجليل سليمان بن صُرد الخزاعي بتلك الثورة العملاقة “ثورة التوابين”.وكان سليمان عليه الرحمة آنذاك رجلاً طاعناً في السن، ناهز التسعين من عمره، ومع ذلك استطاع أن يعبئ أربعة آلاف شخص مستعد للشهادة، وكان هو وأصحابه باكورة الخدام الحسينيين , من غير أهل البيت {ع} وهم من عامة الناس ..كانوا يجمعون السلاح في شوارع الكوفة، وينادون يا لثارات الحسين ، كانوا أول من سقى الناس الماء مجاناً، وكانوا يقولون لمن يسقونه الماء: “أشرب والعن قاتل الحسين”، مع أن جلب الماء كان صعباً حينها لبُعد منابعه ومصادره عن المدينة، ولكنهم جمعوا -بهذا الأسلوب- الأنصار، وقرروا الذهاب إلى الشام لمقاتلة الظلمة قاتلي الإمام الحسين{ع} ، حيث استشهد معظمهم في معركة غير متكافئة. فهل كانت حركتهم بداية أم نهاية؟ الجواب تكرر بعد الفتوى الكفائية , حيث هب المتعلمون من المنابر الحسينية { خدام الحسين –ع} ليكونوا جيشا رد الخطر عن الأضرحة المقدسة وعن العراق كله حين تهدد الأمن والسلم الاجتماعي للخطر في العراق , فكان خدام الحسين {ع} هم وحدهم ممن نهض بمسؤولية الدفاع ضمن الحشد الشعبي , الذي هو حقيقة { حشد خدام الحسين ع}..إنها حركة جيش لخدام الحسين{ع}, تبعوا بداية أول حركة لخدام الحسين بقيادة المختار الثقفي، ثم حركة أهل المدينة التي عُرفت بواقعة “الحرة” والتي خلع فيها أهل المدينة بيعة يزيد والأمويين من رقابهم، بعد أن عرفوا حقيقتهم، فأرسل إليهم يزيد عشرة آلاف رجل بقيادة “مسلم بن عقبة” أو كما يسميه المسلمون “مُسْرِف” لإسرافه في القتل وتجاوزه على مدينة الرسول وصحابته والتابعين وهتك أعراضهم، فما استسلم أهل المدينة، بل حاربوا حرباً استشهادية فدائية؛ أي حرب من نوع جديد، تعلّموها من ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه.
فـإذن هنا كانت البداية، ثم انطلقت الثورات، والتي كان أبرز المشاركين فيها أعقاب الإمام الحسن سلام الله عليه، أبناء وأحفاد الحسن المثنى الذي شارك في معركة كربلاء ولم يُقتل، وإنما جُرح، فضلاً عن أبناء خاله وخالاته، وكان قد عولج وشفي.
وقد نظم السادة الحسنيون حركات وثورات متلاحقة، لا يرد ذكرها في الأخبار عادة، وكانت الأنظمة الحاكمة تُلقي هؤلاء الثوار في سجون رهيبة، هي عبارة عن حُفر يُلقى الطعام أليهم فيها من كوى صغيرة في الأعلى، وكانوا لا يميزون الليل من النهار في تلك الحفر، إلا بمقدار قراءتهم القرآن الكريم؛ أي إنهم كانوا يقرأون ثمانية أجزاء من القرآن مثلاً، حتى يحين موعد صلاة الظهر، ثم ثمانية أخرى حتى يحين موعد صلاة المغرب.. وهكذا فلا ليل ولا نهار، وإذا مات أحدهم لا يُدفن، بل يُترك في مكانه حتى يتحلّل، ثم يموت آخر، وآخر، يموتون جميعاً، فيهدم السجن على جثثهم ويصبح قبراً لهم. وهذه الحالة تكررت لخدام الحسين في زمن الطاغية صدام حسين وحزب البعث الملعون , حين كان يزجهم في مديريات الامن وسجن ابو غريب سيْ الصيت وليس لهم ذنب سوى حبهم للحسين {ع} …ورغم ذلك كانوا يثورون… كان عيسى بن زيد بن علي بن الحسين، صغيراً عندما توفّي والده في المنفى، وقد سُمّي بالسيد السقّاء، لأنه خرج من بلده ودخل الكوفة، واستأجر بعيراً وكان يسقي عليه، ويأكل من ثمن السقاية، وكان لا يُعرف عنه شيء سوى أنه سقّاء. ولما توفي ترك ولدين أخذهما أحد أصحابه وجاء بهما إلى المهدي العباسي، وما أن قيل للمهدي العباسي إن فلاناً جاء ، قال دعوه يدخل ، فقد جاء إلى الموت برجله، إذ إننا نبحث عنه وقد رصدنا مكافأة لمن يقبض عليه. فجاء ودخل ومعه الطفلان، وسلم على الخليفة العباسي، فلم يرّد عليه سلامه، ولكنه قال له: لقد جئت برجلك الى الموت. قال: يا خليفة، جئتك معزياً ومبشراً. قال: بم تبشرني؟ قال: لقد توفي عيسى بن زيد: فقال: إنها والله لبشارة حقاً. وقد كان عيسى قبل وفاته رجلاً كبيراً في السن، وكان مجرد سقاء، ومع ذلك كان شبحه يلاحق الخليفة في قصره ببغداد. ثم قال: وبم تعزيني؟ قال: هذان ولداه وقد أصبحا يتيمين، وبكى. ثم قال له المهدي العباسي: لقد عفونا عنك لبشارتك، وأما الطفلان فسيبقيا عندي، لقرابتهما مني، فهما وأنا من بني هاشم!وهكذا بقي مزيد بن عيسى والحسين بن عيسى عند المهـدي، الذي وضعهم في دار الخلافة، مع أولاده، حيث يصطحبونهم يومياً إلى الصيد؛ أي إنهما كانا سجينين في دار الإمارة، وعندما كبر أحدهم وأصبح عمره سبعة عشر عاماً، ذهب الى أحد الأصقاع وجمع أنصاراً وقاد ثورة على المهدي العباسي .لان دم الثورة يجري في شرايين المحبين وخدام الحسين .هكذا حمل أولاد الإمامين الحسن والحسين{ع} الرسالة والثورة، ليس من الجانب الثوري وجانب حمل السلاح فقط، بل ومن جانب العبادة والعلم وتبليغ الرسالة وقيادة الأمة في مختلف المجالات أيضاً…. إذن؛ فكربلاء كانت البداية. والسؤال هو كيف أصبحت كربلاء البداية نهايةً في أذهان بعضنا مما جعلها وسيلة للتبرير والاعتذار عن العمل والتعلل؟
إنني أريد أن أستوحي الإجابة السليمة من الآيات القرآنية التي توجت بها الحديث.
إن في كل حركة في التاريخ جانبين؛ جانب الهدم وجانب البناء، فأنت إذا أردت أن تبني عمارة ضخمة، فلابد لك قبل كل شيء من أن تهدم العمارة السابقة المنهارة والخاوية على عروشها، وتسوّي الأرض وترسي القواعد وتبني تلك العمارة الضخمة التي تريدها، أليس كذلك؟وكربلاء أرض كانت فيها رسالتان؛ رسالة الهدم ورسالة البناء. وقد جاء الإمام الحسين {ع} بهاتين الرسالتين، فأعلن: لا ليزيد ولا لبني أمية ولا للطاغوت، وقال: “مثلي لا يبايع مثله” و”هيهات منا الذلة”وهذا يعني الهدم. أي هدم بناء بني أمية اولا , بل هو مبدا تعلمه الناس منه كيف يهدم البناء الجاهلي الفاسد. ..وكل حركة كانت في هذا الاتجاه كانت هدماً للطغيان الأموي وغير أموي ، ولكن هل كانت كل الحركات للهدم فقط؟
كلا؛ بالطبع، فقد كان غالى جانب هذا الهدم بناء، والبناء هنا يعني بناء حركة.بناء انسان تسمو نفسه على روحه , فلا يرى ذاته الا من خلال موقف الحسين {ع} , فالإمام الحسين أكد : لا ليزيد، نعم لولاية الله تعالى وولاية رسوله {ص} ، وولاية علي بن ابي طالب {ع} وولاية الإمام الحسن {ع}، وولاية الحسين نفسه، وولاية أولاده المعصومين.{ع} ..
ولكن المشكلة أنه منذ ظهور الخوارج، ظهرت مجموعات من الناس لا تقول سوى كلمة لا عبارة عن لقلقة لسان , وليس عندها “نعم” ! كانوا يقولون: “لا حكم إلا لله”. ولكن الله هو الذي ينزّل الشرائع من السماء ويحكم، وقد لاحظنا عبر التاريخ أن الله يرسل أنبياءه ليحكموا (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بإِذْنِ اللّهِ ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) . إذن قصة قصة “لا” و”نعم”، لا للطاغوت، نعم للرسول، نعم للإمام. وحينما قال الخوارج: لا، حاربوا الإمام علي{ع} وحاربوا الإمام الحسين{ع} وحاربوا يزيد وحاربوا معاوية وحاربوا بني العباسوبدا أنهم يجهلون ما يريدون! ثم حاربوا أنفسهم الى أن انتهوا وانقرضوا تقريباً. فلقد أنهى السلب والنهب النفي والرفض كل شيء لديهم كافر …
حركة ذات بعدين: تعتبر حركة الإسلام حركة ذات بعدين، حيث بدأ الإسلام بكلمة “لا إله إلا الله”. فحينما نقول “لا إله ” فإننا نعني ألا يكون هناك وثن ولا صنم ولا عبادة للشمس ولا عبادة للنجم ولا عبادة للطاغوت ولا عبادة للقوم ولا عبادة للعنصر ولا عبادة للدم ولا عبادة للوطن ولا عبادة للأرض. أما حينما نقول: “إلا الله ” فذلك يعني إننا نقول: نعم لله ورسوله وخلفائه وحزبه وجنده.في حين أن الخوارج أخذوا فقط “لا إله” فسكتوا، لأن الذي ينفي رسول الله ينفي الله، والذي ينفي علياً ينفي رسول الله، والذي ينفي الحسن ينفي علياً، والذي ينفي الحسين ينفي الحسن؛ أي ان الذي لا يقبل التالي ، إنما يرفض الاول تلقائياً، يرفضه ويتسلسل. وهذه الناحية الثانية ظلت عالقة في تاريخنا مع الاسف، فقد عمّقنا الرفض في أنفسنا، ولكننا لم نفلح في تعميق حالة الايجاب، ولذلك أصبحنا أمة رافضة، دون أن نكون أمة بانية لتاريخها، اذن؛ كيف بُني التاريخ؟
أعلى درجات الإيمان
لقد بُني التاريخ من خلال القرآن الكريم. فالقرآن الكريم يؤكد ويركز وبالذات في الآيات التي تلوناها على حقيقة مهمة، وهي بصيرة التسليم. فلقد كانت من أعظم صفات النبي ابراهيم عليه السلام، صفة التسليم.والتسليم يعني القبول والرضا والطاعة والإتباع. (وإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإِسْمَاعِيلُ) (البقرة/127) كان النبي إبراهيم يرفع القواعد وإسماعيل يساعده (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ) البقرة 128)، والاسلام يعني التسليم والرضا المطلق.حينما وضع النبي إبراهيم عليه السلام في المنجنيق ورُمي به، تلقّاه جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة؟ قال: أمّا اليك فلا، حسبي الله ونعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار فانَّ خزائن الإمطار والمياه بيدي، فقال: لا أُريد، وأتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيرّت النار، قال: لا أُريد، فقال جبرئيل: فاسأل الله! فقال: حسبي من سؤالي علمهُ بحالي.النبي إبراهيم {ع} يطلب من الله أن يجعله من المسلمين؛ فالإسلام درجة أعلى من كل الدرجات. (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا اُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْـتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَـةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ) (البقرة/128-130).تُرى كيف اقتضى الاستنتاج القرآني أن من لا يرغب بسلوك طريق النبي إبراهيم عليه السلام أن يكون من السفهاء؟الجواب: (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ) (البقرة/130)، لأن الله اصطفى إبراهيم عليه السلام، وكان أفضل الخلق في عصره؛ (وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (البقرة/130)، لأنه حينما (قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) (البقرة/131)، أي أرض وأقبل بكلام الله، (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة/131)، أي إنه لا يوجد لدي اعتراض على الله، فأنا مستعد لتنفيذ ما يأمر به.هكذا هي ملة النبـي إبراهيم، والأنبياء جميعـاً لديهم هذه الملـة (وَوَصَّى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) (البقرة/132)، هذا الخط الممتد من النبي إبراهيم الى رسول الله{ص}، يدعو الجميع الى كلمة واحدة ,هي كلمة الإسلام؛ أي التسليم والرضا المطلق. (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ) (البقرة/132). أي مسَلمون لرب العالمين. هكذا تتسلسل الآيات.وحينما تكون الأمة مسلمة، فهي تهدم العدو وتبني الصديق، لأن الإسلام يقتضي التسليم للقيادة والأوامر والأحكام الشرعية، وأيضاً رفع الاختلافات. وقد قال ربنا في آية أخرى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (النساء/65)، أي يجعلوك حاكماً فيما نمى بينهم من الخلافات والصراعات، (ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً( (النساء/65).إن القضايا المتواضعة التي تفتّتنا هي سبب تخلفنا، وهي في الواقع جراثيم تتكاثر وتتكاثر الى أن تصبح خلافات وصراعات ضخمة. إن تعبير القرآن الكريم تعبير بليغ، فهو يقول: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ(، ولو ان المتخاصمين ذهبوا منذ الوهلة الاولى لبروز الخلاف الى النبي صلى الله عليه وآله وحسموه، لما تحول هذا الخلاف الى أنهارٍ من الدم ومعولٍ لهدم الأمة والحضارة.نحن يجب ان نبني، وعلينا ان نأخذ من واقعة كربلاء منطلقاً للبناء، وذلك بتكريس حس الولاء لأهل البيت عليهم السلام في أنفسنا؛ بحيث نوالي أهل البيت عليهم السلام ونوالي أولياءهم، ونعادي أعداءهم.
خدام الحسين {ع} و قضاء حوائج المؤمنين
لقد رزقنا الله بشريعة سمحاء ونبي كريم وأهل بيت كرام , فكانوا أفضل خلقه فوصلوا إلى مرتبة لم يصل إليها شخص غيرهم ، وقد مدح الله تعالى في كتابه بقوله : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، فالأخلاق من شأنها أن تسمو بالإنسان وتجعله بمصاف الملائكة ..وان كانت سيئة تنزله إلى أسفل سافلين ،روي عن الإمام الصادق (ع) انه قال : ما يقدم المؤمن على الله تعالى بعمل بعد الفرائض ، أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه ..وهذه يجب أن يعرفها خدام الحسين {ع} .ومن هذه الأخلاق المهمة في مجتمعاتنا والتي يجب أن يمتثل ويتخلق بها أتباع أهل البيت{ع} وخاصة خدام الحسين {ع} هي قضاء حوائج المؤمنين ..لأن الإنسان غير كامل, فيحتاج في حياته ومعيشته إلى الآخرين, وقد تجبره الظروف إلى أن يستعين بالناس في حاجته … مثلا المريض يذهب إلى الطبيب ليعالجه ، ويذهب الطالب إلى المعلم ليعلمه وهكذا ،، ولأن مساعدة الغير في حاجاتهم من السمات العالية والصفات الجليلة وردت روايات كثيرة عن أهل البيت (ع) في قضاء الحوائج فجعل هذه المسألة امتثالا لأمر من أوامر الله تبارك وتعالى بل في بعض الأحيان تكون أهمية قضاء حوائج المؤمنين بمكان حتى تقدم على الواجب .. ومن يعرف نفسه خادما لأهل البيت {ع} حري به أن يكون متخلقا بأخلاقهم , ويعتبر موقفهم و كلامهم منهاج عمل له .روي عن الإمام الرضا (ع) انه قال : (أحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين ، وإدخال السرور عليهم ، ودفع المكروه عنهم ، فإنه ليس شئ من الأعمال عند الله عز وجل بعد الفرائض ، أفضل من إدخال السرور على المؤمن).. وحديث الإمام الرضا لمن موجه ..؟ حتما من يقول انه موجه لجميع المسلمين والمؤمنين ,هذا صحيح , ولكن وجوب تطبيقه أولى لمن ينتسب أليهم بالخدمة , فيكون سماعا لما يصدر منهم باعتباره خادما ينفذ ما يأمر مولاه .وكذلك جعل الله تبارك وتعالى قضاء حوائج المؤمنين كفارة للعمل عند السلاطين ,وهذا الحديث خاص بموظفي الدولة , هم دون غيرهم يشتغلون عند السلاطين ويقبضون أموالا بعنوان راتب من خزينة الدولة يهيئه لهم السلطان ، فالذي يعمل عند السلطان , أي سلطان , سواء كان بارا او فاجرا , فانه تتعلق به حقوق الناس من خلال عمله , ولكي يتخلص من الحقوق التي تعلقت بذمته , والتي سيحاسب عنها عند الله , عليه أن يقضي حوائج المؤمنين.. قال الإمام الصادق (ع) : كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الأخوان .وفي رواية أخرى يعطي الإمام الصادق (ع) القيمة المساوية لقضاء الحوائج فقد روي عنه (ع)قال : من قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة ، من ذلك أولها الجنة ، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا.. أي ناصبيه . إذن الانتساب إلى فصيل خدام الحسين {ع} لا يتحدد بقضايا خاصة وطقوس في موسم معين يقوم بها المكلف الخادم , في وقت تعلقت بذمته حقوق الناس , فالأولى إن يكون الخادم مرآة يعكس من خلال مواقفه وقضاء حوائج الناس التي هي جزء من واجباته الشرعية والأخلاقية, دور خدام الحسين {ع} في قضاء حوائج المجتمع جنبا إلى جنب مع خدمة الحسين {ع} .وعن المفضل ، عن أبي عبد الله (ع) قال : قال لي : يا مفضل اسمع ما أقول لك :” واعلم أنه الحق وافعله وأخبر به إخوانك” ، قلت ، جعلت فداك وما علية إخواني ؟ قال : الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم ، قال : ثم قال : ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا وكان المفضل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له : أما تشتهي أن تكون من علية الأخوان.. إذن الإمام يوصي أن يبلغوا خدام أهل البيت {ع} بقضاء حوائج الناس.
وفي الحديث أيضا إن الله تبارك وتعالى قد خلق خلقا ليقضون حوائج المؤمنين ويثيبهم على ذلك الجنة فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقة انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة ، فإن استطعت أن تكون منهم فكن ، ثم قال : لنا والله رب نعبده لا نشرك به شيئا .. وهذا حديث واضح يبين ما يريده الإمام منك أيها الخادم.بل في الحديث إن قضاء الحوائج أفضل من عتق رقبة فعن أبي عبد الله (ع) قال : قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله…وعن الصادق (ع) : لقضاء حاجة امرئ مؤمن أحب إلى الله من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف. عن أمير المؤمنين عليه السلام: “تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله، فإن للجنة باباً يقال له المعروف، لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكّل اللَّه به ملكين، واحداً عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته”. هذه هي المنزلة العليا للخدام الحسينيين دون سواهم ..ولذلك نجد الأئمة (ع) يقدمون قضاء حوائج المؤمنين على الواجبات فهذا الإمام الحسين{ع} قد حل إحرامه في سبيل قضاء حوائج المؤمنين ..ينقل إسماعيل بن عمار الصيرفي قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : جعلت فداك .. المؤمن رحمة على المؤمن ؟ قال : نعم ، قلت : وكيف ذاك ؟ قال : أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسببها له ، فإن قضى حاجته ، كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة من الله عز وجل ساقها إليه وسببها له وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها ، إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره يا إسماعيل فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة من الله قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها ؟ قلت : لا أظن يصرفها عن نفسه ، قال : لا تظن ولكن استيقن فإنه لن يردها عن نفسه ، يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعا ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة ، مغفورا له أو معذبا.. الشجاع الأفعى الكبيرة ..وقال الإمام الصادق (ع) : ما قضى مسلم لمسلم حاجة الا ناداه الله تعالى : على ثوابك ، ولا أرضى لك بدون الجنة. أي ان ثوابك قد وصل إلى مرتبة عالية ولا اقبل لك إلا الجنة عوضا عما فعلت . من هنا نعتقد الى حد القطع ان أعمالنا في خدمة أبي عبد الله {ع} مقبولة وبمرتبة عالية , ولكنها مشروطة بالأخلاق وقضاء حوائج الناس , في مواسم الخدمة وبدونها .
روي عن الإمام الصادق (ع) انه قال : إن المؤمن منكم يوم القيامة ليمر به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أمر به إلى النار ، والملك ينطلق به ، قال : فيقول له : يا فلان أغثني فقد كنت اصنع إليك المعروف في الدنيا ، وأسعفك في الحاجة تطلبها مني ، فهل عندك اليوم مكافأة ؟ فيقول المؤمن للملك الموكل به خل سبيله ، قال : فيسمع الله قول المؤمن ، فيأمر الملك ان يجبر قول المؤمن فيخلي سبيله.. ولا تعليق لي على هذا الحديث , بل أؤكد إن خادم الحسين {ع} الذي يقرن خدمته بالأيمان بمن يخدم وهم أهل البيت {ع} فيكون قد اكتسب منهم منصبا شريفا , اقله أن يكون شفيعا لأهله وأقربائه ومن يحب من المؤمنين يوم القيامة ..
فقضاء الحوائج تنقذ حتى الذين يستحقون النار من أعمالهم فمن كان يحتمل هذا الأمر ينبغي أن يكون خادما مخلصا , لا يزهد بمثل هذا الثواب الجزيل والأجر الجميل ولا يزهد بمنصبه الذي من الله عليه بحب الحسين {ع} وبخدمته ،،،وإذا كان ثواب قضاء الحاجات ما تقدم من الثواب الجزيل هذا بالإضافة إلى ما يناله في الدنيا من الثناء عند المؤمنين والدعاء له من قبل صاحب الحاجة فهنيئا لمن عرف ذلك وعمل به.الف هنيئا لك يا خادم الحسين {ع} …
بعد الختام :..{ واقع ولكن ليس للمقارنة } حين نزح أهالي الشرقاط من مدينتهم نحو المدن الامنة , كان احد ابناء المدينة نائباَ في البرلمان العراقي يقوم بنفسه ومعه جماعة يستقبلون الأطفال والنساء وكان عددهم بحدود أربعين الف نازح , ولكنه عانى الآمرين , خاصة من تحايل السواق وغيرها من الممارسات التي تعيق تفويج الناس , بعد الانتها من تفويج النازحين , ظهر في التلفزيون يشكو الحالة والمأساة التي عاناها .. فسأله مقدم البرنامج .. اذن كيف يتصرف أصحاب المواكب الحسينية مع عشرين مليون زائر من مختلف الجنسيات خلال اسبوع واحد فقط مع توفير جميع مستلزمات الخدمة ..؟ فقال النائب : هناك أخلاص لا يوجد له مثيل في كل العالم .. هناك الجميع يعتبر نفسه خادم , وليس عليه مسئول الا الحسين {ع} فقط ..