التعليم هو الأساس المتين في بناء المجتمعات ، لذا يحظى بالكثير من الأهتمام من قبل جميع دول العالم ، فهو دائماً يكون تحت إشراف مباشر من الحكومات وقادة الدول نظراً لإهميته (فبالعلم تنهض الأمم ) .. وأخذت الدول تبحث وتبتكر طرقاً في التعامل مع مسألة التعليم وتعد اليابان من الدول الأكثر ريادة في هذا المجال من جميع النواحي .. النظام .. النظافة .. ونوعية التعليم .
فالإهتمام بالتجربة اليابانية في التعليم نتيجة لما حققت من حداثة وتطور وتنمية مع المحافظة على التراث والتقاليد ،فقد أصبحت التجربة اليابانية في التعليم محط إهتمام ودراسة للإنجازات الإستثنائية لهذا البلد الذي يرسخ لدى الطلاب الإعتماد على النفس في إدارة عملية تلقيهم للمعلومات وتعويدهم على العمل والمشاركة في المدرسة ، فتوصل أصحاب القرار إلى حقيقة مهمة هي أن بناء جيل متعلم ومتفوق ينهض ببلده لابد من تنشئة الأطفال في المرحلة الأبتدائية وتحويلهم إلى قادة منذ الصغر وغرس السلوكيات القيادية والمفاهيم السليمة للتطور والتعلم فهم لا يهدفون الى تخريج أجيال أذكياء وبارعين في المجلات الأكاديمية فحسب وإنما يطمحون أيضاُ لتخرج أجيال يتسمون بالنظام والنظافة وتحمل المسؤولية والنهوض بالمجتمع .
يتكون نظام التعليم في اليابان من ( المرحلة الأبتدائية ست سنوات – المرحلة الأعدادية ثلاث سنوات – المرحلة الثانونية ثلاث سنوات – المرحلة الجامعية أربع سنوات ) ..والتعليم يكون إلزامياً في مرحلتي الأبتدائي والإعدادي مع توافر فرص ملائمة لجميع الفئات التعليمية حيث تم إضافة نظام التفرغ الجزئي والتعليم عن بعد كما تم إضافة نظام المعاهد التقنية والتي تبدأ الدراسة فيها بعد المرحلة الإعدادية ولمدة خمس سنوات وتم إضافة مراحل رياض الأطفال كمرحلة تكميلية .
يبدأ الدوام في المدارس اليابانية من الساعة الثامنة الى الساعة الرابعة والعطل السنوية في العام هي العطلة الربيعية ولاتزيد عن عشرة أيام وعطلة بداية العام وتسمى عطلة الميلاد وأيضا لا تزيد عن عشرة أيام والعطلة الصيفية ومدتها بحدود شهر ونصف ، أما العطلة الأسبوعية فهي يوم واحد في الأسبوع حتى عام 1992 إذ بدأت الحكومة تلغي الدراسة يوم السبت لإعطاء مزيداً من الراحة للطلبة إلاّ أن العديد من المدارس لا تعترف بهذه الأجازة وتعدها دواماً كباقي أيام الأسبوع ..!
إن أهم ما يميز المدارس اليابانية وخصوصا من الجانب التربوي والسلوكي الآتي :
1. يلزم جميع الطلبة بالزي المدرسي الذي يشبه الزي العسكري للبنين وقميص على نمط لباس البحارة والتنورة للفتيات ولا يوجد بناطيل نهائياُ وحقيبة موحدة للجميع وتفرض بعض المدارس الثانوية قيوداًعلى التبرج .
2. تدرس المادة ( طريق إلى الأخلاق ) من مرحلة الأول الابتدائي إلى مرحلة السادس الأبتدائي تهتم بترسيخ قيم الأخلاق وكيفية التعامل مع الناس .
3. لا يوجد رسوب من مرحلة الأول إبتدائي إلى مرحلة الثالث المتوسط التي يكون فيها التعليم إلزامي فالهدف هو التربية وغرس المفاهيم السليمة في بناء الشخصية .
4. اليابانيون على الرغم من أنهم من أغنى شعوب العالم ليس لديهم خدم ، والأب والأم هما المسؤولان عن الأولاد وكذلك في المدارس لا يوجد عمال خدمات فالطلبة والمعلمون هم من يقومون بتنظيف مدارسهم كل يوم بضعة دقائق مما أنعكس إلى تواضع والحرص على النظافة لدى الطلبة .
5. تعد التحية جزءاً لا يتجزء من الثقافة اليابانية ، فمع بداية كل حصة دراسية يقف الطلاب لتحية المعلم ومن ثم يقومون بالأنحناء إجلالاً وإكباراً لمعلمهم .
6. تقدم وجبة غذاء يوميه للمعلمين والطلبة يأكل المعلمون قبل الطلبة بنصف ساعة للتأكد من سلامة وجودة الطعام لأنهم يعدون الطلاب مستقبل اليابان وثروته المستقبلية وعلى الجميع تناول هذه الوجبة وأنهاء وجبتهم بالكامل فألقاء الأكل ليس من قاموس الثقافة اليابانية وبعد الأكل ينظفون الطلبة أسنانهم ليتعلمون الحفاظ على صحتهم من الصغر .
7. لا يوجد معلم بديل في حالة طلب المعلم لأجازة مرضية فنادراً ماتضع المدرسة بديلاُ فالطلاب يقومون بالدراسة بهدوء وبشكل مستقل في صفوفهم .
8. لكل صف هناك مايسمى المعلم المسؤول وهو الشخص الذي يبني علاقة وطيدة مع التلاميذ بصورة فردية وشخصية وبالتالي يتابع حضور وغياب كل طالب وكذلك التقدم الذي يحرزه أو التأخر إن حدث فضلاً عن متابعة المشاكل الشخصية إذا كانت بيتية أو دون ذلك والتواصل مع أولياء الأمور حيث تجعل من المعلم المسؤول بمثابة الأب الثاني أو الأم الثانية.
9. أتباع نظام تدريجي في المواد التعليمية ليسهل فهم المعلومات وأستيعابها لدى الطلبة كذلك الأهتمام بالأمور التي تعلم الطلبة الدقة كفن طي الأوراق ( الأوريغامي ) مما يساهم في بناء جيل يحافظ على وقته وإحترام مواعيده ..نتمنى أن تطبق هذه النقاط المهمة في مؤسساتنا التعليمية والتربوية في العراق ..فهي ليس ثقافة خارجة عن ثقافتنا وليس فيها سوى أمور إنضباطية تنمي في نفوس الطلبة حب النظام والتعود على إحترام الوقت والمظهر والملبس والمأكل مما ينعكس على أدائهم التعليمي وتفوقهم المعرفي والذي يصب بالنتيجة في خدمة مستقبلهم ووطنهم..