20 ديسمبر، 2024 11:57 ص

اعطني بيتا اسكنه .. ودعني اركب حمارا

اعطني بيتا اسكنه .. ودعني اركب حمارا

في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ، بدأ يُطرح الى الواجهة مشروع ( مترو بغداد ) الذي يعول له نقل العاصمة الى مطاف الدول المتقدمة ،وبين فترة واخرى يعرض التلفزيون الحكومي في وقتها خرائط وتصاميم المشروع المقترح ،وقائمة اسماء الشركات التي ستقوم بتنفيذه . بعد ذلك اختفت اوراق المشروع في زحمة الصرعات الخارجية وجنون الحروب التي ابتلي بها العراق ، ليعاود الظهور بقوة قبل سنوات قليلة ، لكن هذه المرة بشكل مختلف ، حيث تم تحديد مسار خطوط ( المترو ) ومحطات الانطلاق والتوقف فضلا عن الشركة التي يقع عليها اعداد تصاميم هذا المشروع العملاق المؤمل منه حلّ ازمة النقل والاختناقات المروية التي تعاني منها العاصمة بغداد . المشروع بحد ذاته امنية يحلم بها البغداديون منذ عقود طويلة ، يجعل من مدينتهم واجهة حضارية وينتشلها من سنوات الاهمال والضياع المتعاقبة . في المقابل يرد بعض الذين اكتووا بنار ازمة السكن : ان من الافضل للحكومة في هذا الوقت التفكير في حل اخطر عقدة تواجه العراقيين الا وهي ايجاد مكان ملائم للسكن كما نص الدستور العراقي في احدى بنوده . بعض المعترضين على مثل هذه المشاريع يعللون اعتراضهم ان مجرد التفكير في طرح ( مترو بغداد ) هو نوع من الترف الاجتماعي الذي لم نصل له بعد في ظل وجود ازمات بل كوارث كالقنابل الموقوتة لاتعرف متى تنفجر ،وعلاج مثل هذه المشكلات اولى من مسائلة النقل . ربما يكون الحق مع هؤلاء – في الوقت الحالي على اقل تقدير- لان العراق بحاجة الى الانتقال في حلّ المشكلات المستعصية من الاكثر اهمية حتى نصل الى الادنى . التفكير التدريجي في معالجة القضايا المصيرية واضفاء سمة العقلانية عليها هي التي يجب ان تسود خططنا الفكرية ؛لان القفز وطرح مشاريع جديدة لايمكن ان يفهم الا انه نوع من ترحيل للمشكلة ، او بالاحرى الهرب منها الى اخرى ،وعدم مواجهتها . بعد ان نتخطى مشكلات السكن وطفح المجاري ومدارس الطين والبطالة وجيش الارامل الذي يبحث عن معين ، عندها يحق لنا ان نحلم باشياء جميلة كـ(مترو بغداد ) و (عشرة في عشرة ) وهذا الحلم الاخير اصيب بداء الخرس بعد ان حول ( الشط الى مركه والكصب خواشيك ) .
اليوم اهم شيء يفكر فيه العراقي هو السكن بعد ان انشطرت اغلب البيوت الى انصاف وارباع قطع ،ولم تستطع حتى قروض الاسكان حل المشكلة ، بل ان طرح مثل هذه الحلول في الوقت الراهن سيزيد من مرارة الواقع العراقي . هذه المشكلة لاتعالج بضخ الاموال في ظل غياب اهم عنصر يمكن الاستناد اليه وهو قطعة الارض . الحل ياتي من خلال تخصيص الاراضي لشرائح معينة ولاسيما في المحافظات لفك الاختناق السكاني الحاصل في العاصمة ،وقطع دابر الروتين الذي يأكل كل منجز يلوح في الافق .

أحدث المقالات

أحدث المقالات