مرة أخرى, يطل علينا سماحة المرجع الأعلى, السيد السيستاني “دام ظله”, بتوجيهاته الإصلاحية, التي يستهدف من خلالها, توجيه المسار وتعديل الاعوجاج, في أي, عملية سياسية كانت او اجتماعية, وهذه المرة يدعو من خلال توجيهات أصدرها, المجتمع الى تحمل مسؤوليته, في الحفاظ على الثورة الحسينية .
فقد ذكر في مستهل توجيهاته, انه مع إطلالة شهر محرم, سوف يتم استذكار أعظم حركة قادها المصلحون, استهدفت تطوير المجتمعات, وإصلاح أوضاعها إلا وهي ثورة الإمام الحسين ع, وان على كل فرد, يقع نوع من المسؤولية, في الحفاظ عليها وتجسيدها, من خلال إصلاح نفسه وعائلته, ولكن العبء الأكبر, يقع على أصحاب المنبر الحسيني, الذين يجب أن يكون خطابهم, يتناسب مع متطلبات الزمان, ومقتضيات العصر.
إن هذه التوجيهات, لم تأتي من عبث, أو جاءت وليدة المناسبة, لقدوم شهر محرم, وإنما من شعور المرجعية, بحجم التشويه والإساءة, الذي يتعرض له مذهب أهل البيت عليهم السلام, واستغلال أعداء هذا المذهب, لبعض لخطب المنبر الحسيني, التي تستعين بالأحلام والقصص الخيالية, والتي أساءت الى هذه المدرسة, وجعلته وسيلة إعلامية هزيلة, مع تنامي المستوى الثقافي للجمهور المتلقي.
كما أكدت على الخطيب, ان يكون معبرا عن الواقع, الذي يعيشه المجتمع, يطرح المشاكل التي تعتريه, من تفكك اسري, أو الفجوة بين جيل الشباب والجيل الأكبر, والكثير من الهموم, التي تعاني منها شرائح المجتمع, ويطرح الحلول المثالية والممكنة, التي يتفاعل معها المتلقي وتؤثر فيه, ولا بأس أن يستعين الخطيب, بأهل الخبرة والاختصاص, في علم النفس وعلم الاجتماع, وبالتأكيد إن هذا الأمر, سيشكل تطورا للمنبر, من حالة الجمود, الى حالة التفاعل والقيادة في المجتمع.
ولان المنبر الحسيني, هو رمز لوحدة الكلمة, ورمز للنور الحسيني, كما عبرت عنه المرجعية في توجيهاتها, فقد دعت الى أن يبتعد الخطباء, عن جميع الأمور الخلافية الشيعية, سواء في مجال الفكر, او الشعائر, وبالتأكيد فان هذه الخلافات, سوف تجعل البعض, ينفر من مجالس الحسين ع, بسبب تحيز المنبر الى فئة, على حساب فئة أخرى, مما يؤدي الى فوضى اجتماعية, أو تأجيج الانقسام بين المؤمنين, الذين هم اليوم, بحاجة الى رص الصفوف, والتعاضد فيما بينهم, فحجم التحديات المحيطة بهم, أكبر من أن يفرقها خطيب حسيني, يميل لجهة على حساب أخرى.
ومن خلال هذه الدعوة, أعطت المرجعية مواصفات الخطيب الناجح, الذي يجب أن يكون متمكنا من خطابه, مواكبا لثقافة زمانه, يحتوي خطابه على مجموعة من الأطروحات المتنوعة, التي يحتاجها الجمهور والمستمعين, وان يتحرى الدقة, في نقل الآيات والأحاديث الشريفة, ففيها تبرز مهارة الخطيب, ليشكل عامل جذب, لجميع الفئات والشعوب, على اختلاف دياناتهم, ومشاربهم الفكرية والاجتماعية.
إن سر قوة المذهب الشيعي, ورمز عظمته, وشموخ كيانه, والذي حفظه ودافع عنه, على مر التاريخ, وأعطى الشهداء والدماء, من اجل حفظه كل هذه الفترة, بلا شك هو المرجعية والحوزة العلمية, وبلا شك انها تتعرض اليوم, لهجمة منظمة, من مجاميع الإلحاد من جهة, والنواصب والتكفيريين من جهة أخرى, كل ذلك من اجل إضعاف دورها, وإبعاد الجماهير, التي لطالما كانت تجتمع حول المرجعية, عن كل خطب يهدد المذهب, لذلك أكد المرجع الأعلى في توجيهاته, على إبراز دور المرجعية, والحوزة العلمية والعلماء, وتأريخهم الجهادي والعلمي.
لا شك ولا ريب, أن ثورة الإمام الحسين ع, هي ثورة في كل جوانب الحياة, وتقع على عاتق خطباء المنبر الحسيني, إيصال أهدافها الاجتماعية والسياسية والإصلاحية, الى مختلف المستويات الاجتماعية, تخاطب عقولهم وقلوبهم, على حد سواء, فالحسين ع عبرة وعبرة, يُستلهم منها مبادئ الإيثار والتضحية والإصلاح.