تمر هذه الايام وفي كل عام في شهر محرم الحرام ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته واصحابه الذين بذلوا مهجهم من اجل حفظ القييم الالهية وكرامة الانسان.ان مدرسة الإمام الحسين عليه السلام هي مدرسة رسول الله الساعية الى بناء الانسان الصالح الذي يعمر الارض بقييم الله تعالى. لان الحسين عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه ان مدرسة الامام الحسين عليه السلام مثلت العمق الانساني في الايمان والهجرة والجهاد في سبيل الله.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الأنفال72
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }الأنفال74
{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } التوبة20
اراد الإمام الحسين عليه السلام في حركته ان يثبت للعالم ان هؤلاء الطغاة الذين حملوا ظاهر الإسلام واستبطنوا الكفر والانحراف هم لايمثلون الحالة الاسلامية الصحيحة,لانهم دنسوا كل القييم الانسانية التي جاء بها الاسلام وهدروا كرامة الانسان وسلبوا حريته التي وهبها الله تعالى اليه
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ � مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء : 70
لذى نلاحظ ان البيان الاول الذي اطلقه الإمام الحسين عليه السلام كان ينادي بالحرية والتنديد بالظلم والظالمين , اراد بصرخت العالية ان يهز ضمير الامة ويشعرها الن الذي يدور حولها من المؤامرت كبيرة وخطيرة, وهؤلاء الذين جثموا على صدوركم ليوا من الاسلام في شئ
فكان ندائه
ان مثلي وهو الحق الاسلامي والشرعية الاسلامية والقييم الانسانية النبيلة لايبابع مثله وهوالباطل والبهتان والزور والظلم والحكم بالهوى واشاعة مفاهيم القبيلة والعشيرة والحزبية الضيقة , التي ماأنزل الله بها من سلطان وصرختة الاخرى كانت تشخيصا للانحراف وتنبيها من خطره: الا ترون الى الحق لايعمل به والى الباطل لايتناهى عنه
فاراد الإمام الحسين عليه السلام في حركته ان يُثبت للعالم ان هؤلاء الطغاة هم ضد الانسانية وقييمها واراد من خلال صرخته ان يقول ان الظلم الاجتماعي الذي حمل شعاره بني امية وتستروا بستار الاسلام الظاهري هو ضد الدين الحنيف ولم يرتبط بشرعية الرسالة ابدا , واراد الامام الحسين بهذه الحركة أن يعيد بناء القييم الالهية في ضمير الامه بعدما حاول بني امية المساس بها ومحاولة طمس معالمها والتشكيك بشرعية ائمة أهل البيت عليهم السلام في ادارة شؤون المسلمين
فلقد حاول بني امية ممارسة جميع السبل من الترغيب والترهيب لثني الناس عن ولائها لاهل البيت لانهم يمثلون رسول الله في اصالته ورسالته ومنهجيته, وهم لايريدون ذلك.انهم تعلموا من المؤامرات التي حيكت ضد رسول الله وهو في حياته والمؤامرة الكبرى في السقيفة بعد حياته هولابعاد الامة عن الإسلام المحمدي الاصيل,فكانت نتيجتها هو الظلم لاهل البيت وابتعاد الامة عن الاسلام المحمدي الاصيل والاستنان بسسن تخالف شرع الله فكانت النتيجة هو الاسترخاء وغياب المسؤولية والجهل بمفاهيم الاسلام الحقيقية حتى وصل بمفتييهم � بمفتييهم ان يعترض على عمر بن عبد العزيز حينما رفع السب عن الامام علي عليه السلام قائلا له او تجوز الصلاة بغير سب ابي تراب؟
فكانت نتيجة تلك التراكمات ان تمكن أل ابي سفيان من التحكم بارادة الامة واستضعافها قهرا واشاعة الجهل وتشويه القيييم الاسلامية وتزيفها وعلى مستويات متعددة ,نذكر منها
محاولة طمس الرسالة المحمدية بادخالهم الالاف من الاحاديث المختلقة وحجب الاحاديث الصجيحة عن الناس
تشجيع المدارس الاعتقادية المختلفة وباسم الاسلام لحرف الامة عن قيادتها الشرعية المتمثلة باهل البيت عليهم السلام وتخدير الامة بروايات مختلقة بتحريم الثورة والقيام على الحكام وان كانوا ظالمين والتاكيد على النظرية الجبرية في ا�/> ممارسة الارهاب ضد المؤمنين الرساليين من خلال التجويع والمطاردة واثارة النعرات القومية هذا عربي وهذا اعجمي ودعم الروح العنصرية من خلال التمييز باللون والمذهب والعطاء
الحكم بقييم العشيرة وتعطيل احكام الله واحياء سنن الجاهلية العمياء
أن هذه العوامل وامثالها دفعت بالإمام الحسين عليه السلام الى اعلان المواجهة مع الظالمين لان السكوت على باطلهم يؤدي الى ضياع القييم الالهية واشاهة مفاهيم الجاهلية في الامة
وما نشاهده اليوم من الظلم والفساد والقتل هو امتداد لذلك التاريخ السفياني الاسود ,ان هذه المفاهيم المنحرفة اليوم نراها تسود بفعل ممارسات الحكام الظالمين واتباعهم ومايجري في العراق اليوم من ممارسات عدوانية يمثل عنوانها الظاهري المقاومة والاسلام وتستبطن كل مفاهيم الانحراف والفساد والافساد السفياني وامثاله ,ماهي الا مواجة جديدة ضد القييم الالهية التي جاء بها الاسلام المحمدي الاصيل
أن الخط السفياني وامثاله على طول التاريخ يريد ان يثبت ارادته بلغة العنف والقتل وفرض قيمه الجاهلية السوداء على الامة لانه لايملك القدرة على الحوار بالدليل كما اراد الله منا ذلك فيمارس الظلم والقتل لبسط افكاره المنحرفة والصد عن سبيل الله
ان الامة الواعية اليوم تعلمت من مدرسة الإمام الحسين عليه السلام ان الحياة للاحرار هو الدفاع عن المقدسات والقييم الحضارية الانسانية التى نادى بها الحسين عليه السلام واهلبيته وان الاستسلام لطغييان السفياننين هو الموت والذل والعار في الدنيا والاخرة
ان صرخة الإمام الحسين عليه السلام علمتنا انا ارادة التضحية هي المنتصرة مهما طال الزمن وان الدم سينتصرعلى السيف مهما كبرت التضحيات وطال الزمن وان مصير الطغاة هو الخزي في الدنيا وعذاب في الاخرة الى جهنم وبئس المصير , تعلمنا من مدرسة الإمام الحسين أن قييمالخير هي التي ارادها الله تعالى في المجتمع وان هذه القييم هي التي تحفظ كرامة الانسان وعليه السلام هي التي ستنتصر في بناء دولة الانسان التي تمثل الحق والعدل
ان هذا اليقين المطلق عند الإمام الحسين عليه السلام بالانتصار المعنوي في مقارعة الظالمين وتحريك الامة بالاتجاه الصحيح مهما حاول الطغاة سحق ارادتها هو الذي دفعه الىالتضحية مع قلة الناصر ,ورغم علمة انه سيخسر المعركة ماديا ولكنها سيربحها معنويا ,ليكون دمه الطاهرو اهل بيته واصحابه مشعاعل نور تنير الدرب لكل الاحرار في الارض. وهذا ماحصل
اراد الإمام الحسين بتضحيته ان يعلمنا ,ان الامة التي حاول ويحاول الطغاة سحق ارادتها لايمكن ان تستفيق من غفلتها والخروج من استرخائها الا بالتضحية ,لان التضحية تمثل الوقود الدائم في مواجهة الطغاة واعادة القييم الالهية الى واقع الحياة
اننا نستجلي هذه المعاني الكبيرة من مدرسة الإمام الحسين عليه السلام واهل بيته عليهم السلام لكي نكون قادرين على مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهنا , والذي يرتبط بالحسين عليه السلام لابد له ان يحي قسييم الامام الحسين في نفسه واهله ومجتمعه ,من خلال رفض الظلم والعدوان والتجاوز والسعي لبسط قييم الحق والعدل
ان الامام الحسين الذي نادى هل من ناصر ينصرنا يستصرخنا اليوم لنصرته ومن يريد نصرته قولا وفعلا عليه بالقول لبيك ياداعي الحق لبيك يابن رسول الله باحيائنا لقيمك ومفاهيمك التي قدمت كل شئ في حياتك من اجلها ,تلك هي القييم الالهية,لان هذه القييم تمثل الحياة الانسانية في الفكر والسلوك والعاطفة ودعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . فنصرة الامام الحسين هي نصرة قيم الحق والعدل في النفوس والسعي لاحيائها في مجتمعنا لنواجه بها كل عناوين الظلم والارهاب
ان ثورة الإمام الحسين عبرة وَعَبرة , ولابد ان نستثمر الجانب العاطفي الَعَبرة في نفوسنا اتجاه قضية الماساة ونعبئ انفسنا بفكر الاسلام ومنهجه ونحيى حياة الاسلام التي اراد منا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيته عليهم السلام
الإمام الحسين عليه السلام اراد ان يعلمنا ان التضحية وسام شرف المضحين وحينما تكون التضحية لله تعالى من خلال السعي لاحياء قييم الله سيكون المضحي منارة هدىيقتدي بها كل الاحرار ,لان تضحيته كانت لله وليس لدنيا فانية زائلة . هؤلاء الاطهارالذين قدموا انفسهم لله سبحانه واسترخصوا الحياة الدنيا في سبيل الله أحياهم الله سبحانه في ضمير الاحياء ,حتى الذين لم ينتسبوا الى الاسلام استفادوا من مشروع الامام الحسين من خلال بعده الانساني كغاندي الذي -قال تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر
ان الإمام الحسين عليه السلام في مشروعه اراد احياء كلمة الله في النفوس وتقريب الامة الى الله تعالى فلابدمن السعي الجاد لنصرة الامام الحسين من خلال نصرة الدين واحياء نفوسنا بذكر الله وتعمير قلوبنا بطاعته سبحانه والسعي لكسب رضوانه تعالى حتى نكون من الذين احييو الامام الحسين بكل ابعاد الاحياء
ان الذي يدعي الحب والولاء لرسول الله واهل بيته الكرام عليهم السلام والذي يتحرك بدافع الحب الحسيني لابد ان يكون حسيني الايمان والمنهج والسلوك والاخلاق حتى يكون ناصرا حقيقيا للاإمام الحسين عليه السلام
فالحسين يريد منا ان ان نستحضر وجود الله في سرنا وعلانيتنا وان نعمل بانسانيتنا التي وهبها الله لنا لكي نبني قاعدة التعارف والاخوة الانسانية التي ارادها الله منا
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
والحسين يريد منا الولاء العملي وليس الولاء العاطفي الذي سرعان مايتبخر بقليل المحن
قلوبهم معك وسيوفهم عليك
فالذي يتحرك بهذا المنطلق العاطفي المجرد من دون وعي ايماني وسلوك عملي كما اراد الإمام الحسين عليه السلام منا ان نكون سوف يكون من الذين يساهمون في قتل الحسين ويكون من انصار مدرسة يزيد حتى وان كنا من الناحية العاطفية شيعة الحسين
ان الذي يحب الحسين الحب الحقيقي هو الذي يعيش الحسين فكرا وسلوكا واخلاقا وعبادة كما عاش الإمام الحسين لله لا ان يعيشه كما قال الفرزدق قلوبهم معك وسيوفهم عليك .فالذي يتحرك في احياء ذكرى الامام الحسين بعاطفة مجردة فارغة من المحتوى الايماني الهادف والسلوك الاسلامي العملي الذي سار عليه الامام الحسين واهل بيته واصحابه فهو يكون من الذين ساهموا في قتل الحسين عليه السلام
نسال الله تعالى ان يوفقنا لان نكون من انصار الحسين بسلوكنا واخلاقنا وعبادتنا وتمسكنا بالقران العظيم ومقارعة الظلم والظالمين وعدم الركون اليهم من اجل دنيا فانية زائلة يخسر من طلبها وينجى من تركها فالقريب من الظالمين يكون من الذين خسروا الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين والبعيد عنهم ربح الدنيا والاخرة في حفظ كرامته ودينه . فما دام هناك صراع دائم بين الحق والباطل بين خط الحسين وخط يزيد فسيكون في كل ارض كربلاء وفي كل يوم عاشوراء
فسلام على سيدنا ومولانا رسول الله واهل بيته الكرام
السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
حشرنا الله واياكم مع محمد وآل محمد