أظهرت لنا جلستي الاستجواب التي أقامها وقادها النائب شيروان الوائلي ضد أمين العاصمة الدكتور صابر العيساوي حقائق كثيرة في ذائقة التعامل في ميزان المهمة الوطنية فالمتتبع لهذه الجلسات سيكتشف بالملموس الطبيعة الخفية لدوافع المستجوب لمستجوبه، ومن الملامح تكتشف الخفي الذي يرسم صوره في أغراض الاستجواب وحماسه وهذا دليل على أن إمراضنا الشخصية والنفسية مازالت تتفوق على المصلحة الوطنية وتستطيع أن تكتشف هذا في ارتباك النائب الوائلي ومحاولته لجعل الأمر ليس وصولا إلى حقيقة يدعي انه يبحث عنها .بل أن الأمر أشبه بالهجوم على عدو … ولم يكن النائب الوائلي يمتلك أي ابتسامة في وجهه وكأنه له معه ثارا عمره آلاف السنين .فيما بقي العيساوي هادئا وثابتا بالرغم من انه يمر بوعكة صحية تلازمه من أيام وبدا واضحا عليه . والغريب إن المستندات التي قدمها العيساوي وفند فيها كلام النائب المستجوب إلا أن السيد شيروان الوائلي راح يكرر ذات المزاعم من أن الشركة المنفذة لمشروع قناة الجيش ليست هي شركة المقاولين العرب .لكن العيساوي يراهن بمنصبة وسمعته ويطلب من رئيس البرلمان مخاطبة وزارة الخارجية والسفارة المصرية عن حقيقية العقد . وبالرغم من هذا يعيد النائب شيروان الاسطوانة ثانية .
وبالكاد افهمَ السيد العيساوي مستجوبه الخطوات الفنية لتنفيذ المشروع وآلية السلف والضمان بالرغم أن النائب الوائلي وهو مهندس عسكري سابق وبدرجة عميد ومتمرس جيد في المقاولات كونه صاحب عدة مقاولات إنشائية وأهمها تلك التي أخذت على عاتقها تنظيف ونقل معدات وسكراب قاعدة الأمام علي الجوية عام 2003 بعد الاحتلال الأمريكي لها .ولكنه لايميز بين خطاب ضمان العطاء عن خطاب ضمان السلفه التشغيليه
وفي هذا الأمر وأمور أخرى تخص النائب الوائلي هناك سجال ووثائق لسنا بصددها هنا .بل نحن بصدد جلسة ماراثونية بدت فيها رهانات السيد الوائلي خاسرة جدا عندما كان استطلاع الشارع العراقي وخصوصا البغدادي متحمسا جدا لمتابعة هذا الاستجواب على الهواء مباشرة .
وربما يكتشف المشاهد تماما إن الأمر قد اسقط حتى من يد رئيس البرلمان الذي تقول بعض التسريبات انه هو من دفع السيد شيروان الوائلي لإقامة هذا الاستجواب لخلق شرخ في الجبهة الشيعية وللهاء الرأي العام عن مشروع تقسيم العراق الذي يقوده النجيفي في العلن والخفاء من خلال دعمه للقرارات المتسرعة بإعلان الأقاليم في المناطق ذات الأغلبية السنية.
الاستطلاع الاولي في الشارع العراقي اظهر ميلا وقناعة كبيرة لأجوبة السيد العيساوي لان الرجل كان يدحض أسئلة مستجوبه بالأرقام والدلائل والوثائق وكما بان من مجريات النقاش فأن أي شائبة لم تمس أمين العاصمة في إجراءاته ولم يتجرأ النائب المستجوب ليتهمه بشكل مباشر وشخصي لعلمه بضبابية كل اتهاماته وإنها في اغلبها تقوم على الاستنتاج والتصور مما كان الرد عليها سهل جدا .وليضع النائب الوائلي نفسه في حرج كما يتصور الناس وذكروه في متابعتهم للاستجواب بالرغم من انه اعتبر مشروعي طريق المطار وقناة الجيش أقوى أسئلته…!
البرلمانيون أيضا في معظم اللقاءات واستبيان الرأي ابدوا قناعة واضحة في إجابات السيد صابر العيساوي واعتقد إن أي مشروع سحب ثقة من الأمين سيكون ضعيفا لاسيما أن مجمل الائتلاف الوطني راض تماما عند أداء الأمين العاصمة وحتى قبل نية النائب شيروان الوائلي باستجوابه.
أظهر لنا الاستجواب حقائق عديدة وقناعات ونتائج ينبغي أن تلفت إليها الحكومة جيدا هو إن لا تترك موظفيها الجيدين في حومة الميدان وحدهم يجابهون الضغائن والمطامع والتنافس والذين يريدون استغلال تخويل الشعب للحصول على المنافع الشخصية لهم ولشركاتهم ولشركائهم .وربما في جعبة أمين العاصمة الكثير من المفاجآت التي ستقلب الطاولة على بعض الذين لم يرضيهم أداء أمين العاصمة بسبب ما أعلنه هو انه لم ينفذ رغباتهم في الحصول على امتيازات وقطع أراض على دجلة وغير ذلك وخصوصا برلماني الدورة السابقة………
في النهاية .علينا أن نقول كان العيساوي بطلا في إجاباته فيما ضعفت دفاعات النائب المستجوب الذي عليه أن يعيد حساباته ليمد يد العون للامين ويمضيا معا في بماء بغداد أجمل…