يبدو أن النزعة ( المليشياوية ) التي تجتاح العراق منذ سقوط النظام السابق الى حد هذه اللحظة أذابت داخل كأسها دبلوماسية الحوار والتصريح العراقية ، وهو ما تجسد من خلال حامل حقيبة خارجية العراق ، الذي أوضح في اجتماع عربي تحت قبة الجامعة العربية مؤخراً من خلال دفاعه عن بعض المليشيات ، أن تلك المجاميع المسلحة خط أحمر.
إبراهيم الجعفري ، وزير خارجية العراق ، دافع عن بعض المليشيات التي تسببت بـ ( كوارث ) إنسانية ، بحسب ما أكدته وثائق وتقارير محلية وعربية وعالمية ، بعضها مصور، كذلك ما ينقله مراسلو بعض القنوات التلفزيونية المحلية والعالمية من معاناة يومية وخروقات إنسانية ، وعمليات اغتيال وقتل وتسليب وسرقات وتجاوزات على المواطنين ، تشهدها مدن العراق ، من قبل عناصر المليشيات ، إنما تأكيد على أن من يدير الحكم في العراق هم قادة المليشيات .
تاريخ المليشيات تلك حافل بجرائم فضيعة ضد جميع أبناء الشعب العراقي وخصوصاً من إبناء السنة الذين يسكنون المناطق الغربية من العراق والذين لم تتلطخ ايديهم بمصافحة داعش ، وهذا ما أكده بتريوس ، الذي قاد الجيش الأمريكي في العراق ، في مقابلة مع صحيفة ( واشنطن بوست ) ، أنه رغم الدور الذي تلعبه في دحر داعش خارج العراق ، لكنها متهمة بارتكاب جرائم حرب ، بقتل المدنيين السنة وليس ( داعش ) فحسب ، مضيفا:( على قدر ما لعبوا دورا في خلاص العراق لكنهم أيضا التهديد الأكبر لكافة الجهود الرامية إلى جعل سنة العراق جزءاً من الحل في العراق وليس عاملا للفشل ) وحذر بتريوس من تنامي نفوذ هذه المليشيات المدعومة إيرانيا بحيث تصبح الحكومة العراقية عاجزة عن احتوائها على المدى البعيد ، قد تبرز هذه المليشيات الشيعية المدعومة من إيران كقوة مؤثرة في البلاد، وتخرج عن سيطرة الحكومة وتدين بالولاء لطهران على حد قوله ، وهذا ماهو حاصل الان أيضاً لمن يتتبع مسار تلك المليشيات ، يجد أن إيران تقف وراء تكوينها ونشأتها؛ لتسيطر من خلالها على العراق الذي طالما اعتبرته جزءاً من أراضي الإمبراطورية الفارسية. وبالرغم من وصول عدد المليشيات في العراق إلى نحو 53 مليشيا مسلحة ، بعضها تملك نفوذاً واسعاً، فإن الأبرز من بينها ( فيلق بدروحزب الله و عصائب أهل الحق و سرايا السلام ) وتعترف صراحتاً بأنها تتمتع بقدرات مالية وبشرية كبيرة ، وتتلقى معضمها دعماً إيرانيا ، مالياً وعسكريا . كما إن بعض المراقبين يرون أن المشهد العراقي حين يقرأ من زاوية الشارع العراقي ، يتوضح الرفض الشعبي التام للحكومة وجميع الأحزاب التي تشكلها، وهو ما تؤكده التظاهرات التي تنطلق باستمرار في مختلف مدن العراق. وحين ينظر إليه من ناحية الإدارة الحكومية، يتوضح أن المليشيات هي من تقود الحكم في العراق ، وهذا ينذر بخطر كبير على امن واستقرار البلاد خصوصاً ونحن نعلم ان الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل هذه المليشيات حيث قاموا بدمج ضباط عديمي الخبرة والكفاءة على حساب ضباط اكفاء مما اضعف هذه الأجهزة من ناحية ، ومن ناحية اخرى جعل القرارات المهمة التي تنبع من صلب هذه المؤسسات بأيدي غير امينة وغير نظيفة .