مَن منا لم يرَ صورة (لأينشتاين) ؟ ذلك الرجل بملامحه الشرقية وبشعره الأشعث والشاربين الكثين ، لكن في هذا الرأس ما هو أبعد بكثير عن مظهره المتواضع ، أنه دماغ يُقال عنه انه أعظم ما انجبه الوعي البشري ، لقد نسف علم الفيزياء بشكل أعنف من قنبلته الذرية ، بمعادلته المشهورة (E=mc²) ، لقد خالف كل قوانين الفيزياء الكلاسيكية ، والتي كان عرابها العالم العظيم (نيوتن) ، بل على الأقل اعتبرها غير دقيقة ، فلا توجد في أعرافه الخطوط المستقيمة ، وأن كل شيء منحنٍ !.
هكذا تحول ذلك الموظف المتواضع في مكتب براءات الأختراع في مدينة (بيرن) السويسرية عام 1903، الى عالِم هز العالَم وغيّر مفهومنا لعلم الفيزياء الى الأبد .
كان الرجل في احدى جولاته اليومية يركب (الترام) واقفا ووجهه للخلف ، ناظرا من النافذة الخلفية الى برج فيه ساعة كبيرة ، و(الترام) يبتعد عنها ، هنا بدأ (التفاعل المتسلسل Chain Reaction) لتشغيل قنبلة هذا الرجل العقلية ، فأفترض ان صورة هذه الساعة وهي تشير الى الثانية عشرة ظهرا ، تنتقل الى عينيه بسرعة الضوء ، فماذا سيحصل اذا ابتعد عنها بسرعة الضوء أيضا ؟! ، عندها سيلازم صورة الساعة ولا يفارقها ، لأنه بنفس سرعتها ، وسيراها ساكنة بعقارب لا تتحرك لأنها صورة ساكنة ، وستتوقف عند الساعة 12 ، أي انك ستكون خالدا !، اي ان الزمن سيتوقف طالما هو يتحرك بسرعة الضوء ! ، وهذا التفكير يبدو افتراضيا وغير معقول ، لكنه من الناحية النظرية صحيحا يفهمه جيدا افيزيائيون الأكاديميون !.
ولكن ماذا سيحدث اذا تحرك اسرع من الضوء ؟ ، لا شك انه (سيلحق) بالصور السابقة زمنيا للساعة ، أي قبل ان تشير الى الثانية عشرة ! ، اي انه بحركته الأسرع من الضوء سيرى عقارب الساعة تتحرك بالعكس ، أي سيكون الزمن سالبا ، وستعود الى الماضي !.
هكذا جعل الرجل من الزمن بعدا رابعا اضافة للأبعاد (المكانية) الثلاثة ، الطول والعرض والأرتفاع ، التفسير البسيط أنك اذا اردت اعطاء عنوانك الدقيق لصديق تدعوه لشقتك ، فلا بد من أعطائه بعدين (المستوى الأفقي) ، والبعد الثالث (الطابق) ، والموعد (الزمن) للقاء ، هكذا جعل الزمن مرتبط بالمكان ولا يمكن فصلهما ، وهو أول من أطلق على هذه الظاهرة (الزمكان Timespace) ، فقبل الأنفجار العظيم (Big Bang) ما كان هنالك سوى العدم واللامكان ، وعليه لن يكن الزمن وجودا ، وأن كل الموجودات المادية محاطة بنسيج كالقماش بخيوط افقية (المكان) ، وعمودية (الزمان) ، وانها قابلة للأنبعاج عند وجود كتلة ثقيلة ، كالأرض ، فلو تصورنا ان نسيج (الزمكان) ، هو جهاز (ترامبولين) ، وأن الأرض (كرة بولنغ) ، ووضعناها فوق نسيج (الترامبولين) ، فلا بد انها ستتمركز فيه وسيتحول نسيج الترامبولين من الشكل المستوي الى المنبعج بسبب ثقل الكرة ، ولو أطلقنا من جانب الترامبولين ، كرة معدنية أصغر بكثير من كرة (البولنغ) ، فستراها تدور بسبب مخروط الأنبعاج حول كرة (البولنغ) عدة دورات حتى تستقر قربها ، هكذا فسر قانون الجاذبية وحركة الأجرام وتوابعها حول الشمس ، بعد أن عجز كل علماء الفيزياء عن اعطاء تأويل معقول للفيزيائيين ، ان الفضل يعود الى نسيج (الزمكان) هذا !.