( تعددت الازمات و العراق واحد ) هذا هو الشعار الذي بدأ المواطن العراقي يؤمن به زاجا اياه في قائمة الشعارات و الامثال التي تداخلت مع حياته بصورة مباشرة يستفيد منها و يفيد بها اخوانه المواطنين وقت الحاجة .
لم تعد لفظة ( أزمة ) غريبة على مسامع العراقيين لأنها لازمتهم فمرة تظهر ( ازمة غاز ) و مرة ( ازمة كهرباء ) و مرة ( ازمة بنزين ) و ازمات كثيرة لا يسعنا ذكرها . برغم هذه الازمات بقي المواطن العراقي صابرا محتسبا ينتظر الفرج من رب كريم لا ينسى عبده مهما قست الظروف و حمد الله الف مرة لكونه باقيا على قيد الحياة و لم تمسه شظايا الحرب التي مزقت الكثيرين ماديا و معنويا .
من المؤكد ان في العراق ازمة أخرى وصلت سن البلوغ ( الأزموي ) الا و هي ازمة المسؤولية التي اطفأت شمعتها الثامنة قبل عدة شهور و هي الآن على ابواب اطفاء شمعتها التاسعة التي تظل مشتعلة عاما كاملا حتى تنطفئ في عامها الجديد .
راح المواطن يطلق شتى الاتهامات في اختلاق هذه الأزمة المرعبة في الوقت الذي يرفل به العراق بـ ( حكومة منتخبة ) أمل من انتخابها ان تكون صوته الذي كممته بعض الأنظمة السابقة التي ابادها التاريخ على بكرة ابيها حيث بدأ الشعب يتنفس الصعداء عنتدما حل التغيير في 9 / 4 / 2003 .
أزمة الأمن ايضا طفت على السطح بعد التاريخ المذكور بصورة رهيبة افقدت العراقيين اعز احبابهم و حلت محل الحروب التي مر بها العراق خلال العقود السابقة لتزيد من همومهم و آلامهم و استبشروا خيرا حينما بدأ الجيش العراقي يثبت وجوده في الشارع العراقي بعد سنوات من الوجود الامريكي المطلق في شوارع العراق و ظنوا بأن الجندي العراقي هو ابن البيئة الذي يذود عن حياض وطنه مضحيا بكل شيء بعد ان تقدم طوعيا و دون اي اجبار للدخول في الجيش العراقي ناهيك عن الدوافع التي جعلته يدخل الجيش غير انه اقسم قسما امام الله و امام قادته يؤدي واجبه على اتم وجه مهما كانت الظروف بحلوها و مرها غير ان هذا الواقع الوردي لم يحصل الا على نسبة ضئيلة من الاستجابة فالحق يقال بأن الحكومة تعمل جاهدة من اجل ترسيخ هذا الواقع المثالي في نفوس الجنود الذين تعدد مشاربهم بين الجيد و الرديء و جعلتهم الدولة ظلهم على ارض الوطن يمثلونها غير ان بعض المسيئين من افراد القوات الأمنية بدؤوا يشوهون تلك الصورة المثالية للخدمة العسكرية متناسين انهم امام مسؤولية عظيمة يجب عليهم ادراك معطياتها و مردوداتها على الحكومة و المواطن .
سمعت من احد سواق الأجرة أمراً حز في نفسي و آلمني لم يسمح لي شعوري بالمواطنة باخفائه و تعريف الدولة به لانه مثل مرض السرطان ينتشر بسرعة و دون رحمة و سأرويه لك عزيزي القارئ و لك الحكم :
تحدث السيد ( ابو حيدر ) و هو سائق سيارة اجرة عن مجموعة من الشباب اقلها يوما ما الى احدى مناطق بغداد البعيدة و يقول بأنه شعر بالريبة منهم و شك بأنهم قد وضعوا قنبلة في سيارته فلم يكن منه الا التوجه الى احدى نقاط التفتيش القريبة و روى للجندي ما جال في خاطره و سأله ان يفتشه .
مرر الجندي جهاز ( السونار ) على سيارته و اشار الى وجود شيء مريب في سيارته برأيكم ماذا كان تصرف الجندي ؟ .
هل تعلمون بأنه قال بالحرف الواحد : ( روح خل يساعدوك بغير مكان شنو انت تريد تفجرنه ) .
لماذا لم يشعر هذا الجندي بالمسؤولية تجاه هذا المواطن الذي اراده عونا و لم يرده فرعونا ؟ .
لماذا يخدم هكذا عنصر مسيء في الجيش العراقي الذي عرف بكفاءة قادته و المشرفين عليه .
للأسف ان مثل هكذا عنصر يفقد الثقة بين المواطن و الحكومة التي برغم تقدمها البطيء الذي يعده المواطن تقدما كبيرا يعقد عليه آماله في عراق متطور ينهض به من اختارهم ليمثلونه .
بينما وجد ابو حيدر في الوقت نفسه عنصرا آخر في نقطة تفتيش اخرى جديرا بما كلفه به حيث قام بتفتيش السيارة على اتم وجه و لم يجد فيها سوى ( بطل زاهي ) و اطمأن ابو حيدر بعد ذلك ليقول ( الحمد لله لسه الدنيا بخير ) .
فيا اخواني المسؤولين لا تسمحوا لهكذا عناصر بان تشوه صورة الجيش العراقي بأي شكل من الاشكال و تأكدوا بأنكم كلما اكتشفتم مثل هكذا حالات فإنكم ستدقون مسمارا في نعش الخراب و الدمار و تقومون بالمقابل بوضع لبنات اضافية في جدار العراق الذي سيصبح منيعا بشعور كل من يسكن خلفه بالمسؤولية تجاه وطنه.