مع نمو التجارة ازدادت حاجة البشر الى واسطة لنقل البضائع من مكان لاخر وكان من الطبيعي ان تكون الحيوانات ” الحمار والجمل والحصان ” خير وسيلة لنقل تلك البضائع ومن ثم تطورت وسائط النقل باستخدام عصي مربوطة على ظهر الدابة وطرفاها في الارض لوضع البضائع وجرها للتخفيف عن الجهد الذي تبذله الدابة في نقل البضائع ومن ثم تطورت الى صناعة العجلة ويقال ان اول من استخدمها هم السومريون في الالف الرابعة قبل الميلاد وانتقلت بعدها الى الامبراطوريات الرومانية والصينية ..
وخلاصة القول فان العراق كان السباق في تطوير وسائط النقل في زمن لايشبه زمننا زمن ازدهرت فيه الحضارة العربية فاغنت العالم بالعلم والمعرفة وانصهرت في بودقتها جوانب مشرقة من حضارات الشعوب .. ومع تقادم الزمن وتطور العلوم ومن ضمنها الصناعات الميكانيكية والكهربائية وتسخيرها لخدمة ورفاهية البشر تطورت وتنوعت وسائط النقل من العربات التي تجرها الدواب الى السيارات الفارهة وحافلات نقل الركاب الحديثة المزودة باحدث التقنية التي تسهم في راحة المواطنين وتأمين سلامتهم من الاخطار الى عربات السكك الحديدية ” القطارات ” السريعة وفي نفس الوقت تطورت وسائط النقل البحري من ” سفن وبواخر وغواصات ” حيث استطاعت تطويع مياه البحار والمحيطات وتسخيرها لخدمة البشرية ومثلما تطورت وسائط النقل البحري تطورت وسائط النقل الجوي باستخدام الطائرات الحديثة حتى بات العالم في سباق مع الزمن لايجاد الوسائل الكفيلة لتوفير نقل آمن ومريح وسريع للمواطنين في ترحالهم وتسفارهم .. ودخل سباق تطوير وسائط النقل عالم المنافسة لتصنيع كل ماهو جديد ومتطور.. الا اننا مع الاسف لم نجارِي هذا التقدم فلم نرَ وعلى مدى عقود من الزمن حصول اي تقدم في اي واسطة من وسائط النقل في عراقنا الذي سبق العالم في هذا المجال.. فما زالت العربات التي تجرها الدواب منتشرة في بلادنا انتشارا ملفتا للنظر ليس في مدن العراق فحسب لا بل حتى في العاصمة بغداد .. وما زالت حافلات نقل المسافرين بين المحافظات حافلات بائسة قديمة عفى عليها الزمن .. حتى وسائط نقل السكك الحديدية ” القطارات ” مازالت قديمة ومتخلفة ومسار انطلاقها محدد من مدينة بغداد الى مدينة البصرة وبالعكس بعد ان كانت في عهد النظام الملكي ” قطارات ” تجاري التطور الحاصل في دول العالم ومساراتها تصل الى سوريا وتركيا .. اما الخطوط الجوية العراقية ” الطائرات ” فالحديث عنها طويل فقد كان العراق يمتلك اسطول كبير من الطائرات الحديثة والمتطورة والطيارين الاكفاء حتى يقال ان المواطن الخليجي الذي كان لايمتلك واسطة للنقل الجوي في بلاده يضطر للتنقل عبر الطريق البري قاصدا العراق للاستفادة من خدمات الطائرات ” العراقية في التنقل بين الدول .. والحديث طويل عن هذا القطاع الذي بات حاليا مرهونا بشركات النقل الدولية التي يستعان بها لنقل المسافرين العراقيين .. ونعود مرة اخرى الى النقل البري فقد شهد هذا القطاع اهمالا على مدى عقود من الزمن رغم انه من اهم القطاعات التي يرتبط تطورها بحاجة المواطن لتوفير وسيلة نقل مريحة وغير باهضة التكاليف اسوة بما معمول به في كل دول العالم .. ولنأخذ تركيا مثلا الدولة الجارة للعراق حيث تنظم عمليات النقل البري والبحري للمواطنين بموجب بطاقة ذكية محدودة الثمن وهو اجراء يخدم المواطن ويقضي على جشع اصحاب النقل الاهلي .. ووسائط النقل في تركيا تجاري التطور الحاصل في العالم الى الحد الذي تجعل المواطن حر الاختيار بين التنقل عبر شبكة المواصلات النهرية من البواخر والسفن اوعبر
الحافلات او القطارات البرية او عبر شبكات النقل تحت الارض ” المترو ” حتى في ايران فقد وصلت هذه الدولة الى مراحل متقدمة في عمليات النقل حيث تم تشييد وبفترة قياسية شبكة للمترو تحت الارض بعمق سبعين مترا مكونه من ثلاثة طوابق يسير في كل منها ” مترو ” متطور عبر شبكة تصل الى اغلب المناطق المحيطة بالعاصمة طهران .. اما المترو العراقي الذي طالما تكلم عنه المسؤولون فبات حلما مفقودا فقد شبعنا حتى انتخمنا من تصريحات المسؤولين من اصحاب المناصب كلاما ” مايلبس عليه ثوب ” وكلها امنيات مؤجلة تبدأ بالكلمات الشائعة في لغة الصحافة .. تم الاتفاق على تنفيذ شبكة مترو .. وجرى وضع التصاميم .. واتفق الجانب مع الجانب ؟؟؟؟ على انشاء .. ووقع العراق مع شركة ؟؟؟؟ ووو” وكلها كلمات لفظية مجازية ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة حتى بات المواطن من كثرة ماسمع ويسمع قد اصابه الغثيان وبدورنا نقول للمسؤول الحكومي ” دخانك عمانه وطبيخك ما جانه ”