17 نوفمبر، 2024 8:37 م
Search
Close this search box.

انتخابات العباد في ديمقراطية البلاد ..!

انتخابات العباد في ديمقراطية البلاد ..!

تعد الانتخابات في البلدان الديمقراطية واحدة من أهم الفعاليات التي يعول عليها الشعب لإحداث متغيرات كبرى في حياته ، فانتقال السلطة من الحزب الجمهوري إلى الديمقراطي في أمريكا أو صعود المحافظين وهبوط العمال في بريطانيا له دلالات كبيرة في حياة المجتمع والأفراد ، لان تغيير الوجوه يصاحبه تغيير في السياسات المرتبطة بحياة الوطن والمواطن .
هذا ما يحدث في البلدان المتمدنة التي عرفت الحرية منذ قرون ، اما في البلدان التي مازالت في مرحلة الانتقال للديمقراطية وفي ظل بيئة معروفة الأبعاد مثل العراق فأن المرء يتابع المشهد الانتخابي فيرى إن الوجوه ان تبدلت وان استمرت في مواقعها لا يحدث إي تغيير يذكر في حياة المواطن العراقي .
ان الديمقراطية في هذه البلدان لعبة والرابح الوحيد فيها المرشح ، الذي يحاول وبكل شراهة ان يكتسح كل ما في طريقه ، وأكدت لنا التجربة ان هذا الاكتساح ليس تأكيدا لعقيدة أو تحقيقا لرسالة وإنما المطلوب ان يلمع المرشح صورته وينفخ كرشه ويراكم ثروته ويغالي في تطرفه المذهبي والعشائري ، لان العشيرة وأبناء المذهب هم الذين يرشحونه ويلمعون صورته ، ولكن عند توزيع الغنائم يأخذ حصة الأسد والأخوة والحبايب والأقارب حصة الغزال والمنافقين من ( اللوكية ) و المستشارين ( والإعلاميين ) حصة الأرانب .
وهذه الشلل تساند المرشح وهو في البرلمان وتنسق أموره وهو في الوزارة أو بالسفارة ، حيث يتولون عمليات ترتيب الصفقات والعقود وتهيئة الليالي الحمراء في المنطقة الخضراء أو في فنادق النجوم الخمسة في بلدان العالم التي يسافرون إليها بدولارات الناخبين وعامة المواطنين . ويبدو ان شلة الحفاة والنصابين سياسيا قد أجادوا لعبة الانتخابات ووجدوها ( دسمة ) تستحق الركض واللهاث لأنها تنقلهم من الشوارع إلى المواقع وتلبسهم البدلات الأنيقة والجبب المعطرة ، بعد ان كان البعض منهم لا يستبدل ملابسه الداخلية إلا في المناسبات الكبرى والأحداث الجسيمة .
ان هؤلاء ومعهم شلة من الحريم ما كانوا يحلمون بكل هذا الثراء لولا بركة القوائم الانتخابية واللعبة الديمقراطية وهذا الأمر ممتع وشيق لاسيما ان الإخوة والأخوات حصدوا هذه المكاسب وهم لم يبذروا حقلا ولم يحصدوا زرعا ، فليس منهم من عارض صدام أو اعتقله وطبان ، بل كانوا ربما من المقربين إليهم والمعتمدين في كتابة التقارير ضد جيرانهم المتهمين بالمعارضة ومعاداة القائد الضرورة .
سبحان مغير الأحوال الذي حول الرفاق البعثيين إلى أناس وطنيين ينتشرون في الأحزاب والكتل السياسية ، واغلبهم غنوا لصدام ومشوا وراء برزان إلا ما ندر ومن هذه الندرة كوكبة الشهداء التي لم تقبض أسرهم دولارا أو منصبا أو وظيفة تعوضهم حرمان السنين .
ان الديمقراطية العراقية أصبحت مزادا يفوز فيه أصحاب الصوت العالي والذين يورقون في الليالي وينافقون ويتمسحون بهذا وذاك ويرمون المبادئ والقيم في سلة المهملات ويخدعون بسطاء الناس للحصول على أصواتهم باسم علي أو عمر وبأسماء أخرى مثل العربي والكردي والتركماني والكلدو آشوري .
وهذه الأقوام والطوائف لم تقبض منذ أكثر من 13 سنة عجاف من هذه الشلل الانتخابية إلا الشعارات والتصريحات الفارغة والدليل على ما نقول ان حياة هؤلاء تغيرت بدرجة كبيرة وانتقلوا من القطاعات البائسة إلى القصور الفخمة ، وأصبحوا بين ليلة وضحاها في المنطقة الخضراء ، وراحوا يتبخترون بين باريس وفينا ، والناس تعرف حقائقهم ووقائعهم وكيف كانوا وأين أصبحوا الآن .
باختصار ان العراقيين كفروا بهذه الديمقراطية التي تشابه عندهم الدكتاتورية حيث تهيمن فئة قليلة وتعبث وتسرق المال العام ويحرم الملايين من العراقيين الشرفاء ، وان التغيير كان في الوجوه والأسماء لا بالأفعال ، فاحذروا من المفسدين الجدد أنهم قادمون .
[email protected]

أحدث المقالات