19 ديسمبر، 2024 12:27 ص

النجيفي والأجتماع الرباعي

النجيفي والأجتماع الرباعي

تمثل دعوة الأخ أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب لعقد أجتماع قمة تجمع كل من ايران وتركيا والسعودية والعراق ، خطوة استباقية لتخفيض حدة التوتر والتجاذب فيما بين دول المحيط الاقليمي للعراق خصوصا وان المنطقة تعيش صراعات متنوعة يخشى ان تتصاعد اكثر او تتصادم بعيد الانسحاب الاميركي من العراق وتترك اسقاطات سلبية على الوضع العراقي المهدد بالأرهاب والاستقطاب الطائفي والصراعات الاثينية والقومية التي تجري على حدوده الشمالية ، ناهيك عن التأثيرات التي صار يدفع بها الربيع العربي لتهدد الجوار العراقي بتغيرات سياسية لايمكن التكهن بعواقبها ونتائج تلك التصعيدات فيما لو افضت الى حروب في أطار من محاور تلتقي عندها بعض الدول الاقليمية.
دعوة النجيفي كان يمكن لها ان تجمع فرقاء العملية السياسية على مبادئ توحد القرار العراقي وتصفي اجوائه الداخلية وتثبيت حقائق التهديد الخارجي الذي سيضر بالعراقيين جميعا لو تورطوا بنزاعات اقليمية يندفعوا لها لهذا السبب او ذاك ، كما تلزم هذه الدول الكبيرة بعدم التعرض او الاعتداء على العراق او استخدام أرضه او أجوائه ومياهه في النزاعات العسكرية لو حصلت بمعنى ان ينأى العراق عن اي تورط مستقبلي في صراعات لن يجني منها سوى الخراب والدمار في وقت يشكو من عدم اكتمال عدد و عديد قواته المسلحة بصنوفها الدفاعية المعروفة ، هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى يمكن أن تنبثق معاهدة تلزم الاطراف بعدم التدخل في الصراعات الحربية او الاندماج او التشارك مع الدول العظمى في حالة دخولها بحرب ضد ايران او سواها من دول المنطقة المذكورة ، والتزام هذه الاطراف مع بعضها في أطفاء الشحن الطائفي و الحرب الاعلامية التي مافتئ يرتفع أوارها بين الحين والآخر وبما يعلن حالات انذار وأرباك اقتصادي واجتماعي وعدم استقرار في مشاريع البناء والتنمية .
الدعوة جاءت في وقت حسبها المراقبون انها ستلقى قبولا وتأييدا كبيرين خصوصا من الجانب العراقي والعربي لانه سيكون الطرف الاكثر استثمارا لهذه المعاهدة ان حدث تطور سلبي واشتعلت المنطقة بحروب متنوعة ..! لكن الغريب ان ترفض وينطفئ الحديث بها من قبل الأحزاب والتيارات السياسية العراقية ، وهذا يعني ان قوة الجذب والتأثير الخارجي للقوى السياسية في الداخل العراقي ، اكبر من قدرتها على انتاج موقف وطني تتقاسم فيه المواقف مجموعة الاحزاب الحاكمة في البلاد او المشاركة في العملية السياسية ، ومن هنا فأن الخاسر الاكبر من ضياع هذه المبادرة سيكون العراق الذي صارت التصريحات تتضارب بين كبار قادته السياسيين فيما يخص القوات المسلحة وجهوزيتها بعد الانسحاب الاميركي بعد شهر من الآن ..!
عدم اكتراث دول الجوار العراقي بمثل هكذا معاهدات او التزامات هو الآخر يعكس حالة من التطلع بالهيمنة على العراق واخضاعه لارادة هذا الطرف و ذاك ،او ربما تقاسم العراق من قبل الجارتين ايران وتركيا اللتان عرفتا بتدخلهما وطموحهما في العراق وخوض دور استعادي للهيمنة التاريخية والاستحواذ كما كان يحصل قبل مائة عام واكثر حين كانت الامبراطوريتين العثمانية والساسانية تهيمنان على العراق في ظل الدولة العراقية الضعيفة و المفككة وهو ماتسعى لانتاجه الآن بعض الأجندات العاملة لصالح هذه الدول ، ولعل بعض الدعوات لاقامة الأقاليم تشكل تمهيدا او قواعد مقبولة للتشتت والتقسيم وكذلك الاستقواء بالآخر على الآخر الشقيق او الوطني ..!
الظرف التاريخي للعراق صعب جدا خصوصا بعد الانسحاب المتخاذل للاميركان من العراق وقيامهم بتدميره دون المشاركة ببنائه بل تركوه ضعيفا مهلهلا ينخر به الفساد المالي والاداري وهشاشة الوضع الامني والصراعات الداخلية وغيرها من الأزمات الوجودية التي تدعو العراقيون وبألحاح شديد الى تلقف اية دعوة ترسم خلاصا لوطنهم وتبعدهم عن جادة الصراعات والحروب والاستقطابات الاقليمية التي تهدد البلاد اليوم وغدا .