23 ديسمبر، 2024 2:52 م

اتحزم للواوي بحزام السبع

اتحزم للواوي بحزام السبع

من سوء حظ الشعب العراقي انه كان معزولا عن ممارسة مهامه السياسية طيلة عقود من الزمن وما ان فتحت له ابواب الامل بعد سقوط النظام الملكي وقيام  النظام الجمهوري  في الرابع عشر من تموز عام 1958 حتى تربع على العرش الزعيم عبد الكريم قاسم ورغم بساطة ونزاهة هذا الزعيم الذي اطلق عليه الشعب ” الزعيم الاوحد ”  الا انه  وجد نفسه مرغما ان يكون دكتاتورا لقيادة شعب نظر  الى الزعيم  نظرة الاله المخلص فهو رجل المنجزات المتحققه وصمام الامان الذي يحميهم من الاستعمار والاقطاع والرجعية  فبدأوا يصنعون له مجدا  والدعاء له بالعمر المديد والعقل الرشيد والصحة والتوفيق .. حتى وصل بهم الامر الى حمل سيارته والهتاف  بحياته  فبات هذا الحاكم  يشعر وبقرارة نفسه انه القائد الاوحد حتى خطاباته  لم تخلُ من كلمات   تمجد شخصيته  حيث كثيرا ما كان يردد كلمة الانا .. ” انني انني انني انني ”  وهي  الكلمة الطاغية في اغلب خطاباته مما ولد احساس لدى المتلقي المتنور ان هذا الزعيم الاوحد بات دكتاتورا .. 
من هنا بدأ الشعب ينظر الى الحاكم على انه الاله المنزل من السماء وعمت هذه  الظاهرة حتى بعد مقتل الزعيم قاسم ووصول حكام جدد اعتبر الشعب المستسلم البعض منهم ومن ضمنهم صدام الرجل  المنقذ وحامي الحمى وصانع النصر والمنصور بالله   هو صمام  الامان الذي يحميهم ويحقق احلامهم حتى من الاعداء الخارجيين .. فبدأ الشعب المغلوب على امره يصنع له خطب التمجيد والشكر والدعاء له بالعمر المديد والعقل الرشيد والصحة الوافرة والتوفيق الدائم لانه هو ومن بعده الطوفان فلا احد خير منه ولا احد يعرف ما يعرفه هو..  فوضعوا صوره في كل مكان في الازقة والشوارع والمؤسسات .. اذن جبن الشعب وميله الى الركون والانزواء الى الراحة وطلب الامان على المجاهرة بالحق  هو من يصنع الدكتاتور فيسخر  اعوانه الإعلام لوصفه بالفخامة والعظمة وأنه الراعي والحامي والضامن بتوجيهاته السامية فهو النابغة والعلامة والمبدع والملهم والعبقري الذي يفهم في التعليم والسياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق والأمن كل شيء كل شيء  .. وقد شخص القاضي عبد الله العامري الذي حاكم  صدام حسين  بعد القاء القبض عليه الحالة عندما قال لصدام  ” انت لست دكتاتور وان الشعب هو الذي خلق منك دكتاتور”  ولكن يبدوا ان هذا الكلام الذي نطق به القاضي العامري  لم يرق  للسلطات العراقية الحاكمة  فاعفته   من منصبه .. وما ينطبق على صدام حسين ينطبق على غيره من السياسيين العراقيين من اللذين استلموا القيادة السياسية في العراق بعد عام 2003  فقد استخدم هؤلاء الالية الديمقراطية للوصول الى الحكم عبر صناديق الانتخات باجتذاب اصوات الناخبين ببرامج براقة طموحة او مخاطبة عواطفهم القومية والدينية والوطنية للوصول الى الحكم ثم الانقلاب على الديمقراطية باسقاط القوانين والدساتير والمؤسسات الرقابية  والتشريعية والقضائية او السيطرة عليها والتحول الى حكم دكتاتوري مطلق لفرد او حزب او جماعة تلغي غيرها وتقضي على معارضيها .. 
ورغم تجارب الماضي المريرة الا ان  الفرصة ما زالت مواتية  لخوض تجربة الانتخابات النيابية القادمة  بوعي وقوة ادراك لاختيار النائب الافضل والاكثر قدرة على خدمة  ابناء شعبه  وتحديد الصالح  من الطالح من المرشحين وعليه  المطلوب من الناخب تمييز الخبيث من الطيب من بين الاف المرشحين الذين لايكاد يعرف عنهم الا صورهم التي ستنهال  تعليقا على جدران البنايات فتنال منها تشويها  .. وقد كانت الانتخابات البرلمانية  الماضية  فرصة لاختيار الافضل والاكفأ  لصياغة القوانين والضوابط والقوالب الابداعية الكفيلة بصناعة هوية البلاد وبناء هيكلها الصلب من خلال رؤية ادارية دستورية واعية يمكنها بث الحياة من جديد في جسد الامة العراقية التي انهكتها الحروب والسياسات الاجرامية  لكن هذه الفرصة ضيعها الناخب بجهله  عن  استقراء المستقبل .. ولنتذكر جميعنا ان الامم التي لاتتعلم من دروس الماضي سوف تقضي على اي فرصة لها للنهوض والتقدم وستبقى دائما اسيرة للتخلف والخذلان .. وبدورنا نقول للناخب وهو يستعد لانتخاب من يمثله في مجلس النواب القادم .. اتحزم للواوي بحزام السبع .