على مدى السنوات الست الماضية ترأس التحالف الوطني الذي تشكل ككتلة أكبر داخل البرلمان بعد إنتخابات عام 2010 حكيم هو الطبيب إبراهيم الجعفري. وبعد نحو سنتين من الخلافات الحادة متعددة الجوانب والأطراف والتوجهات بمن في ذلك “التنازع” على رئاسته بين طرفين داخل التحالف وهما دولة القانون ومرشحها الدكتور علي الاديب والمجلس الأعلى ومرشحه السيد عمار الحكيم إنتهت الأمور لصالح الحكيم عبر إتقاق بدا توافقيا وبولادة شبه قيصرية عبر ما إتفق عليه بالرئاسة الدورية.
بين الحكيمين الجعفري الطبيب خريج كلية طب الموصل والحكيم رجل الدين وسليل العائلة الدينية الأشهر ربما في العراق من بين بيوتات المراجع ورجال الدين السياسيين فروقات عديدة لا مجال للتطرق اليها. السيد عمار ينطبق عليه المثل القائل جمع المجد من أطرافه. فجده (آية الله محسن الحكيم) واحد من أبرز مراجع الدين الشيعة في القرن العشرين. وعماه مهدي الحكيم أحد أبرز معارضي النظام السابق الذي إغتاله في السودان في ثمانيات القرن الماضي ومحمد باقر الحكيم زعيم المعارضة العراقية طوال أكثر من عقدين من الزمن والذي إغتاله تنظيم القاعدة عام 2003 بعد شهور قليلة من سقوط النظام السابق ووالده عبد العزيز الحكيم الذي تولى رعاية البيت الشيعي حتى وفاته بالسرطان عام 2009.
وبرغم حداثة سنه بالقياس الى الزعامات السياسية والدينية الشيعية التي برزت بعد الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003 فقد تقاسم السيد عمار الحكيم ساحة النفوذ الشيعي مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي هو الاخر سليل عائلة مراجع ورجال دين وفكر كما إنهما يتقاربان بالعمر. والواقع أن هذه مسالة في غاية الأهمية على صعيد السلطة بين ماهو سياسي وديني في العراق اليوم وهو ما بات ينعكس على الاداء الحكومي والبرلماني.
لكن الملاحظ أن عمار الحكيم وبرغم رهانات الكثيرين وبالذات داخل الوسط الشيعي إنه قد يصعب عليه ملء فراغ عمه ووالده فإن تجربته في قيادة المجلس الاعلى طوال السنوات الماضية اثبتت بأعتراف الجميع العكس تقريبأ. ليس هذا فقط فإن الحكيم عمار تمكن من الإنتقال من الفضاء المذهبي الى الفضاء الوطني. وبالتالي فإن مسالة زعامته للتحالف الوطني وبرغم كل ما يعانيه من إشكاليات باتت مقبولة داخل التحالف الوطني وخارجه. وهو ما جعل رئاسة التحالف تنتهي اليه في وقت بالغ الأهمية والصعوبة سواء على المستوى الشخصي بالنسبة له لاسيما لجهة دعوته الى الكتلة العابرة للطائفية وهوما قد يتناقض مع زعامة تحالف مذهبي او على صعيد هذا التحالف نفسه الذي فشل حتى الأن في أن يتحول الى مؤسسة. لذلك امام الحكيم رهانين .. الأول ذاتي وهوكيفية الجمع بين الهم الوطني وإشكاليات المذهب وموضوعي وهو كيفية معالجة الخلل الذي يبدو عميقا داخل التحالف نفسه والذي فشلت وصفات الحكيم الجعفري في إنقاذه ,. ولعل السؤال الذي يبقى جديرا بالطرح هو .. هل ينجح الحكيم عمار بما لم ينجح فيه الحكيم الجعفري؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال.