ابشع صور النفاق تجدها حاضرة لدى غالبية السياسيين العراقيين, وتتجلى بشكل واضح بزمن الازمات والمتغيرات التي تطرأ على الساحة السياسية والامنية, اذ تجد لكل سياسي عشرات الالسن ومئات الوجوه والاقنعة, تتغير وفق متطلبات المصلحة الشخصية او الحزبية, ويمكن ان يلمس كل مراقب تلون “جلود السياسيون” بين موقف واخر وبين لحظة واخرى, والنفاق السياسي ليس وليد اللحظة وانما هو متلازمة ثابته تجدها لدى جميع الساسة المتوالين على ادارة شؤون البلد منذ التغيير الى اليوم.
وعلى سبيل المثال, وحتى لا نرجع الى الوراء كثيراً ونستعرض صور النفاق السياسي المتجذر في الحكومات المتعاقبة, في الايام القليلة الماضية تم اجراء صفقة بين قادة الكتل على اخراج وزير الدفاع العراقي من منصبه قبال اقرار قانون العفو العام الذي اثار جدلاً واسعاً في اروقة السياسية, بسبب وجود نقاط خلافية متعددة ابرزها ما يتعلق بالمادة الثامنة من القانون والمتعلقة باعادة محاكمة المتهمين بالارهاب.
حيث ظهر الكثير من السياسيين بدور المدافع عن البلد, واحتلت الخطابات الرنانة الفضائيات وهي تحذر من المتاجرة بدماء ضحايا الارهاب, وتدعو الى الوقوف بوجه القانون والحيلولة دون تمريره, وبعد ايام قليلة تم اقرار القانون بالاجماع, وبحضور من ظهر على الفضائيات يحذر من اقراره!.
وبعد ان شهد القانون لغط في الشارع وظهرت مطالبات شعبية مضادة للقانون, خرج مجموعة من النواب ممن حضروا الجلسة وصوتوا على قانون العفو, مؤكدين بانهم سيجمعون تواقيع لاجل الطعن بالقانون او ببعض فقراته الخلافية, وكأنهم لم يكونوا حاضرين عند التصويت عليه, ولم يقرؤوا فقراته قبل التصويت!.
هنا تجد بان التلون ولبس الاقنعة مر بثلاثة مراحل متتالية بخصوص قضية واحدة فقط وهي “قانون العفو”, اذ ظهرت ثلاثة مواقف بشخص واحد: “معارض للقانون ومصوت على القانون ومعترض على القانون”.
ناهيك عن الامور الاخرى التي تجد فيها بعض الساسة يحركون الشارع طائفياً ويحرضوهم على بعض الشخصيات, وتجدهم يجالسوهم ويعقدون معهم الصفقات, يدينون عمليات الارهاب ولهم قنوات اتصال بشخصيات ارهابية, يطالبون بمحاربة الفساد ويحصلون على حصص من المقاولات والمشاريع, يظهرون الزهد وهم متهمين بضياع ملايين الدولارات من موازنة البلد, هنا نجد بان الساسة العراقيين قد تحولوا على مجموعة من ” الحرباوات” يغيروا الوان جلودهم وفق ما تقتضيه مصلحتهم الشخصية, وهذا هو ابشع صور النفاق.