26 نوفمبر، 2024 3:47 م
Search
Close this search box.

السيد عمار الحكيم . . ومأسسة التحالف الوطني  

السيد عمار الحكيم . . ومأسسة التحالف الوطني  

بعد تسنمه رئاسة التحالف الوطني ، اعلن السيد عمار الحكيم انه سيجعل من هذا التحالف مؤسسة تقوم على الحوار والمصالحة مع الجميع . . ورغم اننا لا نختلف مع السيد الحكيم على هذا المبدأ ، الا انه يبدو نظريا اكثر مما هو عملي . فخلال تجربة الحكم لمدة تزيد على الثلاثة عشر عاما ثبت لنا ان مثل هذه النظريات لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع . بسبب التحزب والتكتل الطائفي والقومي ، الذي رافق العملية السياسية منذ انطلاقتها . . حيث تم ابتداءً تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الذي ضم الاحزاب والكتل الشيعية . وفي المقابل تم تشكيل جبهة التوافق التي ضمت احزابا وكتلا سنية . وكذلك التحالف الكوردستاني المؤلف من الاحزاب الكوردية فقط . . وفي مرحلة لاحقة تم تأسيس التحالف الوطني بديلا عن الائتلاف الشيعي . واتحاد القوى بديلا عن جبهة التوافق السنية . وبقي التحالف الكوردستاني يضم الاحزاب الكوردية في اقليم كوردستان .
ونتيجة للصراع على السلطة والثروة ، فقد دب الصدع بالتحالف الوطني . وبقي تحالفا بالشكل فقط . ولنفس السبب انفرط عقد اتحاد القوى السني . . ثم بلغ الصراع اشده بعد اقالة وزير الدفاع . فانقسم الى كتلتين احداها تؤيد رئيس المجلس النيابي ، والاخرى تؤيد وزير الدفاع .
وكذلك التحالف الكوردستاني الذي ظهرت عليه الانشقاقات والخلافات الحزبية ، وخصوصا بين حزبي الاتحاد الوطني والديموقراطي الكوردستاني . ثم انشق الاتحاد الوطني الى كتلة التغيير ، وكتل اخرى داخل الحزب الواحد . وهكذا نجد ان كل التحالفات التي بنيت على اسس طائفية وقومية لم تصمد امام مغريات السلطة والثروة . . وقد انعكس هذا على وزارات ومؤسسات الدولة في الحكومة الاتحادية ، وانتقل الى اقليم كوردستان . ثم عم كل مجالس المحافظات الشيعية والسنية على حد سواء ، ووصل الخلاف الى ماصنع الحداد بينهم . . فوقع المواطن ضحية هذه الصراعات والخلافات المستمرة الى يومنا هذا .
فهل بعد كل هذا يمكن اصلاح العملية السياسية العرجاء ، المبنية على تحالفات طائفية وقومية منقسمة على نفسها ، وقابلة للانشطار اكثر فاكثر .
ان التحالف الوطني الذي يمثل الكتلة الاكبر في مجلس النواب ، والذي يقود العملية السياسية ، يجب ان يعيد النظر ليس في قيادته فقط ، بل في اسس تشكيله . حيث ان القائد مهما اوتي من حنكة وحكمة لا يستطيع ان يرمم بنيانا مهزوزا مليئا بالشروخ وآيل الى السقوط .
ان مأسسة التحالف الوطني يجب ان تشمل اساس هذا التحالف ، لا ترميم تصدعاته . . ولكي نحقق هذا الهدف ، علينا اولا استبعاد التخندق الطائفي ، من خلال اشراك قطاعات من الائتلافات السنية والكوردية القريبة من منهج وفكر التحالف الوطني فيه  . وعدم اقتصاره على احزاب وتكتلات شيعية غير متجانسة . . حيث اثبتت التجربة بما لا يقبل الشك والتأويل ان ذلك لم يعد مجديا . واننا اذا اردنا ان ندير الحكم بالاغلبية النيابية  فاننا يجب ان نبتعد عن التخندقات الطائفية .  حيث لا يمكن تحقيق الاغلبية الحاكمة من طائفة واحدة فقط .  خصوصا اذا كانت هنالك خلافات عميقة داخل كتلة الطائفة الواحدة  . وبذلك فاننا اذا اردنا للتحالف الوطني النجاح في مسيرته بادارة حكم الاغلبية فان علينا استبعاد الكتل غير المتجانسة من هذا التحالف ،  وضم كتل سنية وكردية من داخل العملية السياسية او من خارجها ،  لكي نستطيع ادارة الحكم بطريقة ديموقراطية  وحضارية  ووفق اسس سليمة بعيدة عن التشكيك في الاستئثار بالحكم  او تهميش الاخر ،  مبتعدين في ذلك  عن التخندق الطائفي والاثني،  مع اعتماد منهاج عمل للدولة في المرحلة القادمة .  وفي المقابل بامكان الاحزاب والكتل الاخرى تشكيل تحالفاتها على وفق منهجها وفكرها في ادارة الحكم .  وبذلك فقط يمكن ان نؤسس لتحالف وطني  قادر على ادارة دولة عصرية تقوم على تحالفات حقيقية      هذه هي الطريقة الوحيدة لمأسسة التحالف الوطني .  وبعكسه فاننا نخدع انفسنا اذا تكلمنا مرة اخرى عن الحوار والمصالحة دون تحقيق ذلك على ارض الواقع .
    ان هذا السبيل يبدو ضربا من الخيال لاول وهلة ،  الا انه في الحقيقة قابل للتحقيق ويحتاج فقط الى جرأة قائد يستطيع ان يحمل وطنه على كتفيه .

أحدث المقالات