بالرغم من تحذيرات المراقبين من إستخدام الإستجواب بصورة إنتقائية والسعي لتوظيفه في خدمة أجندات سياسية ضيقة وليس للمحاربة الجادة للفساد، وإستخدامه في الصراعات من اجل السلطة والحصول على المواقع ، ووفقا لإستهدافات سياسية ضيقة، والتي من الممكن أن تؤدي به الى أن يتحول من وسيلة للكشف عن مواطن الخلل والفساد وسوء الاداء وتصويب المسارات، إلى أداة للتسقيط السياسي بين كتل متصارعة على السلطة والامتيازات، وورقة ضغط لإنتزاع مكاسب سياسية ومادية فئوية، يعتبر آخرون أن هذا النوع من الإستجواب صحيح وهو ممارسة سياسية وفق التنافس الطبيعي ما بين السياسيين لاسيما ان الفساد موجود ولا يتضمن الإفتراءات والإتهامات الباطلة او الكيدية.
استجوب مجلس النواب في الأسابيع الأخيرة وزير الدفاع خالد العبيدي ووزير المالية هوشيار زيباري ويجري الحديث الان عن استجواب وزير الخارجية ابراهيم الجعفري ووزيرة الصحة عديلة حمود ووزراء آخرون وصولا الى رئيس الوزراء حيدر العبادي وهذا يعد احداثا وتطورات، تركت وستترك اصداء وتداعيات على الوضع السياسي العام، وعلى الحكومي بشكل خاص، لم تنقطع ارتداداتها وتفاعلاتها حتى الآن ومن اهم هذا التطورات ان يستجوب من له الحصانة المميزة في العملية السياسية ويعد من كبار السياسيين في كتلهم السياسية حتى اطلق على حكومة العبادي في اول تشكيلها انها حكومة رؤساء الكتل وهذا امر ايجابي جعل البرلمان في تطور نوعي خصوصا وان التصويت على عدم القناعة باجوبة الوزيرين اللذين تم استجوابهما من قبل نواب ينتمون لنفس كتلهم وغيرها، هذا ما يؤشر الى ان الخروج من التمترس الطائفي او القومي باتت ما بين قوسين او ادنى من الانهيار بعد ان ثبت فشله في إدارة العملية السياسية والدولة.
هذه الاجواء تشكل إرباكاً اضافيا في الوضع السياسي، وتزيد من صعوبة وتعقد مهمة رئيس الوزراء حيدر العبادي في إستكمال تشكيل حكومته، وتحقيق الاستقرار
الحكومي المطلوب والضروري لخوض المعارك الفاصلة مع تنظيم داعش من أجل إعادة السيطرة على مدينة الموصل، ومواجهة التحديات الكبرى لما بعد المعركة.
نعم المطلوب ان يتم تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب، وان عمليات الاستجواب بحد ذاتها امر ايجابي، علما انها لم تأت بمعزل عن الحراك الشعبي والتظاهرات والضغط الذي مارسته على السلطات الثلاث من اجل الكشف عن ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين، ولا سيما كبارهم، واحالتهم الى القضاء، ويعتبر ذلك من ثمار الحراك الشعبي والمطالبات الجماهيرية، التي يحاول بعض المتنفذين وكبار الفاسدين الالتفاف عليها، وتسخير آليات الرقابة والمحاسبة لخدمة أغراضهم ومصالحهم الخاصة.