وزير الخارجية مطالب ان يراعي الاعراف الدبلوماسية في تصريحاته ومواقفه الرسمية وان يكون ممثلا للشعب العراقي بجميع مكوناته وان لا يجعل من وزارة الخارجية مكانا للصراع الدولي والإقليمي، وان لا تخضع لضغوط بعض الاحزاب التي تريد تأزيم العلاقات الأخوية بين العراق وأشقاءه العرب، وان وضع سياسة العراق الخارجية رهينة الاملاءات الاقليمية، يدمر مكانة العراق لدى محيطه العربي والإسلامي والدولي؛ وذلك كان واضحا في كثير من المواقف التي لم تعكس الموقف الحقيقي للعراق بكل مكوناته، وإنما كانت تمثل جهة بعينها اتجاه بعض القضايا الخارجية، وسأعرج تحت عنوان مقالي هذا لأبرز التصريحات والمواقف التي صدرت من وزارة الخارجية، وكانت متناقضة وبعيدة عن الأطر والمعايير الدبلوماسية:::
الف- تصريحات السيد الجعفري حول منبع دجلة والفرات وداعش، في مؤتمره الصحافي مع وزير خارجية إيران (ظريف) في بغداد، حيث قال في الدقيقة (25) من ذلك المؤتمر، حينما دعا وأمام دهشة الوزير الإيراني للانفتاح على(داعش) والتعاون معها، بل إنه صرح بأن الصين ونيوزلندا على استعداد للتعاون مع (داعش).//
باء- صرح السيد الجعفري في مؤتمر السفراء المنعقد يوم 31/3/2015 وبحضور السادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية، مؤكدا ان تشكيل القوة العربية لمحاربة الإرهاب الذي قد يواجه الدول العربية، لم يتم بالتشاور مع العراق، مع العلم ان السيد وزير الخارجية قد حضر الاجتماع التشاوري الذي انعقد قبل القمة بين وزراء الخارجية العرب.//جيم- المواقف والخطوات التي اتخذتها الخارجية العراقية في الجامعة العربية كلها ضد الاجماع العربي واستخدم فيها العراق كمخلب ضروس؛ والعروبة عند العراقي ليست ترفا؛ فالعراقي عربي تسري به تلك الروح، والاطار المرجعي للدولة العراقية هو العروبة وخروج العراقي منها كخروجه من جلده، وابرز المواقف::::
1) موقف العراق في اجتماع وزراء الداخلية العرب في اذار من عام 2015 لاعتبار (حزب الله) منظمة ارهابية، ورفضت الخارجية العراقية قبلها توصيف دول مجلس التعاون الخليجي لحزب الله بأنه منظمة إرهابية، وعاد وزير الخارجية ليتحدث في كلمته أمام وزراء خارجية الدول العربية، تجاه إصدار المجلس بيانا ادرج فيه حزب الله اللبناني ضمن المنظمات الإرهابية، معبرا عن موقفا بعيدا عن الأطر الدبلوماسية، حينما قال: الذين يهاجمون الحشد الشعبي ومنظمة حزب الله هي دول إرهابية وتدعم الإرهاب، وتحفظ العراق على ذات الموقف في القمة الإسلامية في إسطنبول.//
2) امتناع العراق في كانون الثاني / عام 2015 من ادانة حرق السفارة السعودية في طهران، والمؤسف ان إيران بعد عشرة أيام من حرق السفارة اقرت بالخطأ وإدانة مرتكبيها.//
3) رفض العراق بيان وزراء الخارجية العرب في 8/9/2016؛ الذي ادان تصريحات الزعيم الايراني (خامنئي)، التي اتهم فيها السعودية بمنع حجاج بلاده من أداء فريضة الحج ودعا إلى تدويل مناسكه، وقد ترجمت تصريحات الزعيم الإيراني بشعارات ولافتات ادانة وقعت في شوارع بغداد العربية ضد السعودية مما يرفع وتيرة التوتر تجاه محيطنا العربي.//
4) استقبال الخارجية العراقية لوفد الحوثيين في أيلول عام 2016، كان مخالفا للأجماع العربي؛ بخاصة ان العراق عضو في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وساند الإجماع العربي والدولي المؤيد لإنهاء الانقلاب وعودة الحكومة اليمنية الشرعية، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الصادر تحت الفصل السابع؛ واستقبال العراق رسميا لوفد الحوثيين سيؤثر على العلاقات العربية مع العراق، وكان الأفضل استقباله بعيدا عن القنوات الرسمية.///
دال- صرح السيد الجعفري لوسائل الإعلام أن مشيخة الازهر الشريف تثني على عمل حزب الله والحشد الشعبي، ما دفع الأزهر إلى نفيه واطلاق تحذير مخجل لوزارة الخارجية من تقويل امام الازهر ما لم يقل.//
هاء- بيان الخارجية العراقية بصدد اعدام الشيخ نمر النمر كانت تدخل سافر بشؤون السعودية الداخلية .//
واو-نشرت الخارجية العراقية بياناً على موقعها أن الجانبين السعودي والعراقي بحثا “القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها تصريحات السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل الإعلام، ..”، وأوضح بعدها رئيس الإدارة الإعلامية بالخارجية السعودية أسامة نقلي في 27/1/2016: ان “ما نُقل على لسان الوزير عادل الجبير غير دقيق”، مشيراً إلى أن(الحديث مع وزير الخارجية العراقي تركز على بحث العلاقات الثنائية بين البلدين).//
زاء- أبدت وزارة الخارجية العراقية في20 /6/2015 قلقها إزاء الحكم الصادر بسجن المعارض البحريني علي سلمان، وقبلها حسن شحاته ويعقوب الزكزكي، وتدخلنا في قضية سحب الجنسية عن الشيخ(عيسى قاسم) بطريقة استنكرت فيها البحرين ذلك واستدعت السفير؛ والتدخلات لدواعي طائفية لا تنسجم وعلاقات الدول.//
حاء-هناك نفي قاطع لأي تدخل ايراني وبعدها يتم الافصاح عن تعاقد الحكومة مع قاسم سليماني بانه أحد المعتمدين من قبل الحكومة العراقية وبعدها اعطاؤه وصف اخر بانه مستشار، ووزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يسخر من السياسيين العرب، ويقول لهم لا يوجد شيء اسمه سليماني وأنه تجول في كل العراق ولم يسمع أو يرى هذا الجنرال، تلك التصريحات تعد تدليس للحقائق بطريقة لا تليق بالدبلوماسية العراقية.///
طاء- قال المتحدث باسم الوزارة احمد جمال في بيان صحفي17/6/2016 (سبق وأن قامت وزارة الخارجية باستدعاء سفير.. السعودية الشقيقة لدى بغداد، وأبلغته بأهمية أن يكون السفير خاضعاً للأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بتعامل السفراء مع وسائل الإعلام… وضرورة عدم تدخل السفير بالشؤون الداخلية للبلد…).//
ان تصريحات أي سفير او مسؤول من أي دولة ما دامت تهدد وحدة البلاد مرفوضة؛ لكننا ألم نتدخل تدخل سافر في الشأن السعودي في قضية اعدام الشيخ نمر النمر؛ ألم نتدخل في البحرين بقضية (نبيل رجب وعلي سليمان والشيخ عيسى قاسم)؛ ولماذا لم نسمع من وزارة الخارجية اي تنديد بتصريحات يطلقها قادة الحرس الثوري والخارجية الايرانية ومستشار خامنئي علي اكبر ولايتي وعلي يونسي المسؤول الايراني وقاضي بور والجنرال( عطاء الله صالحي) والذي أنكر حق العراق في فرض الفيزة على الزوار الإيرانيين للعراق بدعوى التبعية التاريخية للعراق لإيران، وهو كلام خطير وغيرهم؛ التي هي تدخل مشين بالشأن الداخلي لبلدنا العراق، فعندما يعترف زعماء مليشيات بان ايران زودت مسلحيها بالأسلحة والعبوات الناسفة والصواريخ بالقتال في العراق وسوريا(لا يعتبر ذلك تدخل بالشأن العراقي)؟؟ لماذا لم نسمع اي تنديد من الخارجية العراقية، باجتياح الجيش الايراني للأراضي العراقية واخرها بالسليمانية والقصف العنيف للقرى الكردية.///
ياء- تصريح الجعفري حول توقيع واشنطن وحكومة كوردستان مذكرة تفاهم في 13/تموز/ 2016، وبالرغم من تأكيد السفير الأمريكي(ستيوارت جونز) في(21 تموز 2016)، بان هذا الاتفاق تم بالتشاور والتنسيق مع حكومة العراقية؛ الا ان السيد وزير الخارجية يؤكد في 21/7/2016؛ في برنامج لقاء خاص الذي تبثه قناة “الحرة”، بإن الحكومة العراقية لم تبلغ مسبقا بتفاصيل مذكرة التفاهم العسكرية ..، وان الاتفاق بين الجانبين، انتهاك للسيادة الوطنية، وسعيا للرد على هذه التصريحات، اكدت وزارة الدفاع العراقية في 22/تموز/2016، بانها لا ترى في مذكرة التفاهم بين البنتاغون والبيشمركة انتهاكا لسيادة العراق وانه تم بعلمها وبالتنسيق معها.///
كاف- في تصرف غير مسؤول ومثير للحساسيات نشرت السفارة العراقية في الجزائر على موقعها، إعلانا ما نصه(“تعلن سفارة جمهورية العراق في الجزائر للأشقاء الجزائريين من الشيعة أو الراغبين في التشيع، عن إمكانية التقدم لغرض الحصول على سمة الدخول إلى الأراضي العراقية لأغراض الزيارات الدينية (مزارات الشيعة في النجف وكربلاء)” ، وهو ما اعتبرته الحكومة الجزائرية خطوة مثيرة للشكوك وغير مسبوقة في علاقات البلدين، وإستدعت السفير العراقي(حامد محمد الحسين) وطلبت منه إيضاحات حول البيان، وصرح وزير الشؤون الدينية والاوقاف(محمد عيسى) بأن” تلتزم البعثات الدبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة بروح الدستور، ونصوص القانون”، واتهم الوزير جهات أجنبية بالتشويش على الجزائريين، من خلال نشر الطائفية، وقد اضطرت سفارتنا المبجلة الى سحب إعلانها؛ للتذكير ان إعلانات مشابهة قامت بها السفارات الايرانية في السودان والمغرب، وهو ما دفع بالبلدين لقطع العلاقات مع إيران ردا على تلك الممارسات.///
ميم- نفي وزير الخارجية الدائم وفي مناسبات عديدة لأية اعتداءات تقوم بها بعض فصائل الحشد الشعبي، واخرها نكرانه لأي انتهاكات ارتكبت من بعض الفصائل في عملية الفلوجة، في الوقت الذي وثقت فيه المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية ووسائل الإعلام المختلفة جرائم طائفية مروِّعة، ارتكبتها فصائل منضوية في الحشد الشعبي، وهذه التصريحات من المفترض ان لا تصدر من وزير خارجية، كونه على علم بالالتزامات الدولية لجمهورية العراق بموجب القانون الدولي، وتصريحاته تعد تبرير ومحاولات للتقليل من حجم وبشاعة تلك الجرائم.///
نون- طالبت وزارة الخارجية العراقية في28 / آب 2016، من السعودية تبديل السفير السعودي(ثامر السبهان)، وعندما سئل رئيس الحكومة(السيد العبادي) خلال مؤتمر صحافي في بغداد في الأربعاء 7 أيلول، 2016، أثر اختتام اجتماع مجلس الوزراء اكد؛ انه لم يكن له علم بطلب وزارة الخارجية العراقية استبدال السفير السعودي في بغداد ولم تبلغه بذلك وانما سمع به من الاعلام، فكيف لدولة يتخذ وزير خارجيتها قرارا سياديا خطيرا، بتبديل سفير لدولة شقيقة بدون علم رئيس الحكومة ورئيس الدولة، مع العلم ان هكذا قرارات لا يمكن ان تتخذ الا عبر قرار من مجلس الوزراء، وكان السفير السعودي قد ادعى بان هناك محاولات لاغتياله في بغداد، وعدت وزارة الخارجية العراقية في (22 / آب/ 2016)، أن المعلومات المتداولة بشأن وجود مخطط لاغتيال السفير السعودي في بغداد “غير صحيحة” لكن وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، في19/9/2016 رفضوا في بيان رسمي التهديدات ضد السفير السعودي بالعراق، وكان ذلك بسبب تصريحات غير مسؤولة هددت السفير السعودي صدرت من قيادات تدعي انضوائها بالحشد الشعبي، والذي بات مؤسسة رسمية وفق الحكومة، والحكومة العراقية بدلا من تتخذ إجراءات قانونية بحق مطليقها، راحت الخارجية وزادت الطين بله باستنكارها البيان، وكان الأفضل على الأقل التعبير عن الأسف عما صدر من بيان . ///
هذه ابرز التصريحات والمواقف المتناقضة التي لا تنسجم والسياقات والعرف الدبلوماسي والتي استطعنا تسجيلها للحكومة الحالية، غير متناسين ما حدث:::
في سويسرا عندما تحول دبلوماسيان الى مهربي دخان ويستخدمان حصانتهما الدبلوماسية وسيارتيهما اللتين لا تخضعان للتفتيش، في نقل بضاعتهما الى فرنسا وبيعها الى مافيات التهريب فيها، وما حدث في العاصمة البرتغالية عندما اعتدى ولدا السفير العراقي على شاب برتغالي ويمرغان رأسه ووجهه بالتراب وهما في نشوة تعاطيهما المسكرات والمخدرات، وفي المانيا(دريسدن) 21/مايس/ 2016 عندما قيد شاب عراقي الى جذع شجرة بعد ان انهال عليه اربعة اشخاص في متجر بالضرب ليسحبوه بعدها ويقيدوه الى شجرة بالقرب من المتجر، وقبلها زيارة أربعة وفود حكومية بالتعزية بموت أمير الكويت أو الملك السعودي، وكأننا ليس دولة قوانين ومحكومة بأعراف دبلوماسية ولياقات بروتوكولية لا تسمح بذلك، لان في ذلك تراجع لهيبة الدولة العراقية.//
وفي النهاية؛ نقول لمن يريد دولة ضعيفة؛ ان للدولة هيبة قبل هيبتكم وللدولة كرامة قبل كرامتكم المزعومة، وللدولة استحقاقات قبل استحقاقاتكم المزعومة، وللدولة حضور في المحافل الدولية تقررها الأعراف الدبلوماسية وبروتوكول الزيارات بين الدول، ومنهم من يرى نفسه فوق البروتوكول وفوق الأعراف الدبلوماسية فمن أعطاهم هذا الحق؟