22 نوفمبر، 2024 8:35 م
Search
Close this search box.

لماذا يتدهور قطاع النقل  – 1    

لماذا يتدهور قطاع النقل  – 1    

كان للعراق موقعة خاصة تميزه عن بقية اقطار المنطقة في القرن الماضي ، فهو اول دولة في المنظقة انشأ محطة بث تلفازي ، وهو من اوائل دول المنطقة التي اقيمت فيه خطوط سكك فعالة لتستمر لغاية يومنا هذا ( كذلك اقيمت في منطقة الحجاز والاردن ، الا انها بمرور الوقت ومع رحيل الاستعمار الانكليزي في منتصف القرن الماضي او قبل ذلك لم تعد ذي جدوى وتُرِك العمل بها) ولو استمرينا في ذكر الاوائل ، لفرضت الخطوط الجوية العراقية نفسها في اول القائمة ، حيث كان الطائر الاخضر كما كان يسميها العراقيون ومنظمة اياتا ، قد اقتحمت ميدان العالمية في منتصف القرن الماضي عندما كانت بعض بلدان المنطقة لم تغادر النمط البدائي في النقل ، وهي تنظر بعين الاعجاب والاكبار للعراق والعراقيين في ما يفعلون وما يمتلكون وبعضهم كان يتمنى في احلامه ان ينتهي القرن المنصرم وهو قريب ببلده من العراق ،  وما دمنا في الحديث عن الطائر الاخضر ، هنالك معلومة ربما لا يعرفها الكثير في ايامنا هذه وهذا امر مقبول ، حيث ان جميع من تصدر ادارة تشكيلات الوزارة فضلا عن الوزراء انفسهم بعد  2003 ، ليسوا من عائلة النقل ولم يكن احدا منهم قد عمل في النقل أو قرأ عنه بل كان  تنصيبهم عبارة عن مواسم احتفالية يتم من خلالها تكريم اشخاص طبقا للعلاقة العائلية او الحزبية او من المكون الطائفي  ، واحيانا كان مبدأ (شيليني وشيلك) فعالا ايضا  ، وقبل هذا التاريخ وتحديدا بعد عقد سبعينيات القرن الماضي ايضا تم العمل بهذا المبدأ لكن اقل حدة بكثير مما هو عليه الامر الان ، وهذه المعلومة تتلخص بان شكل شعار الخطوط الجوية ، قد حاز على افضل شعار في خمسينيات القرن الماضي اضافة الى ان اللون الاخضر له هيبة ودلالة لرمزية الخصوبة التي تميز بلاد ما بين النهرين قديما ، وفي تاريخنا الاسلامي للون الاخضر رزية قدسية مستوحاة من القرآن الكريم ، كما في قول الباري عز وجل ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾1  .و قال عز من قائل : ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾2 ، كما ان النبي ( صلى الله عليه و آله ) أعطى علياً ( عليه السلام ) في ليلة المبيت رداءه الأخضر الذي كان يرتديه لكي يستخدمه في تلك الليلة المباركة ، و كثيراً ما يتردد في الأحاديث أن الأئمة ( عليهم السلام ) كانوا يلبسون الأخضر . ومع ذلك حاول البعض ممن تولوا ادارة الوزارة الذين لا اجد وصفا مناسبا لهم غير انهم تتار العصر الذين اوجعوا رؤوسنا بانهم كفاءة ونزاهة لا نظير لهما وساثبت لاحقا انهم غير ذلك تمام ، انهم  ليسوا اكثر (talkative ) من لم يجدوا من يردهم  ، ارادوا تغيير اللون الاخضر الذي يميز طائراتنا وقطاراتنا الى اللون الازرق ، لان الاخير رمز للسلام حسب زعمهم ، ربما بنى ذلك على معلومة ان جنود حفظ السلام الدوليون يرتدون القبعات الزرق وهي فكرة اوربية ، مما ينم عن جهل  بالارث الحضاري والاسلامي  الجميل ،
وقد كانت الخطوط الجوية العراقية تتمتع بسمعة جيدة من حيث دقة المواعيد وتوفر الامان في رحلاتها  ، كل ذلك يتم عبر كادر عالي التدريب ومؤهل بشكل تقني ممتاز ، فالشركة حرصت منذ بدء تأسيسها على الاهتمام بموضوع تدريب كوادرها في ارقى المصانع والمعاهد العالمية وكان لشركة بوينغ النصيب الاكبر في حصص التدريب ، ويحتفط الكثير من قدامى العاملين في هذه الشركة العتيدة ، على قصص وحكايات استطاعت فيها اطقم الطائرات التغلب على مشاكل فنية وجوية لا يتقنها الا المتمرس في الحفاظ على ارواح المسافرين والايفاء باوقات الرحلات ، على عكس ايفادات اليوم التي افرغت من محتواها وصارت سفرة ترويحية لا اكثر
من الحقائق الاخرى التي ربما غير معروفة لدى الكثير من منتسبي قطاع النقل ، تتلخص بكون العراق مركزا محوريا للطيران المدني العالمي وبالذات مدينة البصرة ، حيث كانت مركزا اقليما للطيران الدولي في اواسط القرن الماضي بين مختلف جهات العالم  ، وقد وصل الامر الى ان مسافري الخليج كانوا ينطلقون في رحلاتهم من البصرة ، واحيانا كان عدد من مسافري مدينة بغداد يستخدمون البصرة منطلقا في رحلاتهم ، وقد شهد فندق شط العرب العتيد في البصرة ، اقامة العديد من الرؤوساء والملوك انذاك عند توقف طائراتهم في ميناء البصرة الجوي في رحلاتهم بين بلدانهم والبلدان الاخرى ، هذه الخاصية للبصرة لم تغب عن بال العديد من عواصم ومدن المنطقة وكانت تتحين الفرص لان تكون البديلة ، وهذا ما حصل بعد 1970 ، بسبب هوس الاجراءات الامنية حيث بدأت هذه المدينة تفقد بريقها شيئا فشيئا ثم جاءت الحرب العراقية الايرانية لتطيح بكل خصوصياتها المتميزة على مدن الخليج ، وراحت هذه المدن تتسابق فيما بينها للفوز لان تكون البديلة ، وكان ذلك لمدينة دبي التي عمل حاكمها بجدية ومثابرة بعد ان جلب الاستشارين في كل المجالات وبضمنها قطاع الطيران لان تكون محورا في النقل الجوي لمنطقة الشرق الاوسط ، واصبح مطار دبي من اكبر المطارات المكتظة بالحركة وعززت هذه الامارة مطاراها بأسطول جوي هو الاضخم في المنطقة ، كما عملت تركيا اردوغان بنفس الهمة لان تجعل من اسطنبول محورا اخر في المنطقة نظرا للطلب المتعاظم على السفر الجوي ، وتمتلك تركيا الان اسطولا جويا هو الاكبر ايضا وينافس طيران الامارات ، وهذين الاسطولين يربطان المنطقة بأقاصي مدن العالم ، مما يعني لا مفر للمسافر من اختيار احدهما في سفره ، وهنالك ايضا مدن وشركات طيران تنمو بثقة عالية لان تدخل مضمار المنافسة اعتمادا على الاساليب الحديثة في التشغيل و الخدمات اللوجستية والايفاء بمتطلبات الراحة والامان للمسافر ، لكن بامكان البصرة التي تتوسط المسافة بين هاتين المدينتين ان تستعيض عنهماومع ذلك لاتزال الاجواء العراقية معبرا مهما للطيران الدولي رغم فقدان تلك الخاصية المتمثلة في غياب مطار البصرة ، كما تظهر ذلك البرامج الخاصة بحركة الطيران الدولي
هذا التدهور ايضا طال الخطوط الجوية العراقية التي كانت تسمى مصلحة الخطوط الجوية العراقية ، وبدأت تفقد الكثيرمن بريقها ، مع تدخل السلطة في تعيين قيادات هذه الشركة وفي رسم سياساتها ، حتى وصل الامر الى استثناء تعيين المدراء العامين للخطوط والطيران حصرا من قبل رئيس النظام السابق ، وبلغ هذا التدهور اوجه خلال سنوات الحرب العراقية –الايرانية ثم جاءت فترة الحصار الاقتصادي ومنع الطيران العراقي بمثابة رصاصة الرحمة على هذه الشركة العريقة ، مما دعا العديد من الدول للتعاقد مع العراقية في اعارة خدمات بعض الاختصاصات العاملة فيها للعمل في شركات طيران تلك الدول نظرا للسمعة التي تتمتع بها تلك الكوادر ، ومن بين هذه الدول ليبيا واليمن وماليزيا ، حيث لا يزال بعضا منهم يعمل هناك ،ورغم ان الحصار كان لا يسمح  للطيران العراقي بالتحليق حتى في بعض مناطق العراق طبقا للحظر المفروض من اميركا فيما كان يسمى خطوط العرض الممنوعة ، الا ان وزير النقل الاسبق في ذلك العهد والحق يقال عمل جاهدا على صيانة وتجديد البنى التحتية لمراكز الصيانة ، اما عبر مذكرة التفاهم او اجراء الصيانة المحلية ( واتشرف باني كنت احد المكلفين لاجراء صيانة شاملة لمنصات الصيانة في وكر الطائرات المصمم لصيانة الطائرات العملاقة انذاك وهي البوينغ 747 ، حيث لم تكن الطائرات العملاقة الحديثة جدا مثل ايرباص   والبوينغ الجديدة قد استخدمت بعد ، وهي اعمال تجري لاول مرة في العراق وقد نجحنا في ذلك وطلب منا السيد الوزير انذاك بتلخيص العمل بكراس قدمه لاحقا الر رئاسة الجمهورية) كان ذلك عام 1999
ومن خلال عملنا هناك شاهدنا ابداعات الاطقم العراقية و استعدادها العالي في اجراء الصيانة لغاية الصنف – د – والمعروف عالميا بان مثل هذا التصنيف يجري في مراكز محدودة من العالم مثل لوفتهانزا او ايرباص او الوينغ ومراكز اخرى ، حيث المعتاد في الدول النامية هو الصنف – أ- او –ب- ، وبعض الدول لغاية الصنف –ج- ( بالمناسبة كانت البنى التحتية لورش ومعامل العراقية واسعة ومتنوعة وتشغل مساحات واسعة ، لكن تم رفعها لدى تواجد القوات الاميركية للاعوام الاولى من الاحتلال وهي خسارة كبيرة ولم نجد من طالب تلك القوات بالعمل على اعادتها وانا متأكد من انها ربما ستخصص مبالغ لاعادتها او ربما ستوفر ذلك ان تمت المطالبة بذلك ، بناءا على تجربة شخصية مع تلك القوات ، التي ابدت استعدادا لاعادة تأهيل احد المعامل التي كنت مسؤولا عنها بعد الحاحي على تلك القوات في مسؤوليتها عن الخراب الذي لحق )  ……     يتبع
[email protected]

أحدث المقالات