17 نوفمبر، 2024 9:49 م
Search
Close this search box.

بايعوا العراق تحت شعار : احزاب مجربة واصوات متأرجحة

بايعوا العراق تحت شعار : احزاب مجربة واصوات متأرجحة

عندما تكون الخيبة غاية الامل والظلام منتهى النور فما الفارق الذي ستحدثه خديعة كبرى وشعارات ماكرة زائفة ” تعال وغير الحال ” تزول ما ان يزول الحبر البنفسجي من اصابع متأرجحة لا قدرة لها ان تقارع وتزيح الاحزاب المجربة لاعوام خلت بعد ان مردت على السلطة وتكاثرت وتمرست على البقاء في بروج مشيدة ومحصنة وأغلقت دوائرها بخطوط حمراء ملونة فهل كتب علينا ان نبايع هؤلاء القوم مكرهين ونبقى على ظلمهم وجورهم خانعين فأن خرجنا عليهم محتجين صرنا اثمين ومن القوم المندسين وأن اردنا التغيير قالوا عليكم بالصبر اربع اخرى من السنين ثم تغيب الذاكرة وتداور الايام فيعود القوم ليتأسوا على اريكة قد تلطخت واجمين ومتحسرين ولم يبالوا باطفال ما ان ولدوا حتى أخذتهم النار محترقين وبدلا من ان يرتقوا باهل العراق وعيا وثقافة وانتاجا عملوا على الايغال بنا لكي ننحدرالى مرحلة غير مسبوقة في التاريخ من الخراب والانحطاط والحرمان من ابسط الحقوق التي اقرتها كل شرائع السماء والارض ولكي نبقى على ما جرى علينا من ويلات لاهثين وان نسكت على جراح لازالت ملتهبة مستعصية الشفاء نازفة وان يصيبنا الوهم باننا لم نعد من المجتمعات الحضرية والوطنية انما نحن مكونات اجتماعية تنقسم على اسس دينية ومذهبية او طائفية وعرقية .
وعند وضع الاحزاب الفاعلة على الساحة في ميزان القوى السياسية وتحت معيار الحياد المطلق نرى انها تفتقر في الواقع الى قواعد شعبية ساندة وحتى وان صوت الناخب الى جهة ما فهذا لايعني بانه يمثل قاعدة لتلك الجهة وانما هو خيار قد تم فرضه بارادات غريبة لا طاقة لنا بها بعد عام 2003 وقد تفهمت تلك القوى وادركت بان واقع الصراع السياسي في العراق مبني على استغلال الورقة الانتخابية لتثبيت مكانتها السياسية بين القوى الاخرى ليس الا وانها ليس قادرة على ان تستقطب الجمهور بابراز هويتها أو برنامجها أو اهدافها وانما يكون العمل بمبدأ الفعل ورد الفعل ولكل حادث حديث يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه لذلك بدأت تحرف الخطاب السياسي وتحوله الى موروثات دينية وشعارات عقائدية وتقاليد عشائرية وافكار أثنية وقد نجحت في ذلك نتيجة الجهل السياسي لعامة الجمهور وتمكنوا من ان يجروه الى ذلك الصراع لئلا تظهر قوى شعبية وطنية قادرة على احداث تغيير فكري انقلابي وليس صوري , ومع تكاثر الاحزاب والكتل بالانشطار والانشقاق مرة وبتحويل الولاءات الى جهات داخلية واقليمية مرة اخرى اخذ الصراع ابعادا اخرى فظهرت تحالفات محدودة قصيرة المدى هدفها هو التسقيط السياسي من اجل الاستئثار بالسلطة وما يتبعها من مكانة وهيبة وثراء وما اسرع ما تتفكك هذه التحالفات بتأثير القوى الاخرى واجنداتها وتمنع اي قوى من ان تكون اللاعب الغالب سياسياً وبذلك يضمن الكل بقاءه وحصته من الخارطة العراقية وتظل عجلة السلطة تدور والكل متفق على ذلك ضمنيا حتى وان ظهر الصراع بينهم واضحا وجليا وحتى ان ادى ذلك الى اقالة من هنا او استجواب من هناك فالمهم فعلا لتلك القوى هو كيف تمد اذرعها الى مفاصل الدولة من اجل الاستحواذ على جميع المسارات الامنية والاقتصادية والفكرية لكي ترفد مؤسساتها بالعدة والعدد لتحصين نفسها وبالاموال التي تسخرها في تعظيم قوتها وباساليب متطورة وتضعف في الوقت نفسة وجود دولة ذات مؤسسات مهنية محترفة ومستقلة .
الانتخابات حق وممارسة ديمقراطية تضمن للناخب التصويت عند القناعة والعزوف عنها لا يشوبه اثما ولا حراما فهي ليست واجب شرعي على كل عراقي وعراقية ولا هي غاية ضيقة وانما وسيلة لتحقيق الغاية ومن هذا المنطلق يجب احترام ارادة الناخب فمن اراد التصويت فليفعل ومن لم يرد فلا جناح عليه ولا تثريب , اليوم يشتد الاحتدام الفكري والثقافي بين الناعقين للانتخابات والناقمين عليها وبين المتفيقهين الذين يصبون جام غضبهم على شعبهم ويؤسسون بان كل ما جرى هو بسسب ضعف الارادة الوطنية وغياب الثقافة الانتخابية التي اوحلتنا في مصير مجهول , قد يكون هذا من الاسباب ولكن الجدلية المؤلمة هي لماذا نربط كل الاحداث بمصير العراقيين , الانتخابات والعملية السياسية مصيرية , الاصلاح والتغيير كذلك , الموازنات والتقشف والقضاء على الفساد , علاقات العراق مع الدول الاقليمية والعالمية هي ايضا مصيرية , وما شابه ذلك عديد وكثير , ما ذنب الفرد العراقي البسيط من ان تكون حياته ومصيره متعلقة بتلك الحيثيات وهو بالاساس ليس مرغما عليها , وكل ما يريده حقوق بسيطة للعيش الكريم ليس اكثر , هل من المفترض عليه ان يكون على علم ودراية بدساتير العالم وقوانينها وبتاريخ الديمقراطيات وبجدليات فكرية متعمقة في المطلق والنسبي والمثالي لكي يستعد وياخذ مكانته في انتخابات من المفترض ان تقدم برامج واقعية دقيقة وصريحة لتعالج مكامن الفشل الحقيقية وما اكثرها في حكومة تتحدث اكثر مما تنجز وتستهلك اكثر مما تنتج , التحليل الواقعي لميزان القوى بين الاحزاب المجربة وبين الاصابع المتارجحة يظهر وبشدة ان ميلان الكفة هي لصالح الاحزاب وتبعياتها ومرجعياتها وقد تكاثرت اعدادها وزعاماتها لتصبح رقما صعب المراس سيبلغ المئة بعد ايام ” والحبل على الجرار ” والتساؤل الذي يجب بحث الاجابة عليه هو ( من المسؤول عن صناعة كل تلك الاحزاب ) والاجابة هي البوابة التي ستحدد مصير العراق واهله , فهذا التكاثر سيوهم الناخب ويشتت الاصوات وستصبح الحكومة المقبلة عبارة عن تجمعات هدفها الاستحواذ على المناصب وتحقيق المنافع الضيقة وتحت غطاء القانون والدستور الذي اتاح لهم الامتيازات والحصانات والصلاحيات التي لاحصر لها ولا قيد عليها وكل حزب بما لديهم فرحون .
وفي الميزان الانتخابي هناك تلك الجماعات التي تخرج الى الساحات ايام الجمعات التي استطاعت ان تديم حركة الاحتجاج وهذا انجاز يحسب لها ولكنه اعلامي فقط وليس لديها في حقيقة الامر اي انجاز تطبيقي او تنفيذي ولمدة عام
كامل لم تستطيع ان توحد قواها وان تطلق برنامجها وظلت تدور في حلقة التجمعات والتنسيقيات وما اكثر عددها وقلة عديدها واخذت تحوي شخصيات متفردة لها تطلعات سياسية استطاعت ان تستغل الاحتجاج في الظهور الاعلامي لأستقطاب الجمهور الناخب وبعضهم ينادي بانقلاب منهجي وفكري مدني وهذا بالطبع ليس له شعبية عارمة لما لدى الشعب العراقي من موروثات اجتماعية ودينية متأصلة به شئنا ام ابينا حتى وان كان ازدواجيا في التعاطي معها ولابد من التعامل مع حيثيات الواقع اجتماعيا وفكريا وليس بنقضه والتعالي عليه ولذلك فأن تلك الاحتجاجات لم تؤتي اكلها واصبحت على شفا حفرة من الفشل فاخذت تميل وتهادن عسى ولعل ان تلقى تاييدا من تيارات دينية تختلف معها في المنهج والايديولوجية ولكن الواقع سيفرض نفسة ومنهج التيارين لن يلتقيان , وسيعلم الذين يكابرون على تلك الحقيقة أي ندم سيندمون . ميزان القوى يضعنا ضمن مؤشرات بأن ليس هناك مستقبلا عراقيا أفضل طالما أن تلك الاحزاب قد تكفلت بتدمير الارادة الوطنية والحقتنا بخراب بنيوي اجتماعي خطير لذا فان التغيير لن يكون من بوابة ثالثة من انتخابات فصلت عليهم تفصيلا اعلاميا وقانونيا تحت نظام انتخابي يحفظ لهم النفوذ والسلطة , والخلاص الحقيقي يكمن فينا وفينا فقط فأن خرجت لتعطي صوتك فعليك ان تعطيه لمن يستحقه عراقيا وان تشابه المرشحون عليك ولم تستطع ان تميز الصالح من الطالح والنافع من المنتفع ما عليك الا ان تغرس اصابعك بتراب طاهر من ارض العراق وخذ بكفيك حفنة من ذلك التراب واعبق منه ليدخل الى صدرك وروحك فان اخذتك العبرة على وطنك وسال دمعك فاعلم انك اصبحت قادرا على الاختيار فان لم تجد من يستحق وهذا هو المرجح فسيصبح لزاما علينا ان نخرج جميعا ونبايع وطن اسمه العراق وعند ذاك لن يكون علينا ان نلون بذلك الحبر الزائف اصابعنا وانما بالذي جعله الله يسري في عروقنا ” الوطن يستاهل والعراق يستاهل ” .

أحدث المقالات