أشارت أنباء الى قيام عدد كبير من النواب بالسفر لاداء فريضة الحج هذا العام … وهناك من تساءل بإستغراب عندما سمع بذلك …هل ( حج النائب ) هو امتياز خاص للنائب العراقي ، يضاف لما يتمتع به من امتيازات ، مادية ، واعتبارية ، وأمنية ( حمائية ) ، وحصانة برلمانية …
ولكن هناك من يرى أنه لا يعني شيئا الأن الاعلان عن هذا الموضوع ، بعد أن يكون ( الحجاج النواب ) قد وصلوا الى الديار المقدسة ، وباشروا باداء مناسك الحج والعمرة ، وإنقطعوا عن عالم السياسة ، وابتعدوا عن الاخبار التي لا تسرهم ، ويكون الناس قد انشغلوا بالعيد والعطلة وزيارة القبور والاهل والاصدقاء ، وحصول احداث جديدة في البلاد تطغى على ذلك الموضوع ، وعندها يكون كل شيء قد انتهى عند عودتهم ، وأصبح في خبر كان …وتساءل أخر ….. هل يخضع ( حج النائب ) الى القرعة ، والحظ والنصيب ، والانتظار سنوات طويلة ، قد لا يحالفه الحظ فيها ، والسفر مع هيئة الحج والعمرة ، أم هو خارج النسبة المسموح بها للعراقيين سنويا ….؟…
وبحساب النسبة والتناسب يظهر كم هو العدد كبير ، فبينما اختارت القرعة من بين أكثر من ثلاثين مليون عراقي نحو 25172حاجا في هذا الموسم اشارت انباء الى أن عدد (الحجاج النواب) بالعشرات ( اكثر من 70 نائبا ) حسب أحد التصريحات التي نقلتها هذا اليوم من بين ( 328 ) مجموع عدد اعضاء البرلمان .. فيما اشارت أنباء سابقة الى ان عددهم ( 100 ) نائب … فهل لدى البرلمان رد على ذلك يوضح فيه الحقيقة للشعب حول العدد الحقيقي ، وكيف حصلوا على الموافقة …فهو المعني بالأمر.. وانعكاس غياب هذا العدد على عمله … واذا لم يكن مهما معرفة الوسيلة التي حصل من خلالها ( النائب الحاج ) على موافقة السفر ، بما في ذلك عن طريق ( تأشيرة المجاملة ) التي تمنحها المملكة العربية السعودية للشخصيات السياسية وغيرها ، فأن ما يثير الاستغراب هو سفر هذا العدد الكبير ، ، في ظروف غاية في الصعوبة ، سواء بالنسبة للبرلمان الذي يعيش أزمة واضحة ، تعصف به منذ عملية استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي ، وبعده وزير المالية هوشيار زيباري ، الذي لم يحسم أمره بعد ، أو ظروف العراق عامة من الجانب الامني ، والوضع الاقتصادي والحرب مع داعش على جبهات متعددة ، ومعاناة النازحين ، والعاطلين والفقراء والايتام وعوائل الشهداء ، بحيث أدى غياب هذا العدد الى التأثيرعلى جلستي يومي الثلاثاء والخميس وتأجيلهما ، اضافة الى وجود نواب اخرين في ( كافتريا ) المجلس ، لم يدخلوا قاعة الاجتماع ، وسفر أخرين الى خارج العراق … فتعطل النصاب القانوني .. لقد فرض الله الحج على المسلم مرة واحدة في العمر لمن استطاع ، وما زاد على ذلك يُعد تطوعا ، على خلاف فرائض وعبادات اخرى تمارس يوميا وفي الحياة باستمرار ..
والاستطاعة لا تعني تقديم هذه الشعيرة على واجبات أخرى يراها المسلم اكثر أهمية في ظرفها وموجباتها الآنية ، ما دام بامكانه أن يؤجل الحج الى موسم أخر ، كما حصل مع ( علي أبن يقطين ) ، العالم والوزير ، وقصته المعروفة …..فهو رغم ما كان يتمتع به من نفوذ وجاه وسلطان ومال كثير لكنه آثر غيره على نفسه ، وأعطى متاعه ، وما بحوزته من مال معه لرحلة الحج الى أمراة فقيرة تتكفل ايتاما وأجل الحج الى وقت أخر ، بعد أن وضعته هذه المرأة في موقف لا يتكرر ، بينما الحج يتكرر عاما بعد أخر ، ولا ينقطع الا بالاجل المحتوم .. فكان إبن يقطين أمام موقف استذكر فيه واجبه الانساني ، وموقعه ومنزلته العلمية والدينية ، وعرف أن حسابه يكون على قدر ذلك… ولذلك اتخذ ما يناسبه ونجح بامتياز.. وفاز بالموقفين معا .. ( الانساني والروحي ) وأدى موقفه الحج نيابة عنه ، وإستحق أن يقول عنه الامام الصادق ( ع ) قولته المأثورة بعد زيارة الحجاج له وعرض ما شاهدوه عليه ( ….. ما حججت إلا أنا وناقتي وعلي إبن يقطين ..) …
فاين هذا الموقف من مواقف أخرى يتصرف أصحابها وكأن الحج عندهم عادة وليس عبادة ، أو عندما أو لا يقدمون تضحيات ، ومواقف متميزة تناسب ( مقاساتهم ) في المسؤولية بكل درجاتها ومسمياتها ، أويتناسون أن هناك فقراء يعيشون على ما يجدونه في القمامة ، ومتعففين ، ونازحين يفترشون الارض ، ويلتحفون السماء وبلدا ينزف دما وألما يوميا … أن أهم ما في العمل أن تطمئن الى صوابه … والقلب دليل الانسان الى معرفة الصواب من الخطأ قبل القانون والتعليمات والضوابط …. والبر ما اطمئن اليه القلب ..