لحسن حظ حزب البعث البائد أنّ ثلاثة من (الدعاة) إختارتهم الصدف لقيادة البلد، فجائت النتيجة لصالحه؛ إذ إنّ مقاسات البعث والدعوة متطابقة، وهم من جنس فكري واحد.
الحزبان تأسسا بظرف زماني ومكاني متقارب، رغم التقاطعات الجوهرية، تعتمد ذات الطريقة الأدائية وذات الوسائل في المطارحات (الفكرية) المنسجمة مع عقلية البسطاء، والمنعكسة لاحقاً على الممارسة السلطوية التي كشفت إنّ الحزبين عبارة عن كائنات مهجّنة غير قابلة للتطور وليس لها القدرة على مواكبة حركة الحياة، فأقصى درجات الرقي التي وصلتها؛ إنها أصبحت أحزاب سلطة، وبلغت شيخوختها؛ مات البعث العراقي، وأتاحت الديمقراطية الناشئة بعد موته للدعوة موتاً سريرياً على مستوى الفكر والعطاء المفقود أساساً، بينما بقيت خلايا تلك الجثة المسجات تحاول إثبات حياة ذلك الكيان من خلال التشويش والصياح الذي يمارس عند القوة، والأعتراف على طريقة “أنا وأعدائي معاً” عند الضعف.
يروّج حزب الدعوة والمرتبطين به على إن ظاهرة الصياح، هي عملية إصلاحية نابعة من حرصهم على مصالح الوطن، بينما مبدأ “العليّة” يصنّف صياحهم “الإرادي” محركاً فاعلاً لعلة الأزمات التي تحتاج إرادة عاقلة لصناعتها. فالإصلاح والتطوّر, يحتاج أسس قوية تشكّلها البيئة السياسية الهادئة والإدارية المناسبة للعصر والضامنة للوصول إلى الطريق المؤدية إلى العدالة الإجتماعية.إنّ الحزب بعد تجربة عشر سنوات, أثبت إنّ إرادته العاقلة تخطط وتنفّذ ما يضمن البقاء في السلطة, وهذا يستدعي إستغلال المال وإستغفال الناس, لمقاومة أي هدوء سياسي وصلاح إداري وسلم إجتماعي؛ ففي هذه البيئات المتخلفة فقط, يستطيع الدعاة ديمومة وجودهم..!