23 ديسمبر، 2024 9:01 م

القيادة السياسية العراقية بين الامس واليوم 

القيادة السياسية العراقية بين الامس واليوم 

بنظرة واحدة الى الواقع العراقي وكيف تدار العملية السياسية سنجد قصور وتخلف كيبر فيها وعدم وضوح الرؤى والفهم الصحيح لدى قيادات الاحزاب والكتل السياسية وهذا ناتج لقلة المعرفة العلمية والثقافية لديها وعدم الفهم لطبيعة وخصائص المجتمع وشخصية الفرد العراقي وبالتالي فان عدم الفهم للواقع ادى الى قرارات سياسية خاطئة كان لها دور كبير في انقسام الشارع العراقي على نفسه وتمزيق اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي للشعب فلم تتمكن القيادات السياسية العراقية من تقديم رؤى وخطط واضحة لحل المشاكل السياسية وايقاف نزيف الدم العراقي ومحاربة الفساد والمحسوبية والرشوى ولم تتمكن اي جهة او حزب سياسي من تقديم مشروع ينهي الخلافات والصراعات الدموية بين الاحزاب ومشاريع اقتصادية تساهم في القضاء على البطالة بين الشباب . 

بل الطامة الكبرى بان هذه القيادات لاتعرف ولم تقرأ تاريخ بلدهم جيدا لفهم الماضي وعلاج الواقع واسشتراف المستقبل فبدلا من تقديم الخطط والرؤى والأفكار للتطوير وتنمية الاقتصادية العراق والقضاء على الامية والجهل والتخلف اصدرت قرارات سياسية خاطئة ادخلت الشعب في صراعات دموية احرقت الاخضر واليابس،ومما زاد الطين بله انتقال الصراعات والخلافات الحزبية الى طبقات واطياف المجتمع وغذتها بعض القيادات السياسية من اجل مصالح الشخصية والحزبية فدخل الشعب في حروب “لاناقة له فيها ولاجمل” وكان الخاسر الاكبر فيها ابناءه فقد قتلت الحروب والنزاعات الملاييين ورملت الملايين من النساء ويتمت الملايين مثلهم من الاطفال على اثر تلك القرارات الخاطئة    فكانت نتيجة تلك القرارات السياسية الخاطئة والصراعات الدموية تصدر العراق الترتيب العالمي في التخلف والجهل والامية والتلوث البيئي والاكثر دموية بين دول العالم بعد ان كان ينعم بالامن والامان والسلام بعد ان كانت له تجربة اقتصادية كبيرة يعرفها القاصي والداني وتعليم راقي وانتقل البلد بفعل هذه القيادات من سيء الى اسوء ولم يشهد العراق على مر تاريخه فترة اسوء من هذه الفترة ولا قيادات اسوء من هذه القيادات السياسية الموجودة الان . 

  تعال معي ايها القارئ الكريم كي نستدعي التاريخ للفهم والاستفادة منه في واقعنا يعتبر العصر الذهبي للعراق في السبعينات حيث شهدت طفرة نوعية ونهضة اقتصادية خلال فترة قصيرة جدا كان ذلك بسبب تاميم النفط العراقي عام 1972الامر الذي ادى الى سيطرت الحكومة العراقية على مواردها النفطية و ارتفاع العوائد المالية بصورة كبيرة ،استخدمت لتطوير وتنمية الاقتصاد فحصل تقدم في القطاع الصناعي ،وادخلت صناعات جديدة منها الحديد والصلب والببروكيمياوات والاسمنت ،وفي القطاع الزراعي ادخلت محاصيل جديد وادخل انظمة زراعية جديدة منها المزراع الجماعية ومزارع الدولة ، كما تحسن الوضع المعاشي والصحي في الارياف اما في القطاع النفطي اكتشفت ابار جديدة ساهم في رفع الاحتياطي النفطي واصبح العراق يصدر 3.6 مليون برميل يوميا في عام 1979 انعكس هذا التطورالاقتصادي على الجانب الاجتماعي فارتفع اعداد المدراس والطلبة والمعلمين والاساتذة بصورة كبيرة وتم اطلاق الحملة الوطنية الكبرى للقضاء على الامية وتمكن العراق في عام 1979من القضاء على الامية وتحسن الوضع المعاشي والصحي للمواطنين وارتفع دخل المواطن.     

الكثيرمنا يعرف هذه التجربة العراقية الناجحة ولكن السؤال ماهي اسباب هذا النهضة الكبيرة وكيف استطاع العراق ان يحقق هذه النهضة بوقت قصير … ؟   من اهم اسباب النهضة العراقية في السبعينات هي القيادة العراقية الحكيمة التي تمتلك رؤية وهدف واضح لعلاج مشاكل الواقع والنهوض بالاقتصاد نحو الافضل حيث ادركت بان تطوير وتنمية الاقتصاد بحاجة الى الاموال للازمة للنفيذ الخطط التطويرية وبالتالي يجب تحرير الاقتصاد العراق من السيطرة الاجنبية وتاميم النفط من الشركات الاجنبية الاحتكارية ولكن هذا الامر ليس بالسهل خاصة معرفتها بقوة هذه الشركات ونفوذها داخل الدولة فكان لابد لها من تهيئة الاجواء السياسية المناسبة والقضاء على الخلافات السياسية بين الاحزاب من اجل الاستقرار السياسي ، فشكلت الجبهة الوطنية التقدمية من حزب البعث والشيوعين والكردستان وبذلك اصبح لديها قوة سياسية موحدة كان لها دور في حشد الشارع العراقي من خلال توعية الشعب بحقوقه وحقوق بلده والاستغلال الذي تمارسه الشركات الاحتكارية النفطية من نهب للثروات واهدار جزء منها فخرجت المظاهرات في شوارع بغداد تطالب بتاميم النفط وبذلك امتلك الحكومة العراقية القوة لمواجهة الشركات الاحتكارية ودخلت في مفاوضات مع الشركات النفطية الا ان اصرار وتعنت الشركات النفطية ادى الى توقف المفاوضات فقامت الحكومة العراقية بتاميم النفط العراقي في عام 1972 الامر الذي عادة على العراق باموال طائلة استخدمتها في تنفيذ خططها التنموية فتحقق النهضة الاقتصادية وانعكس على الواقع الاجتماعي وتحسن الاحوال المعشية والصحية وارتفع الدخل المواطن . السؤال هل تعلم السياسين والشعب من تاريخهم وادركوا بان الوحدة السياسية تحقق للبلاد التنمية والتطور الاقتصادي.؟
 ان اهم سبب في انتصار العراق في معركته ضد الشركات النفطية الاحتكارية رغم نفوذها وقوتها هو الاتفاق السياسي بين الاحزاب وتنازل الاطراف عن مصالحهم الشخصية من اجل قضية مصيرية تخص البلاد هي تحرير الاقتصاد العراقي من السيطرة الاجنبية وانعكس هذا الاتفاق على الشارع العراقي فتوحد الشعب ايضا فخرجت المظاهرات المنددة بالسيطرة الاحتكارية وتطالب بتاميم النفط وبذلك اصبح قوة الشعب والاحزاب السياسية بمواجهة قوة الشركات وكانت النتيجة تحرير الثروة النفطية وبالتالي تحقق للعراق اهم جزء في النهضة هو الاموال اللازمة لتنفيذ برامج وخطط التنمية والتطوير فحصلت الطفرة النوعية في الاقتصاد العراقي فسميه بالعصر الذهبي للعراق .