17 نوفمبر، 2024 11:21 م
Search
Close this search box.

نقش على الماء

نقش على الماء

ماتزال نسبة الاقبال على تحديث البيانات الانتخابية ضعيفا في بعض المناطق ومعدوما في مناطق اخرى ، في الوقت الذي يحرص فيه المسؤولون على تحديث بياناتهم كوسيلة اعلامية لهم وللتشجيع على خوض الانتخابات كونها الوسيلة الافضل لاصلاح مواطن الخلل في العملية السياسية وللسعي الى بناء العراق بعد تدميره بمعاول الفساد والاخطاء السياسية الفاحشة ..
يذكرني سلوك المسؤوليين بذلك الرجل الذي جد اولاده كثيرا وجازفوا بحياتهم وهم يغرفون من خيرات ( الفرهود ) حتى ملأوا خزانته الخشبية القديمة بالرزم المالية التي يصعب عدها بعد بيع غنائمهم ..وحين طلبوا من والدهم استغلال هذه الاموال في شراء سيارات لهم ليعملوا فيها بدلا من السيارات المسروقة التي باعها رفض ، كما رفض طلبهم منه ترميم المنزل وشراء اثاث جديد ورفض مساعدتهم على الزواج ..عندها سألوه عما ينوي فعله بالمال فقال لهم انه سيشتري لهم سيارة واحدة فقط وسيحتفظ بالباقي ليحج به الى بيت الله الحرام في الموسم المقبل معتقدا ان الحرام سيصبح حلالا ..
يعول مسؤولو العراق اذن على الانتخابات من جديد لتمحو افعالهم الماضية كما يعولون على عودة العديد من العراقيين لاختيارهم عملا بمبدأ ( الذي نعرفه خير من الذي لانعرفه) او لأتضاح اجنداتهم التي مازالت تداعب توجهات بعض العراقيين كاللعب على الوتر الطائفي او الدعوة الى الاصلاح وماشابه ، وقتها ، يصبح الحرام الذي انتهجوه طوال الدورة الانتخابية المشرفة على الانتهاء حلالا حين ينجحون بتبرير افعالهم للمواطنين ولن يكلفوا انفسهم بمكافأة من انتخبهم …
في بلدنا ، لدينا الآن اتجاهين …اتجاه تحركه الافكار المتطرفة والتعصب الطائفي والمصالح الفردية واتجاه آخر ينادي بالافكار الخلاقة ويرفع
الاصلاح والتغيير شعارا له ، واذا كان الجهل يرافق الاتجاه الأول لانه لايقود الا الى طرق مسدودة فالاتجاه الثاني يودي الى المجهول لأن ” كل حديث عن الاصلاح السياسي مع الابقاء على المنظومة المعرفية القديمة والمفاهيم التقليدية انما هو نقش على ماء ” كما قال المفكر السوري جورج طرابيشي ، ونحن اعتدنا مع كل انتخابات ان نرى نفس الوجوه مع سماع تصريحات جديدة منهم لكنها تظل مجرد تصريحات ووعود كاذبة في الوقت الذي يواصل كل منهم السير على نهجه المعروف لكن الغاية تبرر الوسيلة بالتأكيد ولاضير من بضعة تصريحات تعد ببناء عراق جديد خال من الطائفية والتعنصر والفساد والمصالح والولاءات الخارجية ..انهم ينقشون على الماء اذن ، فنحن ندرك جيدا ان لاشيء من وعودهم سيتحقق ولن يحدث أي اصلاح سياسي ماداموا يحملون نفس المفاهيم …
مع ذلك ، قد يزداد الاقبال على تحديث البيانات الانتخابية في الفترة المقبلة فنحن الخارجون من عهد دكتاتوري بامتياز ، مازلنا نعتقد ان الخلاص في الديمقراطية ، ولكن الخلاص الذي ننشده لن يتحقق بديمقراطية شوهاء تحركها مصالح السياسة والدين والوجوه المكررة التي اعتادت ان تختزل الديمقراطية في مجرد (صناديق اقتراع ) …

أحدث المقالات