أرى أنها لحـظة هامة في تاريخ ( اللعبة السياسية ) .. تلك التي دارت فصول مسرحيّـتها في أروقـة ( وكر الأفاعـي ) .. المُسمّى البرلمان الـعراقي .. و التي أنجلى ضجيجها عن أقالـة وزير الدفاع خالد الـعبيدي .. و أصدار قانون العفو العام ..!!
أثبَتَ سليم الجبوري ، زعيم الأفاعي ، أنهُ رقم لا يُستهان بهِ .. من أرقام اللعبة السياسية ..!
بعد أحتدام المنازلة .. التي جرت وقائعها أثناء جلسة أستجواب الـوزير العبيدي .. بينهُ و بين الجبوري و بطانته .. كان قانون العفو العام لا يزال محل جدل و مطمطة بين الكُتل و روؤسائها و الرؤوس الأخرى اللاعـبة في السيرك العراقي ..!
ذهبَ سليم الجبوري برجليه و سياراتهِ ( لـيُسلّم ) نفسهُ تحت رحمة الـقضاء العراقي ألذي لا يرحم ..!! لدرجة أعتقال صبي ( فاسد ) و الحكم عليه بالسجن سنة كاملة .. لأنهُ سرَقَ حفنة باكيتات مناديل ورقية في المحافظة الأفـقر في البلد – السماوة – ، سداً لـرمق جفَّ من وراء لصوص كبار يخوضونَ بدمائنا و جيوبنا منذ أكثر مِن عشرٍ عِجاف ..!
القضاء العراقي لم يرحم الجبوري ، للحد الذي عطّلهُ 50 دقيقة .. و بعد ( جهود قضائية ) مُضنية .. و بعد أنتهاء مسرحية تبويس اللِحى و الأيادي .. خرجَ الجبوري رافعاً راية النصر على خالد العبيدي ..و على كل المُشككين ( بنزاهتهِ ) .. مكتوب عليها – عدم كفاية الأدلة – ..!
لتأتي بعدها مسرحية رمي العبيدي ( المُشاغب ) .. خارج اللعبة و التي لم يُجيد العبيدي أمساك خيوطها و ألغازها ..!
لكن مالعمل و وكر الأفاعي مُنقسم بين حانة و مانة ، بشأن أقالة العبيدي و أصدار قانون العفو العام …؟؟
شدَّ سليم الجبوري الرِحال الى مَن بيده الحل و الربط و القرار .. الى طهران – الشقيقة – ، عشيّة التصويت على القرارين .. أقالة العبيدي و تمرير قانون العفو العام .. متـأبطاً ذلَـهُ و خيانتهُ للأمانـة التي أوكلها له ( الشعب ) ، و أذا في اليوم الثاني مباشرةً ، يستوي البرلمانيون على الأرائك في سُررٍ متقابلة ..! لينجح قانون العفو العام في العبور من النفق المُظلم ألـذي قبعَ فيه سنوات طويلة .. الى النور بكل أريحية و سلاسة ..! حتى يُصفّق الناس للعفو .. و يتغاضون عن تُهم الفساد التي رُميَت بوجه الجبوري و ( رفاقـهُ ) .. و ليبدأ الوجه الثاني لصفقة طهران .. أقالـة العبيدي ..!
هنا لابد من التذكير بالزواج الكاثوليكي بين حركة الأخوان المسلمين ( سليم الجبوري ) و حزب الدعوة الأسلامي ( نوري المالكي ) .. حزب الدعوة ألذي رضعَ من حركة الأخوان أسسهُ التنظيمية و العقيديّة عند التأسيس ..!
و نذكّر بالزواج العُرفـي بين نظام ولاية الفقيه و كلٍ من حركة الأخوان و حزب الدعوة ..؟؟ بحيث أستلهم الخميني عنوانهُ الديني ( المُرشد الأعلى ) مِن العنوان الديني لزعيم الأخوان حسن الـبنّا ..!!
فجاءت الأقالـة للعبيدي أيضاً بكل سلاسة و أريحية .. رغم أن ما أثارهُ العبيدي من تُهم فساد للجبوري و رهطه ، يحتاج شهور للتحقق منها .. وفي المُقابل لم تـتأكد أي تهمة فساد على العبيدي .. لحد اللحظة ..!!
أثبتت هذه اللعبة الوسخة ان أيران هي مَن تقف وراء أستمرار هزال و تفكك المؤسسة العسكرية العراقية .. بعد أن بدأها الـسفـيه بريمر الحاكم المدني بعد أحتلال الأمريكان للعراق .. و هي أي أيران التي دعمت بيدقـها المالكي لـيُمعن تمزيقاً و تسفيها لتلك المؤسسة العريقة .. لدرجة أن أسم ( الجيش العراقي ) أختفى من الخطاب السياسي و الأعلامي .. ليحل محلّـه تسمية القوات الأمنية .. و كذلك أمعاناً من نظام أيران في الأنتقام منها على وقع هزيمتها ( المسمومة ) في حرب الثمانينات ..!
و الغريب في المشهد المُضحك المُبكي .. أن آخر الطعنات من الخنجر المسموم في ظهر المؤسسة العسكرية ، الذي يمسك الولي الفقيه قبضته و يمسك المالكي نـصلهُ .. هي تسليم أربع محافظات عراقية الى تنظيم داعش الهمجي الأرهابي ، في سويعات .. و رغم هذه الجريمة الوطنية الكبرى .. يبقى المالكي و توابعهُ يتربّعون على عرش الفساد و الخيانة الوطنية و يبقون خارج قضبان المحاسبة و الحساب .. و يتمتع هو و زبانيته بكامل الحرية و السفاهة ..! لـيُقال الوزير العبيدي ألذي سعى لأعادة شئ من الهيبة و الـقيمة للمؤسسة العسكرية أثناء أستيزاره لحقيبة الدفاع .. و أحرزَ و أحرزت معهُ المؤسسة العسكرية .. نجاحات واضحة تجلّـت في تحرير عدد من المدن العراقية من أنياب داعش .. أهمها الرمادي و الفلوجة ..!!
نحنُ أمام مهزلـة كُـبرى يندى لها جبين كل عراقي شريف .. تؤكّد بما لا يقبل الشك أن التداعيات و المهازل المتفرعة عنها .. ستستمر .. مالم يصحى الشعب من سُكـرتهِ الطائفية و العرقية .. لـيكنس هذه المزابل التي ملأت حياتنا طيلة السنين السوداء و الحمراء الماضية ..
ملأتها عفونة و فساد و دماء .. و تراجع حضاري و مجتمعي ..! و أرى أن الصحوة بدأت تباشيرها تظهر في المواقف الشعبية ، ترافقها زيادة و تصاعد في الوعي الجمعي باتجاه التغيير ..!
و عودُّ على بدء .. هذه ( الغزوة ) البرلمانية الفاسدة .. هي لحظة مهمة في مسيرة البلد و الناس .. ستكون بداية لأنهيار منظومة الفساد و الطائفية التي نخرت كالسوس .. كل شئ جميل و راقي و متحضّر في عراقنا و بنيتهِ الأجتماعية و منظومتهِ الـقيَـمية ..! لأن اللصوص و الفاسدين عندما يختلفون و يُفضَـح أحدهم .. سيشتغل مبدأ ( عليّ وعلى أعدائي ) ..!! و ما حصل في جلسة أستجواب وزير المالية هوشيار زيباري قبل يومين .. يُشـير الى أن التغيير قادم ، ولو بعد حين .. و أن الليل سينجلي عن صُبح مُشرق …!
[email protected]