22 نوفمبر، 2024 6:40 م
Search
Close this search box.

وما أظنني، لو سمحت، ياوطن آبائي وأجدادي: إلا أني أحلم، ولست عارفا عليما

وما أظنني، لو سمحت، ياوطن آبائي وأجدادي: إلا أني أحلم، ولست عارفا عليما

“رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”.
   إلى من يطلب العلياء والاصلاح في بلدي، عليه أن لا يطرق اجراس اليأس والقنوط، وبدلا من ذلك الأحرى به أن يطرق أبواب التواصل والتتابع، والإنشداد والامتداد، والأمل والرجاء، والتظاهر والتجاهر، حتى تتفتح تلك الأبواب على جميع مصاريعها، ولا ينبغي أن نقول كما يقول الآيسون والمتأزمون: أنه لا إصلاح ولا أمن ولا أمان ولا خدمات ولا كهرباء ولا نزاهة ولا عدالة ولا زراعة ولا صناعة في هذا البلد.
   علينا أن نمضي جميعا ونطالب بالاصلاح والتغيير مازال أن فينا عرق ينبض ونفس يتأوه، وطالما أن معظم شبابنا يشكلون طابورا طويلا من العاطلين عن العمل والغائبين عن الحضور، وأن فيلق اليتامى والارامل قد فاق التصور في حجمه، وبما وصل اليه من أعداد مريعة من هذه الشريحة التي يشوبها العوز والمرض والحرمان ويطويها الفقر والنسيان، وفيلق آخر من المهجرين والنازحين يجوبون الفيافي والوديان، والغربة والوحشة والهجران، من أجل ذلك بات لزاما علينا أن نمضي قدما بمواصلة الطريق المؤدي للمطالبة بالاصلاح والتغيير، وإن كان شائكا ووحشا وبعيدا، وعلينا أن نصبر ونجاهد ونكافح ونكسر ونحطم جميع القيود التي طوقت نفوسنا قبل أن تلتف حول اعناقنا ومعاصمنا، كما أن طبيعة هذه الطرق لم تكن في يوم من الأيام معبدة، ولا مفروشة بالورود والرياحين، ولا بعض من نفوسنا هي الاخرى قابلة للتغيير حتى يتم التغيير وينجز الاصلاح، وأن نصحح ماجنت أيدينا من عدم التمييز مابين الغث والسمين عند الحضور يوم الانتخابات.
   إن من أهم المرتكزات المتعلقة بالاصلاح والتغيير هي محاربة الفساد والقضاء على المفسدين وعرضهم على القضاء لينالوا جزاءهم العادل، والعمل على استعادة الأموال المنهوبة والمختلسة والمسروقة لخزينة الدولة من خلال الاتيان بهيئات تحقيق دولية متخصصة بالتحقيق بقضايا الفساد وفق المفاهيم والوسائل العلمية الحديثة المتطورة التي توصل إليها العالم، والتي ما من شأنها لو استقدمت فإنها بكل تأكيد سوف تساند وتؤازر النزاهة والقضاء العراقي بتقديم الخبرات وتطوير طرق التحقيق والتدقيق بحسب المعاصرة المتوفرة.
   بات كذلك أنه لا بديل للسكوت عن هذا المطلب إلا إذا أريد بهذا السكوت التقسيم، وهذا التقسيم إن حصل فهو الذي يقطع اوصال العراق ويجعله لقمة سائغة يسهل مضغها وإبتلاعها بسهولة فائقة، شأنا أم أبينا، وهو الدور الذي مهدت له داعش ومن قبلها القاعدة والأعراب، تنفيذا لمآرب وخطط بني صهيون القاضي بابتلاع دول الشرق الأوسط والدول المجاورة والممانعة للكيان الصهيوني وآلته اسرائيل إلى ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير.  وعند التقسيم سيتم التناحر والتناكر ولتهاجر والتقاتل على شكل صراع مسلح،”عربي-كردي” وآخر”سني-سني” وثالث”شيعي-شيعي”، ومفصلي”سني-شيعي”، واجتماعي”حكومي-عشائري” و”عشائري- عشائري”وعقدي سياسي”حزبي-حزبي”و”منظماتي-منظماتي” وسيقدم هذا الشعب حينذاك تضحيات بشرية ومادية لا طائل لها ولانظير، حيث ستطول قافلة الشهداء إلى ما يزيد على المليون شهيد، أما مجمل الأموال التي ضاعت وستضيع بين مستنزف ومسروق لو عدت فتعد بمئات المليارات من الدولارات.
  لكن كل هذه الأمور والتوقعات مرهونة بظروف العراق في مرحلة ما بعد داعش وبطبيعة الظروف السياسية والإجتماعية والأمنية والاقتصادية التي ستسود العراق ويرضخ لها الشارع العراقي عند ذلك الحين، وعلى العموم فإن عامة الأجواء لمرحلة ما بعد داعش في العراق لا تكون بعيدة عن تدخلات أمريكا ونحن على يقين راسخ من أنها ستدس أنفها وستحشر نفسها في كل شاردة وواردة، وفي كل شيء إسمه عراقي، وفي جميع مفاصل الحياة العراقية وبالاخص الأمنية منها، والتواجد العسكري، بدالة أن هذا الإندساس ظهرت ريحه من خلال ظهور ملامح إنشاء قواعد عسكرية أمريكية على الأرض العراقية كما هو الحال في التمهيد لاقامة أحدى القواعد الأمريكية في مطار القيارة العسكري بمنطقة الموصل، بعلامة استقدام مزيدا من القوات الأمريكية ووصولها إلى قاعدة القيارة بهدف تقديم الدعم اللوجستي والفني للقوات العراقية، وبحجة احتمال زجها في تحرير مدينة الموصل بزعمهم، والتي سيصار إلى تمزيقها إلى مناطق متعددة بعد التحرير من قبضة عصابات داعش الإرهابية وبنفس أمريكي خالص.
  قيل ويقال: لو أن العراق وافق على قبول إنشاء قواعد أمريكية في العراق من العام 2010 ما كان لداعش الحول والقوة بإسقاط واغتصاب المدن العراقية واذلال أهلها والتسبب في نزوحهم من ارضهم وبيوتهم، الجواب: إن أمريكا كانت موجودة آنذاك من خلال تواجد قطعاتها العسكرية المسلحة بما لا يقل عن 75 موقع عسكري وجوي في العراق مما تركه النظام الساقط بكامل معداته وأدواته، ومع ذلك استطاعت داعش وبطرق الخيانة والتواطؤ أن تفعل فعلتها باغتصاب الأراضي المشؤوم الذي قطع اوصال البلاد وسبى العباد، ويقال أيضا”والعهدة على القائل”: إن الحكومة العراقية راغبة الآن في أن تكون لأمريكا قواعد عسكرية في العراق على غرار القواعد العسكرية التي تتواجد في اليابان منذ استسلامها سنة 1945 وكانت واحدة من ثمرات هذا التواجد حماية الأراضي اليابانية من آي عدوان خارجي، وأدامة العلاقات الثنائية بين البلدين لعدد من صفقات التدريب المشترك، وعقد الصفقات التسليحية والعسكرية من بينها صناعة طائرة ال أف 15 اليابانية التابعة لشركة ميتسوبيشي المرخصة رسميا لصناعة الطائرات من شركة لوكهيد مارتن لصناعة الطائرات.
  وعلى غرار تواجد حوالي 40 ألف جندي أمريكي في ألمانيا، وأكثر من 50آلف جندي أمريكي في اليابان، حيث لا يزال تواجدهم على الأراضي الألمانية واليابانية قائما لحد الآن، وتواجد 179 قاعدة أمريكية في ألمانيا، و 109 قاعدة في اليابان، وانتشار عشرات الآلاف من الجنود ومئات القواعد في جميع أنحاء أوربا، كما ولا يزال وجود 28 آلف جندي أمريكي في كوريا الجنوبية منذ العام 1957 قائما لحد الآن، فكان كل ذلك وفقا لمعلومات وزارة الدفاع الأمريكية.
  هذا وأن انتشار القواعد الأمريكية في 130 بلد حول العالم يجري على قدم وساق، وإذا ما عدت تلك القواعد فإنها تزيد عن ال 1000 قاعدة تقريبا وفق المصادر العسكرية، ويصل عمر بعض هذه القواعد إلى حوالي ال 50 عاما.
  أما العالم العربي فله السهم الأوفى من تلك القواعد المنتشرة في كل من السعودية وقطر وعمان والبحرين والكويت ومصر والأردن وجيبوتي.
  كما ويوجد الاسطول البحري الأمريكي الخامس في المنامة الذي يخدم فيه 4200 جندي أمريكي، ويضم حاملة طائرات وعدد من الغواصات والمدمرات وأكثر من 70 مقاتلة.
   لم يفت شيء مما قلته، سوى أن اشير إلى أن العراق سيعد نفسه لمرحلة ما بعد داعش بنفض غبار الحرب والتخلص من آثارها، وبافتراض أنه لا يتمكن من انجاز الاصلاحات ولا يستطيع أن يدير عجلة التغيير، فإنه والحالة هذه سيقف حتما على مفترق عدة طرق مفصلية وخطيرة، ولكن أخطرها وأقساها مفترق التقسيم، فهذا المفترق هو الذي يؤمن الأرضية المناسبة للتواجد العسكري الأمريكي على أرض الرافدين، ولكن وحدة العراق وحدها تبدد جميع الذرائع التي تتوسل بها أمريكا لأدامة وجودها وتواجدها العسكري على هذه الأرض المباركة، وأعلنها أنه في ظل عراق ديموقراطي واحد موحد، سننال الثريا بأيدينا ونعانق السماء برقابنا، وما أظنني، لو سمحت، ياوطن آبائي وأجدادي: إلا أني أحلم، ولست عارفا عليما.
  عليه إذا أردنا عراقا ديموقراطيا حرا موحدا مستقلا وذا سيادة وقرار علينا أن نديم حالات المطالبة بالاصلاح والتغيير حتى لو كلفنا ذلك التضحية بالغالي والنفيس، وأن نصحح جميع المعادلات المؤدية لتغيير نتائج الانتخابات وتقويم بوصلتها، ونصحح الدستور نحو تطوير نظام الحكم الى الاحسن بما يحقق تطلعات جميع النخب الاجتماعية والمكونات الاثنية ويضمن حقوقها في العيش الكريم, وممارسة الحياة الانسانية بكل حرية وكرامة, ويرممم العملية السياسية برمتها لصالح الوطن والمواطن. والله ولي التوفيق.
“وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم”.

أحدث المقالات