حينها سأشعر بالخجل ـ وأي خجل ـ لان القضاء سلطة بيدها الامر والنهي وهي حاكمة لا محكومة، كم شعرت وقتها بالخجل حين أصدر (الانتربول) قراره القديم بعدم التعاطي مع مذكرات الاعتقال التي تصدر عن القضاء العراقي بسبب ما يشوبها من ملاحظات اضافة الى اجندات سياسية تجعل الحق باطلا والعكس صحيح. كم شعرت حينها بالخجل وأنا استذكر حمورابي الذي تم اغتياله مرتين: مرة باهماله، واخرى بخيانته خيانة عظمى.
ذكرت ما كتبت وانا اتابع عن كثب مسرحية التوجه للقضاء من قبل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بعد رفع الحصانة عنه في عملية سباق مع الزمن، ساعات قليلة وخرج علينا قرار بعدم كفاية الادلة ومن ثم الافراج عنه.
اتصور أن الموضوع أخذ منحى قياسيا في الوقت وبانت في اجندات توازن القوى الذاهبة الى التسوية بين الجبوري والعبيدي وكل واحد منهم يجلس في منزله و(يا دار ما دخلك شر).
القضاء العراقي تعاطى مع سليم الجبوري بسرعة البرق ساعة او ساعتين بين رفع الحصانة، وعدم كفاية الادلة ثم البراءة.
وهنا نتسائل: هل تم التعامل مع قضايا المعتقلين الابرياء في السجون بنفس سرعة التعامل مع قضية الجبوري، لكان من المفترض الان تحول اعداد من السجون الكبيرة الى ساحات عامة او معامل او شئ آخر يستفيد منه الشعب.
لو كان التعاطي مع قضايا المعتقلين كما الجبوري لملأت آذاننا عبارات (يحيا العدل) واصبحت نشيدا وطنيا يتغنى به القاصي والداني، وحين ذاك نعيش بحق في دولة القانون والمؤسسات.
صحيح ان العدالة في العراق انتقائية، لكن من المفترض الا تكون كذلك حين تتعامل مع السلطة التشريعية التي هي من تسن القوانين وتعدلها.
العدالة في العراق تحتضر بانتظار من ينقذها من سلطة تتعامل بانتقائية الى سلطة تحقق العدالة المطلقة او قريب منها.
ما جرى مع سليم الجبوري لن يكون صورة فريدة بل ستتبعه شخصيات اخرى سيتم التعامل معها بنفس الطريقة وذلك وفقا للاستحقاقات الحزبية الضيقة التي ستودي بالقضاء الى الهاوية.
حينها نقرأ على العراق السلام وعلى قضائه وعلى سلطته التشريعية، ونكبر عليها اربعا، ونختم بقراءة سورة الفاتحة ترحما عليه.